مخاطر صهيونية محدقة بالدول العربية المحورية
غالبًا ما يسفر الكيان الصهيوني المارق عن وجهه القبيح وممارساته البربريَّة وسلوكه السِّياسي الاستعماري، وآخر تلك المواقف الصهيونيَّة إعلانه عن خطَّة «إسرائيل الكبرى» الَّتي تستهدف احتلال أجزاء جديدة في دول عربيَّة،
وهذه المخططات الصهيونيَّة ليست دعاية إعلاميَّة، بل هي مسألة متأصلة عقائديًّا وتلموديًّا، ونادى بها هرتزل، وأكَّدها الخِطاب السِّياسي لمُجرِم الحرب الصهيوني دُونَ اعتبار لأيِّ علاقات مع دول عربيَّة،
بل وأعلن عن ضمِّ أراضٍ لدول عربيَّة أخرى ضِمن الخريطة الموضوعة منذُ عام 1948م على صدر الكنيست الصهيوني.
والسؤال الَّذي يفرض نَفْسَه هنا: ماذا تنتظر هذه الدول العربيَّة المحوريَّة للإعلان عن موقف صريح باستخدام جميع أوراق القوَّة أمام هذا الخطر الداهم؟!
الأوراق الَّتي تمتلكها الدول العربيَّة المحوريَّة اليوم قد لا تتوافر لها في وقت لاحق عِندَما يستفرد العدوُّ بكُلٍّ مِنْها على حدة! لا نعلم حقيقةً لماذا تكبِّل هذه الدول نَفْسَها وهي مُهدَّدة من قِبل هذا العدوِّ المُجرِم؟
أليس لدَيْها خيارات أخرى عدا تلك المناشدات للأُمم المتحدة من أجْلِ وقف العدوان على المَدنيِّين العُزَّل، وإدخال المساعدات المكدَّسة أمام مَعْبر رفح؟!
هل هذا هو حجم الخِطاب العربي ـ الإسلامي الَّذي تصدر البيان الختامي لاجتماع مؤتمر التعاون الإسلامي؟!
وهل (57) دولةً إسلاميَّة لا تمتلك أيَّ أوراق قوَّة إلَّا المناشدة للأُمم المتحدة ومجلس الأمن؟!
وهي تعلم أنَّ هذه المناشدات دُونَ قوَّة فاعلة سياسيَّة واقتصاديَّة لا تؤتي أُكُلَها، ولن تمنع الكيان الإرهابي من استمرار مجازره وعدوانه وتنفيذ مخطَّطاته؟!
وهنا نؤكِّد أنَّ الخِطاب السِّياسي لمؤتمر التعاون الإسلامي رغم كونه إيجابيًّا لكنَّه لا يُحقق أيَّ شيء على أرض الواقع.
إنَّ المستهدف هنا هو تلك الدول العربيَّة المحوريَّة أوَّلًا، فهي تُعَدُّ الغنيمة الكبرى لدَى العدوِّ الصهيوني، وهذا العدوُّ لا عهد له ولا ميثاق، وممارساته الإجراميَّة من تجويع للأبرياء واستهداف المَدنيِّين العُزَّل عن سبق إصرار وترصُّد ومحاولات الضغط على سكَّان القِطاع للتهجير كُلِّها ممارسات لم يسبقْ لها مثيل في التاريخ .
ما حدَث يوم السابع من أكتوبر 2023م وما تلاه لاحقًا من وحدة للسَّاحات سجَّل سابقة خطيرة في الكيان الصهيوني، هدَّده بالزوال من خلال هروب مستوطنيه في هجرة عكسيَّة، وقد ترسَّخت حقيقة واحدة في الصورة الذهنيَّة الصهيونيَّة بأنَّ هذه الأرض ليست هي أرض الميعاد، ولا أمان في البقاء فيها، وأنَّها سوف تثور في كُلِّ مرَّة وستقضي على الحلم الصهيوني.
