
غزة تباد: 900 ألف فلسطيني يواجهون خطر الفناء
الرأي الثالث - وكالات
توغلت القوات الإسرائيلية في عمق مدينة غزة، الأربعاء، مما يهدد حياة الفلسطينيين الذين بقوا هناك على أمل أن يؤدي الضغط المتزايد على إسرائيل لوقف إطلاق النار إلى عدم فقدان منازلهم.
وجاء ذلك فيما استمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مجازر مروعة أودت بحياة 84 فلسطينيا في عموم القطاع، من بينهم 50 في مدينة غزة، منذ فجر الأربعاء وحتى وقت إعداد هذا التقرير، حسب ما أكدته شبكة «الجزيرة».
وحذر مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة من أن أكثر من 900 ألف فلسطيني لا يزالون في مدينة غزة «يتمسكون بحقهم في البقاء ويرفضون التهجير القسري رغم القصف العنيف وجرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل».
وكان جيش الاحتلال قد زعم أن 600 ألف من سكان المدينة غادروها.
وأشار المكتب إلى أن الطواقم الحكومية «رصدت تصاعد حركة النزوح باتجاه الجنوب نتيجة جرائم الاحتلال الوحشية منذ بدء جريمة التهجير القسري».
وذكر أن 335 ألف مواطن فلسطيني اضطروا لمغادرة منازلهم تحت وطأة القصف، وأن عدد النازحين خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ أكثر من 60 ألفا.
وأضاف أن الطواقم الحكومية سجلت أيضا حركة نزوح عكسي إذ عاد أكثر من 24 ألف فلسطيني إلى مناطقهم الأصلية داخل مدينة غزة، بسبب انعدام أدنى مقومات الحياة في الجنوب.
وأوضح أن منطقة المواصي في خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، التي يروج لها الجيش الإسرائيلي على أنها «منطقة إنسانية وآمنة»، تعرضت لأكثر من 114 غارة جوية وقصف متكرر أسفر عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني في مجازر متلاحقة.
84 شهيدا في مجازر إسرائيل… ودبابات الاحتلال تتوغل
وتابع: «هذه المناطق تفتقر بشكل كامل إلى مقومات الحياة الأساسية، فلا مستشفيات ولا بنية تحتية ولا خدمات ضرورية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، ما يجعل العيش فيها أقرب إلى المستحيل».
وزاد: «المساحة التي خصصها الاحتلال في خرائطه كمناطق إيواء لا تتجاوز 12 في المئة فقط من مساحة قطاع غزة، ويحاول حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان داخلها».
وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار «مخطط لإنشاء معسكرات تركيز (معسكرات اعتقال)، ضمن سياسة التهجير القسري الممنهجة، بهدف تفريغ شمال غزة ومدينة غزة من سكانهما، في جريمة حرب مكتملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
وقالت وزارة الصحة في غزة، في وقت سابق، إن المشافي استقبلت خلال الـ24 ساعة الماضية 37 شهيدا و175 إصابة جديدة، لترتفع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 65,419 شهيدا و167,160 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
الوضع في المدينة
حلقت طائرات إسرائيلية على ارتفاعات منخفضة فوق أجواء المدينة، فيما لم يفارق الطيران المسيّر الهجومي «كواد كابتر» والاستطلاعي سماءها، وسط استمرار الغارات الجوية والقصف المدفعي العنيف.
وقال شاهد عيان من محيط منطقة السرايا إن محيط سكنه تعرض ليلا لسلسلة غارات جوية، وإن أصوات انفجارات عالية كانت تُسمع من اتجاهات الشرق والجنوب والشمال.
وتحدث عن انقطاع إمدادات المياه عن منطقته منذ أكثر من أسبوع، وعن معاناته في تعبئة جالونات المياه من مناطق بعيدة، وقال: «الوضع كل يوم يتجه للأسوأ، والدبابات الإسرائيلية تقترب من وسط المدينة».
وعمقت قوات الاحتلال من توغلها البري في الأحياء الشمالية والجنوبية ضمن خطة تهدف إلى الإطباق على وسط المدينة بالكامل، وإجبار السكان على النزوح، مع استمرارها في استهداف النازحين في المناطق القريبة من التوغل.
مجزرة البلدية
في مجزرة جديدة، استشهد 20 مواطنا بينهم أطفال عندما قصف جيش الاحتلال منطقة تؤوي نازحين في محيط بلدية غزة وسط المدينة. وأسفر القصف، الذي أحدث دمارا كبيرا في المكان، عن عشرات الإصابات.
وواجهت طواقم الإسعاف صعوبات بالغة في انتشال الضحايا، فيما واجهت الطواقم الطبية صعوبات أكبر في تضميد جراح المصابين بسبب نقص الإمكانيات وكثرة الأعداد التي وصلت إلى مستشفى المعمداني في وقت واحد.
وفي مجزرة أخرى، استشهد خمسة مواطنين وأصيب آخرون بجراح جراء قصف منزل لعائلة الهمص في حي الصبرة جنوبي المدينة. كما ارتقى شهيد في قصف على منطقة اليرموك، وآخر في استهداف قرب مفترق السامر وسط المدينة،
إضافة إلى شهيد في حي التفاح شمال شرق غزة. وأعلن مستشفى السرايا الميداني عن استقبال ثلاثة شهداء وعدد من المصابين جراء استهداف منزل لعائلة الحليمي في حي الصيرة، كما ارتقى شهيدان في قصف طال حي الشجاعية.
