((اليمن في قمة المستقبل في الامم المتحده صراع مستمر وتداعيات إنسانية مدمرة ))
رئيس مجلس القيادة ا لدكتور /رشاد العليمي اثناء مشاركته في قمة المستقبل في الجمعية العامة للأمم المتحدة قال تشارك اليمن في هذه القمة ولديها طموحات لإثبات أنه يمكن للدول التي تعيش حروبا وهشاشة مؤسسية أن تواكب التقدم العالمي طالما توافرت الإرادة والتفكير الخلاق من أجل اللحاق بالركب.
وقال إن رحلة اليمن خلال العقد الأخير كانت مليئة بالمعاناة والتحديات الصعبة التي جلبتها الحرب مخلفة دمارا هائلا في كافة مناحي الحياة مضيفا أن اليمن هو اليوم أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
وشدد على أنه رغم تلك التحديات الهائلة "يبقى صمود وتصميم الشعب اليمني قويا وثابتا في السعي نحو مستقبل أفضل.
وقال "نعمل أيضا مع باقي أعضاء الأسرة الدولية على بلورة استراتيجية مغايرة تجاه اليمن تقوم على الانتقال من الإغاثة إلى التنمية المستدامة، والنظر بعين الجدية إلى أجندة الشباب والمستقبل تماما مثلما نحرص على أجندة وقف الصراع وتحقيق السلام الشامل
منذ أكثر من عقد يعاني اليمن من صراع دموي أدى إلى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة أبرزها سيطرة جماعة انصار الله على معظم المناطق الشمالية في اليمن في مقابل حكومة الشرعية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية.
هذا الصراع الذي انطلق بشكل واسع عام 2014 أحدث دمارًا واسع النطاق على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي فضلاً عن الأبعاد الإنسانية الكارثية التي وصفها المجتمع الدولي بأنها أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث.
في البداية كانت جماعة الحوثيون تمثل فئة دينية وسياسية تعبر عن المذهب الزيدي في اليمن ومع تصاعد الأحداث توسعت الجماعة لتصبح قوة سياسية وعسكرية ذات نفوذ كبير مستفيدة من الدعم الشعبي والديني إضافة إلى الموارد العسكرية التي مكنتها من تحقيق مكاسب على الأرض.
وفي سبتمبر 2014 تمكن الحوثيون من السيطرة على العاصمة صنعاء مما شكّل نقطة تحول رئيسية في مسار الصراع داخل اليمن وفي محيطها الاقليمي.
هذا التحرك العسكري والسياسي للحوثيين أحدث تحولات جذرية في التوازنات السياسية داخل اليمن وزاد من تعقيد المشهد بشكل يصعب معه الوصول إلى تسوية سلمية فالجماعة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المعادلة السياسية اليمنية ولم يعد بالإمكان تجاهل نفوذها في أي مبادرات تهدف إلى إنهاء الصراع وتحقيق السلام في اليمن
على الصعيد الإنساني أدى هذا الصراع إلى تدمير شامل للبنية التحتية في مختلف أنحاء اليمن كما سقط آلاف القتلى والمصابين في حين تشرد ملايين اليمنيين داخل وخارج البلاد .
ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية يعيش اليمن الآن في ظل أسوأ أزمة إنسانية عالمية حيث يحتاج أكثر من 20 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة بينما يواجه الملايين خطر المجاعة تفاقمت الأزمة الإنسانية بفعل الحصار ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في العديد من المناطق بسبب عرقلة إيصال الإمدادات الضرورية من الغذاء والدواء مما يزيد من تعقيد جهود إحلال السلام
إذ أصبح البعد الإنساني لا يمكن تجاوزه أو تجاهله في أي مفاوضات سياسية في ظل الصراع المستمر لأن المعاناة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون اليوم تجعل من الصعب إحراز أي تقدم ملموس على صعيد المفاوضات السياسية فالسلام في اليمن لا يمكن تحقيقه من دون معالجة الجوانب الإنسانية وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المتضررين وهذا يتطلب التزامًا من الجميع بتسهيل العمليات الإنسانية بالإضافة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لفرض حلول دبلوماسية عاجلة وفعالة
ما يقوم به الحوثيون في اليمن يمكن النظر إليه من عدة زوايا اهمها تعزيز ظهورهم كقوه لايمكن الاستهانة بها لكن من الواضح أن استمرار الأعمال العسكرية التى يقوم بها الحوثيين وعدم الاعتراف بالشرعية الدولية والمحلية يعقّد من الوصول إلى حل سياسي وفي الوقت نفسه يجب أن نشير إلى أن الصراع في اليمن ليس فقط نتيجة أفعال الحوثيين بل هو نتاج لعوامل متعددة تشمل التدخلات الإقليمية والخلل الداخلي في بنية الدولة وأهداف الأطراف الحزبية والمناطقية.
وعلى الرغم من تعقيد الموقف هناك جهود دولية وإقليمية مستمرة للتوصل إلى اتفاق سلام والحوثيون (انصار الله)شاركوا في عدة جولات من المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لكن لم يتم التوصل إلى تسوية شاملة حتى الآن وما يزال هناك فجوة كبيرة بين ما يريده الحوثيون وما يمكن للحكومة اليمنية والتحالف تقديمه .
الوضع الراهن في اليمن يتطلب الانتقال من المسار العسكري إلى مسار الدبلوماسية وإجراء مباحثات مكثفة يقودها أطراف حريصون على مصلحة الشعب اليمني الذي يمكن ان يكون السبيل الوحيد لإنقاذ الوضع المتدهور والابتعاد عن الخلافات السياسية والشخصية مهما بلغت حدتها ويمكن أن يسهم في تحقيق تقدم نحو السلام .
وإذا لم يتم ذلك فإن اندلاع حرب واسعة في اليمن قد يقود البلاد إلى مصير مجهول ويبقى الشعب هو الضحية الأكبر لهذه الصراعات.
يظل اليمن في حالة اضطراب وصراع مستمر حيث تختلط الأبعاد العسكرية والسياسية بالأزمة الإنسانية إن إنهاء هذه الحرب يتطلب إرادة سياسية جادة وضغطًا دوليًا حقيقيًا إضافة إلى معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية للصراع من أجل بناء مستقبل مستقر ومستدام للشعب اليمني.
*سفير بوزارة الخارجية