هذه الصورة الَّتي يحاول اليمين الصهيوني المتطرف تغييرها والقفز فوقها، وإعادة رسم مشهد جديد لم يتحقق ولن يتحقق؟!
وما هذا الإصرار والصمود الأسطوري والتمسُّك بالمقاوَمة من قِبل الحاضنة الشَّعبيَّة، ورفض الذُّل والخنوع، ورفض التهجير مع استمرار العدوان الصهيوني دُونَ تحقيق أيِّ منجز حقيقي على الأرض سوى الدمار وقتل الأبرياء وعدم تحقيق أيٍّ من أهداف العدوان المُعلَنة وهي: تدمير حماس، وتحرير الأسرى، وضمان عدم تشكيل أيِّ مقاوَمة في غزَّة تهدِّد «إسرائيل»، وإعادة السكان النَّازحين من شمال «إسرائيل».
كُلُّها أهداف لم تتحقق بعد (22) شهرًا من العدوان؟! وبعد هذا الفشل الصهيوني يظلُّ هذا الطغيان كمحاولة يائسة لتغيير تلك الصورة الذهنيَّة، وإعادة زراعة الوهم في المُجتمع «الإسرائيلي»؟!
وما الإعلان الأخير لاحتلال قِطاع غزَّة إلَّا تعبير عن الفشل الَّذي لازم الكيان الإرهابي طوال (22) شهرًا على العدوان؟!
إنَّ مُخطَّط «إسرائيل الكبرى» حسب إعلان مُجرِم الحرب نتنياهو يعني الحديث عن إعادة السيطرة على أراضٍ عربيَّة جديدة، ولن يتردد العدوُّ إذا وجد الظروف مواتيةً والفرصة سانحة، ورُبَّما يقفز لتنفيذ هذا المُخطَّط فيما يُسمَّى مُخطَّط «إسرائيل الكبرى»؟!
فهل تعتقد الدول العربيَّة المحوريَّة أنَّها في منأى عن هذا الخطر الدَّاهم؟!
لا طبعًا؛ لأنَّ العدوَّ الصهيوني هدفه واضح ومعلن منذُ تأسيس الكيان اللقيط، وعلى العرب ترقُّب هذا الخطر اليوم قَبل الغد،
وهنا باتَ على الدول العربيَّة المحوريَّة اليوم أن تضطلع بالمسؤوليَّة التاريخيَّة لحشدِ وتشكيل موقف سياسي موحَّد، وتنسيق موقف عالمي داعم للقضيَّة، والإعلان عن فتح المجال لدخول الفِرق الإغاثيَّة الدوليَّة تحت حماية دوليَّة لممارسة ضغط دولي،
وينبغي على الولايات المتحدة كدولة راعية للسلام أن تستدرك تلك المخاطر الَّتي تهدِّد النظام العالمي؛ بسبب هذه الممارسات النَّازيَّة الصهيونيَّة، واستمرار سياسات العدوان والتجويع واستهداف المَدنيِّين،
وعلى الدول العربيَّة المحوريَّة وبقيَّة الدول العربيَّة المسؤوليَّة في حشد الرأي العام العربي والعالمي للتظاهر أمام المعابر والمطالبة بفتحها أمام المساعدات الإنسانيَّة كإجراء أوَّلي ينقل الحالة العربيَّة من الأقوال إلى الأفعال..
ونحن هنا لا نطالب بفتح جبهات قتال كما كان العرب قَبل نصف قرن، بل نطالب بأن تقوم هذه الدول بعمل استباقي يحسب لها لحماية نَفْسِها أوَّلًا من مُخطَّطات العدوِّ وبمسانَدة دوَل وشعوب العالم الحُر الَّتي تنتظر اللحظة لِتعَبِّرَ عن ذاتها الإنسانيَّة للمبادرة بإغاثة الأبرياء في قِطاع غزَّة.
* إعلامي وكاتب عُماني
khamisalqutaiti@gmail.com