
منظمات إغاثية تحذّر من أزمة إنسانية حرجة تهدد ملايين اليمنيين
الرأي الثالث
حذَّرت عشرات المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن من تداعيات الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد، مؤكدة أنها وصلت إلى مرحلة حرجة تهدد بدفع ملايين الأسر إلى حافة الكارثة.
وأشارت هذه المنظمات إلى أن الصراع المستمر وتجدد الضربات الجوية، إلى جانب تراجع التمويل، جردت الناس من أبسط مقومات الحياة، وحولت كل يوم إلى معركة من أجل البقاء.
وكشف تقرير مشترك صدر في نداء عاجل وقّعته أكثر من 45 منظمة، بينها منظمة العمل ضد الجوع، المجلس الدنماركي للاجئين (أوكسفام)، ولجنة الإنقاذ الدولية (أدرا)، أن الضربات الإسرائيلية – الأميركية على المدنيين والبنية التحتية المدنية خلال العام الحالي تسببت في مقتل وإصابة ما يزيد على 880 مدنياً،
في وقت يعاني فيه أكثر من 17 مليون شخص خطر الجوع، بينهم 41 ألفاً يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي.
المنظمات الإنسانية نبهت في ندائها إلى التأثير الكارثي لهذه الأوضاع على الأطفال، مؤكدة أن ما لا يقل عن 2.4 مليون طفل يمني دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد، بينهم مئات الآلاف يواجهون خطر سوء التغذية الحاد الوخيم،
وهي حالة مهددة للحياة إذا لم تُعالج على وجه السرعة.
ولفتت إلى أن طفلين على الأقل توفيا خلال الأشهر الماضية بسبب سوء التغذية، وسط توقعات بارتفاع هذه المعدلات خلال الأشهر المقبلة مع استمرار تراجع المساعدات الإنسانية وتفشي الأمراض وتدهور الأوضاع الاقتصادية التي تقلص قدرة الأسر على الصمود.
وأوضحت أن واحدة من كل خمس أسر في اليمن تضطر إلى قضاء يوم كامل دون طعام؛ ما يدفع الآباء إلى حرمان أنفسهم من الأكل لتوفير ما تبقى لأطفالهم الذين ينامون جائعين.
وأكدت أن هذه الممارسات تعكس يأس الأسر من مواجهة الأزمة، وتكشف عن هشاشة الوضع الإنساني.
المرض والفقر
إلى جانب الجوع، سلطت المنظمات الضوء على تفشي الأمراض الوبائية في اليمن، حيث سُجلت أكثر من 58 ألف حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا والإسهال المائي الحاد منذ مطلع العام وحتى نهاية يوليو (تموز)، بينها 163 حالة وفاة مؤكدة.
كما رُصد ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بحمى الضنك مقارنة بالعام الماضي، وسط تحذيرات من أن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى بكثير؛ نظراً لمحدودية قدرات الرصد والاستجابة.
وقالت المنظمات إن اليمن بات اليوم واحداً من أكثر بلدان العالم تضرراً من الأوبئة، وإن العجز في التمويل يعرقل الجهود المبذولة للحد من انتشارها.
نداء المنظمات أشار إلى أن الظروف المعيشية القاسية في اليمن تدفع الأسر الفقيرة إلى تبني آليات سلبية للتكيف مع الأزمة، مثل تزويج الفتيات في سن مبكرة، أو إخراج الأطفال من المدارس والزج بهم في سوق العمل، وهي ممارسات تهدد مستقبل أجيال كاملة.
وأوضحت أن استمرار تراجع الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه يترك آثاراً بعيدة المدى على النسيج الاجتماعي والتنمية المستقبلية في اليمن.
تحديات متعددة
كما لفت التقرير إلى أن التوترات الإقليمية ألقت بظلالها على اليمن وفاقمت الأزمة الإنسانية، حيث شملت الضربات العسكرية الإسرائيلية ومن قبلها الأميركية استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية؛ الأمر الذي ضاعف معاناة السكان وخلّف دماراً واسعاً.
وأشارت المنظمات إلى أن العاملين في قطاع الإغاثة يواجهون هم أيضاً مخاطر متزايدة، بينها تهديدات مباشرة واعتقالات نفذتها الجماعة الحوثية ضد موظفين محليين ودوليين، بمن فيهم موظفون تابعون للأمم المتحدة؛ ما أعاق وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى ملايين المستحقين.
وبشأن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن خلال العام الحالي، أكدت المنظمات أنها تعاني عجزاً حاداً في التمويل؛ إذ لم يتجاوز مستوى التمويل 18 في المائة حتى أوائل سبتمبر (أيلول)، وهو الأدنى منذ عقد كامل.
وأوضحت المنظمات الإغاثية أن الخطة الإنسانية تستهدف 10.5 مليون شخص فقط من أصل 19.5 مليون في حاجة إلى المساعدة؛ ما يعني أن أكثر من نصف المحتاجين لن يحصلوا على أي دعم.
وقالت إن الوضع الراهن أجبر المنظمات على اتخاذ قرارات صعبة، ووصفت الأمر بأنه «أخذ الطعام من الجائع لإطعام من يتضور جوعاً»، في إشارة إلى محدودية الخيارات أمام الجهات الإنسانية.
وفي ختام ندائها، شددت المنظمات على أن اليمن يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالمياً، حيث يقف ملايين اليمنيين على حافة المجاعة، وتتعرض حياة مئات الآلاف من الأطفال للخطر المباشر.
وطالبت المنظمات الدولية بتحرك عاجل لتوفير التمويل اللازم وضمان وصول المساعدات بلا عوائق، محذرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيدفع اليمن إلى مستويات غير مسبوقة من الكارثة الإنسانية.