ويبدو أن الهدف من الغارات التي تستهدف خيام ومنازل السكان الرافضين للنزوح القسري هو إعدام من يصرّون على البقاء في غزة.
مخيم الشاطئ
تركزت الغارات لليوم الثالث على التوالي على مخيم الشاطئ غرب المدينة، الذي يؤوي عددا كبيرا من السكان والنازحين، في محاولة لدفعهم إلى النزوح القسري.
كما تعرض حي الشجاعية لقصف مدفعي عنيف، فيما نسف الاحتلال مباني سكنية قرب المستشفى الميداني الأردني جنوب غربي غزة، كما قصف الطيران الحربي مقر الإغاثة الطبية المجاور لمستشفى القدس في حي تل الهوى.
وفي وسط القطاع، استمرت هجمات الاحتلال رغم اكتظاظ مناطق النزوح. فقد استشهد أربعة مواطنين في قصف منزل لعائلة خطاب في مخيم النصيرات، فيما ارتقى شهيد برصاص الاحتلال شرق مخيم البريج.
وأفاد مستشفى العودة باستقباله شهيدة و14 إصابة بينهم أربع سيدات وخمسة أطفال، إضافة إلى ثلاث إصابات محولة من مستشفى الشفاء، نتيجة قصف الطائرات الحربية والمسيرة على مناطق مختلفة من وسط القطاع.
كما أصيب مواطن برصاص الاحتلال قرب جسر بلدة المغراقة شمالي المخيم، فيما تعرضت مناطق شمال المخيم لقصف مدفعي رغم إقامة كثير من نازحي غزة خيامهم هناك.
وهاجمت قوات الاحتلال أيضا المناطق الشرقية لمخيم البريج، كما تعرضت الحدود الشرقية لمدينة دير البلح لقصف مماثل.
وفي خان يونس جنوب القطاع، ارتقى ثلاثة شهداء قرب مركز مساعدات الطينة جنوب غربي المدينة، وأصيب طفل برصاص الاحتلال أثناء وجوده في مدرسة إيواء قرب مجمع ناصر الطبي.
أما في رفح أقصى الجنوب، فقد استشهد ثلاثة من الجائعين عندما أطلق الاحتلال النار عليهم أثناء اقترابهم من مركز مساعدات تشرف عليه شركة أمريكية شمال غرب المدينة، وأصيب آخرون.
أوضاع صعبة
تدهورت أوضاع النازحين الذين وصلوا خلال الأيام الأخيرة إلى مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر مع مرور الوقت.
وأكد جهاز الدفاع المدني أن العائلات النازحة من شمال القطاع تفترش الأرض لعدم تمكنها من تأمين مأوى مؤقت بسبب عجزها المادي،
محمّلا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن الظروف المأساوية التي وُضع فيها آلاف النازحين تحت خطر الموت، في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
نداءات استغاثة
أما وزارة الصحة فقد وجهت نداء استغاثة جديد، في ظل التدهور الحاصل، بسبب الحصار والهجمات التي تطال المشافي والمراكز الطبية، وقالت «️أنقذوا ما تبقّى من شريان الحياة في قطاع غزة «،
مؤكدة أن ما تبقى من النظام الصحي في خطر، وأشارت إلى أن تأخر إدخال الوقود، يهدد بتوقف عمل المولدات الكهربائية في مستشفيات غزة وتعطيل الخدمات الصحية.
وأكدت أيضا أن النقص الحاد في وحدات الدم ومكوناته، يضع بنوك الدم في المستشفيات أمام أزمة خانقة تهدد حياة المرضى، ما يعني أن المرضى في غزة يواجهون خطر «الموت البطيء».
وكانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أعلنت عن توقف محطة الأكسجين الخاصة بمستشفى القدس التابع لها في حي تل الهوا، إثر تعرضها لإطلاق نار من قوات الاحتلال الإسرائيلي،
محذرة من خطورة الأوضاع في محيط المستشفى. وأشارت إلى أن المستشفى يعتمد حاليا على أسطوانات أكسجين معبأة مسبقا، والتي تكفي لمدة 3 أيام فقط، ما يهدد حياة المرضى بشكل مباشر،
موضحة أن آليات الاحتلال تتواجد عند البوابة الجنوبية للمستشفى وتمنع الدخول والخروج منه، وقد حذرت من خطورة الأوضاع في محيط المستشفى، ما يهدد سلامة المرضى والطواقم الطبية.
هجمات المقاومة
وتصديا لهجمات الاحتلال، أعلنت «كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، عن استهداف مقاتليها تجمعات الاحتلال في موقع «كارني» شرق مدينة غزة بقذائف الهاون وعدد من صواريخ «رجوم» 114 ملم.
وفي السياق، أعلن جيش الاحتلال، عن إصابة جندي من لواء جفعاتي بجراح خطيرة، في اشتباك مسلح شمال قطاع غزة.
زامير: معظم سكان المدينة رحلوا
قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أيال زامير أمس الأربعاء، خلال جولة وتقييم للوضع في مدينة غزة إن جيشه يعمل في قطاع غزة بقوات كبيرة زاعما أنه يهاجم بقوة ودقة.
وحسب هيئة البث الإسرائيلية العامة، على موقعها الالكتروني، قال زامير: «معظم سكان غزة غادروا المدينة بالفعل، ونحن ندفعهم جنوباً من أجل حمايتهم.
أنا أتوجّه إلى سكان غزة: تمرّدوا وافترقوا عن «» – فهي المسؤولة عن معاناتكم. الحرب والمعاناة ستتوقف إذا أطلقت حماس سراح الأسرى وتخلّت عن سلاحها».