الدبلوماسية اليمنية بين مطرقة الفساد وسندان الإصلاح
تمر الدبلوماسية اليمنية بمرحلة دقيقة تتطلب إصلاحاً شاملاً يعالج تراكمات السنوات الماضية من تدهور مؤسسي وتهميش للكفاءات الوطنية.
وفي هذا السياق تبرز توجهات معالي الدكتور شايع محسن وزير الخارجية بوصفها مشروعاً إصلاحياً يستند إلى مبادئ العدالة والشفافية والكفاءة مستهدفاً استعادة الدور الوطني لمؤسسة الخارجية والنهوض بكوادرها الذين تعرضوا لظروف استثنائية قاسية .
لقد ظل العديد من الدبلوماسيين اليمنيين الموجوديين في الخارج والمستبعدين من العمل لأسباب مختلفة وفي الداخل لا سيما في العاصمة صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة سلطات الأمر الواقع يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة نتيجة انقطاع مرتباتهم ومصادرة حقوقهم المالية مع ما رافق ذلك من تهديدات قضائية ومصاعب اقتصادية واجتماعية جسيمة.
وبرغم تلك المعاناة التزم هؤلاء الكوادر بالصبر والثبات واتجهوا إلى العمل في القطاع الخاص ضمن مهن متنوعة مع احتفاظهم بروح وطنية عالية وإيمان راسخ بعدالة قضيتهم .
تقوم رؤية الدكتور شايع محسن الإصلاحية في وزارة الخارجية على معالجة مظلومية هذه الفئة التي دفعت ثمناً باهظاً لصمودها وإعادة دمجها في سلك العمل الدبلوماسي وفق معايير الكفاءة والنزاهة بعيداً عن آليات الولاء السياسي أو المحسوبية.
وقد بدأت معالم هذا التوجه تتجسد عملياً عبر قرارات الاستدعاء والتعيين التي صدرت مؤخراً والتي تؤكد التزام الوزارة بإعادة بناء كوادرها على أسس مهنية سليمة.
من المتوقع أن ينعكس هذا التوجه إيجابياً على أداء وزارة الخارجية سواء على مستوى تطوير القدرات المؤسسية أو تحسين صورة اليمن الخارجية بما يعزز من قدرة الدبلوماسية اليمنية على الدفاع عن المصالح الوطنية وتمثيل قضايا اليمن العادلة في المحافل الدولية.
كما يشكل هذا المسار خطوة أولى في مشروع أكبر لإعادة الاعتبار للخدمة العامة اليمنية باعتبارها أداة رئيسية في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
إن توجهات معالي وزير الخارجية الدكتور شايع محسن ذا ما استمرت بذات الروح الإصلاحية والالتزام بالمعايير المهنية ستحدث أثراً عميقاً ليس فقط في تحسين بيئة العمل الدبلوماسي بل أيضاً في استعادة ثقة الكادر الدبلوماسي بالدولة وتحفيز روح العطاء والانتماء الوطني بما ينعكس على الأداء العام ويرفع من مستوى التأثير الدبلوماسي اليمني إقليمياً ودولياً.
وفي ظل هذه المبادرات تبرز أهمية استكمال مشروع الإصلاح من خلال مراجعة شاملة للبنية الإدارية للوزارة وإعادة تنظيم البعثات الدبلوماسية الخارجية على أسس مهنية دقيقة مع توفير برامج تدريب وتأهيل مستمرة تضمن استدامة التميز المهني وتعزز من مكانة اليمن الدولية
تمثل رؤية الدكتور شايع محسن بارقة أمل حقيقية لمسار الدبلوماسية اليمنية وفرصة تاريخية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من العدالة والكفاءة والمهنية.
وستظل هذه الخطوات علامة فارقة في مسار العمل الدبلوماسي اليمني وإسهاماً فعّالاً في جهود النهوض الوطني الشامل.
ومع ذلك فإن هذا التوجه الإصلاحي الطموح يواجه مقاومة شديدة من بعض رموز الفساد داخل وزارة الخارجية الذين يحاولون الالتفاف على هذه الجهود بإعادة تعيين نفس الأشخاص المرتبطين معهم والذين أمضوا فترات طويلة في العمل بالسفارات متجاوزين بذلك القوانين والأعراف والأخلاق المهنية.
الأمر الذي يتطلب الحزم في مواجهة هذه المحاولات والتمسك الصارم بمبادئ الإصلاح لضمان نجاح المسار التصحيحي واستعادة مكانة الدبلوماسية اليمنية.....
* سفير بوزارة الخارجية