التوغلات الإسرائيلية في القنيطرة... إجرام يومي يُقوّض حياة السكان
الرأي الثالث - وكالات
تشهد محافظة القنيطرة جنوب سورية أوضاعاً معيشية وأمنية معقدة تتفاقم منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسبب توغلات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة، والمضايقات التي ينفذها جنوده في حق السكان.
وتوغلت قوات الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، في قرية صيدا الحانوت في ريف القنيطرة، كما جددت، أمس الأول الخميس، اعتداءاتها على الأراضي السورية،
وأفادت الإخبارية السورية، بأن مدفعية الجيش الإسرائيلي أطلقت ثماني قذائف مدفعية من الجولان المحتل باتجاه المنطقة بين قريتي كوية وقرية عابدين في ريف درعا الغربي.
من مدينة القنيطرة، يتحدث نور الحسين عن واقع المحافظة، ويصفه بأنه "الأصعب منذ عقود نتيجة التوغلات الإسرائيلية المستمرة في مناطق واسعة تقع داخل المنطقة منزوعة السلاح وخارجها.
كان سقوط نظام الأسد نقطة تحوّل، إذ توغلت القوات الإسرائيلية، وسيطرت على مواقع استراتيجية، من بينها جبل الشيخ، وقرص النخل، وحرش باطر خشب، والعدنانية، والتل الأحمر الغربي، وقاعدة الجزيرة في ريف درعا الغربي،
وأعقب ذلك بناء تسع قواعد عسكرية خلال أشهر قليلة، أصبحت مراكز لانطلاق التوغلات، وتنفيذ الاعتداءات على السكان".
ويضيف الحسين: "لا تُستخدم تلك القواعد لأغراض عسكرية فقط، بل كوسيلة لفرض واقع جديد على الأرض من خلال قضم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها الأهالي في عيشهم.
قوات الاحتلال استولت على ما يقارب ألف هكتار من الأراضي، ما يشكّل ضربة قاسية للقطاع الزراعي الذي يُعدّ العمود الفقري لاقتصاد محافظة القنيطرة.
التوغلات باتت حدثاً يومياً قد يحصل في أي لحظة من دون سابق إنذار، وتترافق مع إطلاق نار، واقتحامات، وقطع طرق رئيسية، وتقيم القوات الإسرائيلية حواجز تفتيش على الطرق تمنع مرور المدنيين، وتضيّق عليهم،
ويبقى السكان أحياناً ساعات طويلة عالقين بسبب إغلاق الطرق، ما يعطل حياتهم، ويدخلهم في دائرة دائمة من المخاوف".
ويوضح أن "الوضع الأمني يتدهور مع زيادة عمليات الاعتقال، وحتى اليوم، يُحتجز ما يقارب 44 سورياً داخل سجون الاحتلال، معظمهم من أبناء القنيطرة، وبعضهم من ريف درعا الغربي، ومعظمهم أوقفوا خلال مداهمات ليلية أو الاقتحامات المتكررة،
علماً أن قوات الاحتلال تنفذ عمليات تفتيش داخل منازل المدنيين وسط غياب شبه كامل للسلطات السورية غير القادرة على التدخل في المنطقة منزوعة السلاح".
ويقول محمد العسرواي، وهو مزارع من سكان قرية العجرف بريف القنيطرة "يُحرم المزارعون من الوصول إلى أراضيهم، وقد خسر بعضهم أراضيهم بالكامل بسبب القضم المستمر الذي تنفذه قوات الاحتلال لإنشاء قواعد عسكرية،
في حين يُخاطر آخرون بحياتهم كل يوم للوصول إلى مزارعهم".
ويتابع العسراوي: "الزراعة وتربية المواشي مصدران أساسيان لعيش معظم سكان القنيطرة، لكن التوغلات الإسرائيلية أثرّت كثيراً على هذين القطاعين،
كما أن قلّة الأمطار هذا العام وجهت ضربة كبيرة للقطاع، لكن تظل التوغلات اليومية هي ما تمنع العمل في الأراضي، ويرهق المزارعين. تراجعت المحاصيل في شكل كبير،
وأيضاً تربية المواشي، وتدفع هذه التحديات، إلى جانب ضعف الإمكانات الحكومية وارتفاع تكاليف الإنتاج، الكثير من الأهالي إلى ترك أراضيهم، ما يهدد بأزمة غذائية محلية على المدى القريب".
بدوره، يتحدث عبد الرحمن البكار، وهو من سكان مدينة القنيطرة، عن صعوبات في التنقل داخل المحافظة، ومنها إلى باقي المحافظات السورية بسبب التوغلات المتكررة،
ويقول: "ارتفعت تكاليف التنقل إلى العاصمة دمشق، مع نقص كبير في وسائل المواصلات بين القرى، خصوصاً في المساء، بسبب الخوف من الحواجز الإسرائيلية، أو التعرض لإطلاق النار.
بات معظم السكان يعتمدون على الدراجات النارية أو السيارات الخاصة، ما يزيد الأعباء المالية على العائلات الفقيرة".
وعلى صعيد القطاع الصحي، يوجد مستشفى واحد في محافظة القنيطرة، هو مشفى الجولان، والذي يعاني من نقص في الكوادر والتجهيزات، ولا يستطيع تلبية احتياجات عشرات آلاف السكان.
ويفيد الأهالي بأن قوات الاحتلال تحاول تقديم مساعدات غذائية وخدمية للسكان، لكن غالبيتهم يرفضونها، باعتبارها محاولة لفرض الوجود الإسرائيلي،
رغم الحاجة الماسة لكل أشكال الدعم، سواء الغذائي أو الصحي أو الخدمي، كونهم يعيشون في ظروف صعبة قد تتفاقم في حال استمرت التوغلات الإسرائيلية من دون رادع.