
كيف سيكون الموقف العربي والاسلامي إذا ما تفجرت الحرب بين الهند وباكستان ؟
وماهي الدلالات السياسية لزيارة رئيس وزراء الهند للسعودية قبل يومين ؟
وكيف سيكون الموقف الاسرائيلي والامريكي من هذه المواجهة ؟
حادث مقتل 26 شخص في( الجزء الهندي من كشمير) قبل ايام ، تسبب في ازمة بين دلهي وإسلام اباد ،
مما ادى إلى ان تشهد العلاقات الهندية الباكستانية توترا كبيرا وكل يوم يرتفع نسبة التصعيد بينهم الى مرحلة الخطر ، مما ينذر بإندلاع حرب عسكرية شاملة بين الطرفين ، تداعياتها ستكون كارثة على شعبي البلدين، وخاصة ان الدولتين نوويتين ، وسيمتد تأثيراتها الى تهديد أمن المنطقة بالكامل .
تم إغلاق الحدود بين الدولتين ، وتم وقف التجارة بينهم ، كما دعت الهند كل الباكستانيين إلى مغادرة اراضيها خلال 24 ساعة ، والاخبار الواردة تقول ان الهند قد تتراجع عن معاهدة المياة بين الدولتين التي ترتب إستفادة الدولتين من الانهار التي تنبع من جبال الهملايا وغيرها ، وهذا خطير بالنسبة لباكستان الذي اعلنت بدورها أن إتخاء الهند لمثل هذه الخطوة ستعتبرها بمثابة إعلان الحرب ضدها .
* الموقف السعودي و ( العربي والاسلامي ) من ألازمة
في البداية اتوقع ان تقوم السعودية ومن خلفها العرب بالقيام بوساطات دبلوماسية بين الطرفين تهدف الى خفض الصراع بين الدولتين وصولا الى منع الحرب بينهما ومحاولة إعادة العلاقة بينهما الى سابق عهدها قبل تفجر الازمة الحالية بين الطرفين .
* وماذا لو دخلت الدولتين في حرب شاملة ؟
وماذا تمثل الباكستان للعرب والمسلمين ؟
أما إذا لاسمح الله تفجرت الحرب بين الدولتين فإن السعودية ومن خلفها العرب سيجدوا انفسهم مضطرين الى إتخاذ موقف داعم للباكستان لما تمثل باكستان للعرب والمسلمين من عمق إستراتيجي ، وستملي عليهم مصالح دولهم الامنية والقومية الى إتخاذ موقف لايسمح لتعرض الباكستان لهزيمة ساحقة من الهند يؤدي الى إضعافها .
فالسعودية تعتبر الباكستان الاسلامية عمق إستراتيجي لها ، فمحددات الامن السعودي والعربي أيضا يقوم وتعتمد على التكامل الامني والدفاعي بين السعودية والباكستان ، والتاريخ شاهد على قيام السعودية اكثر من مرة على إستقدام عدة الوية من الجيش الباكستاني الى اراضيها عندما تشعر بتهديد امني معين ، .
وبالتالي ستحرص السعودية ومن خلفها العرب والمسلمين بعدم السماح لتعرض باكستان للهزيمة والإضعاف لدورها في المنطقة .
وإذا سمحت بذلك فبرأيي سيكون موقفها يتعارض بشدة مع مصلحتها الحقيقية و مفهوم الامن القومي السعودي و القومي العربي والاسلامي عموما ، وستكون عرضة لخطر كبير على المستوى الإستراتيجي القريب والمتوسط، ولا اعتقد ان تتخذ مثل هذا الموقف الخطير عليها .
* موقف الهند من القضايا والمصالح العربية والإسلامية
رغم ان الهند تحقق ارباح مئات المليارات من الدولارات سنويا من جراء العلاقات والتبادل التجاري والاقتصادي مع الدول العربية والاسلامية على مستوى عائدات العمالة الهندية في هذه الدول او على مستوى تصدير السلح والخدمات لها وغيرها .
رغم كل ذلك إلا ان الهند لم تولي هذه العلاقات المهمة اي إعتبار وما تحققه من إستفادة ضخمة لإقتصادها القومي ، فالمواقف السياسية الهندية بمعظمها تموضعت للأسف الى جانب اعداء الامة العربية والاسلامية ، واصبحت في وضع تحالف إستراتيجي وثيق مع كيان العدو الاسرائيلي وكذلك مع امريكا وغيرها خلال العقد السابق واكثر .
