
إسرائيل تواصل مجازرها في غزة… وتناور في المفاوضات
الرأي الثالث - وكالات
في الوقت الذي يرتكب فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم مريعة في قطاع غزة، ضمن حرب الإبادة المستمرة منذ 21 شهرا على الفلسطينيين هناك، والمترافقة مع حصار إنساني وصحي وغذائي،
يعمد وفد الحكومة الإسرائيلية إلى مفاوضات وقف إطلاق النار إلى طرح مشاريع لإفشال التفاوض المستمر منذ الأسبوع الماضي.
وحتى وقت كتابة هذا التقرير قتل جيش الاحتلال 61 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في حصيلة غير نهائية.
ويأتي هذا فيما نقلت مواقع إسرائيلية أنباء عن مقتل 3 جنود على الأقل وإصابة عدد آخر بنيران المقاومة في غزة.
أما في مسار التفاوض، فقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، مساء أمس الإثنين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أقنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنحه أسبوعا إضافيا لإبرام صفقة مع حركة “حماس”.
فلسطينيا، اتهمت حركة حماس نتنياهو بأنه “يتفنّن في إفشال جولات التفاوض، الواحدة تلو الأخرى، ولا يريد التوصّل إلى أيّ اتفاق”.
وقالت في بيان إن “المجرم نتنياهو يزجّ بجيشه وكيانه في حرب عبثية بلا أفق؛ استمرارها لا يُهدّد فقط حياة الأسرى والجنود، بل يُنذر بكارثة على المستوى الاستراتيجي لكيانه”.
وكان نتنياهو قال إنه يوافق على صفقة التبادل “فقط إذا كانت جيدة، أما الصفقات السيئة فلن أقبل بها”.
وفي السياق كشف مصدر مصري مطلع على جهود الوساطة التي تشارك بها القاهرة من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة طبيعة الرد الإسرائيلي على الاحتجاج المصري بشأن خرائط إعادة الانتشار التي قدمتها تل أبيب خلال المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة، وتتضمن سيطرة وانتشاراً إسرائيليين كاملين في محافظة رفح الفلسطينية،
وكذلك الخطط الرامية لإقامة مدينة خيام تستوعب أعدادا ضخمة من سكان غزة برفح.
وقال المصدر المصري إن القاهرة تلقت رداً إسرائيلياً على الاحتجاج، تضمن إمكانية إشراف مصر على إدارة تلك المنطقة المتاخمة لحدودها أو المشاركة بشكل مباشر في إدارتها مع السلطة الفلسطينية التي ستتولى إدارة وتنظيم حياة المواطنين الفلسطينيين في تلك المنطقة، مع إمكانية السماح بوجود السلطة الفلسطينية، بمعاونة مصرية،
إذا كان ذلك سيمثل ضمانة لمصر بعدم تهديد أمنها.
وأوضح المصدر أن الموقف المصري من الرد الإسرائيلي جاء رافضاً، معتبراً أنه استمرار لفرض أمر واقع يخالف الاتفاقيات الدولية،
حيث دفع الجانب المصري، بحسب المصدر، بأن الطرح الوحيد المقبول بالنسبة للقاهرة في هذا السياق هو المحافظة على الوضع الجغرافي الحالي للمنطقة، والسماح للجنة الإسناد المجتمعي بتولي مسئوليتها وإدارة القطاع، ما دامت إسرائيل ترغب في عدم وجود دور لحركة حماس في إدارة القطاع وإنهاء سيطرتها عليه.
وبحسب المصدر، "فإن القاهرة جددت مؤخراً استعدادها لتدريب عناصر الأمن الذين سيتولّون المسؤولية في غزة لضمان انضباط الأوضاع الأمنية والمعيشية، وعدم تشكيل القطاع تهديداً لإسرائيل وتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل له بموافقة كافة الأطراف المعنية".
وأكد المصدر المصري أن الخلاف الأخير بشأن ما أسماه "خطة غزة الجديدة" من جانب حكومة الاحتلال ضاعف حجم التوتر بين الجانبين.
وتهدف الخطة الإسرائيلية لإزاحة سكان غزة نحو جنوب القطاع، واختصار القطاع في المنطقة المحصورة بين محور موراغ في جنوب غزة ومحور"فيلادلفي"، مع تخفيض عدد السكان إلى النصف تقريباً عبر الضغط ودفعهم للهجرة الطوعية والقسرية.
واستؤنفت في الدوحة جولة التفاوض غير المباشرة بين الحركة وإسرائيل، وسط تحركات للوسطاء لتذليل العقبات التي يعدّ أكبرها خرائط الانسحاب التي قدمها الوفد الإسرائيلي والتي لا يقبلها المفاوض الفلسطيني، كونها تقتطع مساحات كبيرة من قطاع غزة تصل إلى 40٪،
وتختلف كثيرا عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وبعد أيام من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، عادت أجواء التشاؤم لتخيم على المشهد السياسي، مع تعثر المفاوضات وظهور خلافات في التفاصيل النهائية.