وهذا ما إنعكس في مواقف الهند المؤيد بالكامل لما ترتكبه إسرائيل في غزة والضفة الغربية وفي لبنان وغيرها ، وكانت كل مواقفها تقريبا سلبية تجاة العرب وتجاه قرارات المحكمة الدولية ضد إسرائيل وغيرها ، ومما زاد الطين بله تولي حزب بهارتيا المتطرف الحكم في الهند ، والذي يتخذ من العداء للمسلمين والعرب عقيدة له ونهج وسياسة يدير بها السياسة الخارجية الهندية الحليفة والمؤيدة لمعظم اعداء الامة العربية وعلى رأسهم إسرائيل وإمريكا .
وبالتالي اتوقع ان تكون هذه المعطيات عامل أخر يدفع العرب ويستوجب على السعودية وبقية العرب والمسلمين الى اخذ موقف داعم ومؤيد للباكستان إذا ما إنلعت الحرب فعليا بين الهند وباكستان .
وبإعتقادي بغير هذا الموقف سيكون العرب يقفون ضد مصالحهم وضد امنهم القومي ، وسترتد تداعياتها عليهم بمزيد من المصاعب والاخطار .
* لاحظوا :
لإنه ملم بكافة هذه المعطيات التي ذكرناها كيف سارع رئيس وزراء الهند الى زيارة السعودية كون السعودية دولة مؤثرة وتستطيع ان تقود موقف عربي وإسلامي موحد في هذه القضية وكذلك ماتمثل لها باكستان ، ليحاول تحيد أي موقف سعودي وعربي وإسلامي قد يصب لمصلحة الباكستان .
* الموقف الاسرائيلي والامريكي
من المؤكد ان تتخذ إسرائيل موقف متحالف ومساند وداعم بشكل كبير مباشر وغير مباشر للهند ، فالإسرائيليون دأبوا الى إطلاق التصريحات المتكررة بالدعوة الى تفكيك البرنامج النووي الباكستاني ونزع اسلحتها النووية ، لماقالوا ان بقاء الباكستان دولة قوية ونووية يمثل خطر مهدد لأمنها القومي ، فإسرائيل ستضرب الف حساب للدور والقوة الباكستانية مثلا لو فكرت بإستباحة الارضي السعودية بهدف ضم جزء منها يوما ما لكيانها بحسب الاطماع التي تبيتها والمعروفة ، هذا مثال بسيط نسوقه لتقف إسرائيل ضد الباكستان بشدة .
ولاداعي لتحليل الموقف الامريكي ، فواشنطن ستقف وستتموضع في موقفها السياسي مع الموقف التي ستتخذه إسرائيل بدون حتى ادنى تفكير ، وهذا معروف .
الخاتمة :
يتحمل العرب المسؤولية الكاملة لتغير موقف الهند من دولة كانت مساندة للمصالح و للقضايا العربية العادلة إلى دولة مساندة بشدة لأخطر اعداهم الكيان الاسرائيلي وغيره من الدول .
فالعرب والمسلمين يملكون كثير من الاوراق الضخمة الاقتصادية والسياسية مع الهند اهملوها ولم يستخدمونها الاستخدام الجيد مع الهند ، وفشلوا في إدارة علاقات سياسية ناجحة مع الهند ، مما جعل الهند تتحول بعيدا عنهم وتصطف مع اعدائهم ، بينما كان من المفترض ان تدفعها تللك المصالح الى ان تتخذ مواقف مساندة لقضايهم العادلة ، وهذا يعد فشل ذريع للسياسات العربية التي تنتهجها مع الهند .
وبالتالي هذا الوضع يتوجب على كافة الدول العربية الى إعادة ومراجعة لسياساتهم الخارجية مع الهند ورسم سياسات ناجحة ومؤثرة تعيد الهند الى إتخاذ وإنتهاج نفس السياسات السابقة المساندة والمؤيدة للقضايا العربية العادلة .
(وإلى الله ترجع عاقبة ألامور )
* بقلم: أ. صلاح القرشي - كاتب وباحث بمني