هذا التراجع في الأجواء الإيجابية يأتي رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الوسطاء، وعلى رأسهم دولة قطر ومصر والولايات المتحدة.
خرائط الانسحاب.. عقبة رئيسية
وتعد أبرز نقاط الخلاف التي ظهرت خلال المفاوضات ترتيبات ما بعد إطلاق النار، حيث لا يزال هناك خلاف حول شكل المرحلة الثانية من الاتفاق، خاصة ما يتعلق بانسحاب قوات الاحتلال وتوسيع دخول المساعدات.
وتعد خرائط الانسحاب المعضلة الأساسية التي تعرقل التقدم في الاتفاق.
وقدم المفاوض الإسرائيلي خرائط لحركة حماس تظهر استمرار سيطرة جيش الاحتلال على 40% من مساحة قطاع غزة، وهو ما رفضته الحركة.
ونقلت القناة 12 العبرية عن مصدرين تأكيدهما أن الولايات المتحدة وقطر أوضحتا لوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، وون ديرمر، أن خرائط الانسحاب التي قدمتها "إسرائيل" في المفاوضات غير مقبولة.
أيضاً قال مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للقناة نفسها: "كل خارطة إسرائيلية تبدو شبيهة بخطط سموتريتش (وزير المالية الإسرائيلي) مع استمرار احتلال مناطق واسعة في قطاع غزة، هي غير مقبولة لدى الرئيس ترامب".
وأمام ضغط الوسطاء أكدت القناة العبرية أن الوفد الإسرائيلي المفاوض في قطر سلم، أمس الأحد، خرائط جديدة بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
ونقلت القناة العبرية عن مصدر مطلع لم تسمه أن تقديم الخرائط الجديدة يأتي "استجابة لطلب من الوسطاء القطريين".
وأوضح المصدر أن القطريين أكدوا أن الخرائط القديمة لا تسمح بتقدم المفاوضات مع حماس، فيما لم يصدر تعليق من الطرف القطري.
وأكدت القناة أنه رغم عدد من العراقيل فإن المباحثات لم تنته، وهي مستمرة من أجل التوصل إلى اتفاق مع حماس.
وبينت أن الفجوة حول نطاق انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة لا تزال قائمة.
تفاؤل أمريكي إسرائيلي
وفي أحدث تصريحات لرئيس فريق التفاوض الإسرائيلي، الوزير رون درمر، قال: "آمل أن نتمكن من التقدم نحو وقف إطلاق نار مؤقت يمكن أن يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم يشمل عدم تبقى حماس في السلطة".
وأضاف درمر، اليوم الاثنين: "تحدثت مرتين، أمس، مع الوفد في الدوحة، ومن المتوقع أن تكون هناك مكالمة أخرى اليوم".
في حين قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأحد، إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة خلال أسبوع.
وأضاف، في تصريحات للصحفيين على مدرج قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند، أن بلاده تعمل حالياً على التوصل إلى اتفاق حول القطاع المحاصر، قائلاً: "نحن نجري محادثات ونأمل أن نتمكن من تسوية الأمر خلال الأيام المقبلة".
الاتفاق متوقع
ويؤكد محللون أن فشل التوصل إلى اتفاق هذه المرة ستكون له كلفة سياسية وأمنية عالية على الجميع، وقد يعمق المأزق الإنساني في قطاع غزة بشكل أكبر. إلا أن وجود ضغوط دولية واستمرار قنوات الوساطة، وخاصة من قطر ومصر والولايات المتحدة، يُبقي احتمال النجاح قائماً.
الخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أكد أن هناك إمكانية حقيقية لعدم انهيار المفاوضات، والذهاب نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكنه شدد على أن العقبة الأساسية التي ما زالت تعيق التقدم هي ما يُعرف بمحور "موراج" وخريطة المنطقة العازلة.
وقال منصور : إن "موافقة حركة حماس على هذه الخرائط تعني عملياً شرعنة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة"، وهو أمر يشكل نقطة خلاف جوهرية لا تزال عالقة".
وأوضح أن هذه الخرائط، التي تشمل إنشاء منطقة أمنية عازلة داخل أراضي غزة، تقابل برفض واضح من حماس، مشيراً إلى أن الوسطاء أنفسهم لا يوافقون عليها، ما يعقد إمكانية إقرارها ضمن الاتفاق النهائي.
وأشار منصور إلى أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير الاتفاق، مرجحاً أن الاتفاق قد يتحرك إلى الأمام، خاصة مع تصاعد الضغط الذي يمارسه الوسطاء، سواء من الجانب الأمريكي أو القطري أو المصري، على الطرفين لدفعهما نحو تسوية توافقية جديدة تنهي الحرب المستمرة منذ شهور.