مشاورات لتغيير رئيس الحكومة وتسريبات للأسماء المرشحة لتولي المنصب
مرة جديدة يعود الحديث عن مشاورات لتغيير رئيس وزراء اليمن معين عبد الملك، إذ تنشر مواقع إخبارية ووسائل إعلام يمنية، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أيام تسريبات بشأن الأسماء المرشحة لتولي المنصب، بالتزامن مع استمرار التحركات التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ لوضع خريطة طريق تترجم التفاهمات التي توصل إليها بشأن تدابير وقف إطلاق النار في اليمن، إلى جانب مجموعة أخرى من الالتزامات.
كما أن حديث التغيير الحكومي يترافق مع تأكيد كبير مفاوضي جماعة الحوثيين محمد عبد السلام أن الهجمات في البحر الأحمر لا تؤثر على عملية السلام الجارية مع السعودية بوساطة من سلطنة عمان والأمم المتحدة، من دون أن يتضح تأثير الضربات التي تعرض لها الحوثيون من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، بمشاركة عدد من الدول على التطورات السياسية.
نحو تعيين شخصية جنوبية في منصب رئيس وزراء اليمن!
وقال مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية اليمنية، إن هناك توجهاً لدى مجلس القيادة الرئاسي لتعيين رئيس وزراء يمني جديد بديلاً لعبد الملك. وأضاف أن مشاورات تجرى بين أعضاء مجلس القيادة حول ذلك، وأن كل شخصية من أعضاء المجلس تسعى لتعيين رئيس وزراء مناسب لتوجهاتها ونفوذها.
وأشار المصدر إلى أن الأسماء التي يجري تداولها في وسائل الإعلام منذ أيام هي المطروحة، ولن تخرج عن اسم جنوبي، والأرجح أن يتم تعيين شخصية من أبناء محافظة حضرموت معني بالاقتصاد. ولفت إلى أنه سيتم تعيين رئيس الوزراء الجديد خلال الأيام القليلة المقبلة، "لكن قد يكون للأشقاء رأي آخر"، في إشارة إلى دول التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.
ويأتي الجانب المناطقي كأهم عوامل الاختيار، وفقاً لاتفاقية الرياض الموقّعة عام 2019 بين الحكومة الشرعية و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، والتي تم بموجبها تشكيل الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، وهي المناصفة التي شملت تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في 2022.
وهناك حالة إجماع لدى أعضاء مجلس القيادة الرئاسي على أن يكون رئيس الوزراء الجديد من الجنوب، خصوصاً أن محافظة تعز الشمالية تستحوذ حالياً على المناصب القيادية العليا للدولة وهي: رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي.
كما أن الوضع الاقتصادي المتدهور على رأس الأولويات التي يسعى المجلس الرئاسي لمعالجتها من خلال التعيين الجديد، وهو ما يعني البحث عن شخصية اقتصادية لتولي المنصب، غير أن العديد من المتابعين يرون أن تغيير رئيس مجلس الوزراء بدون تغيير الحكومة لن يُحدث أي تغيير منشود.
أبرز الأسماء المطروحة لتولي منصب رئيس الوزراء
أحد قيادات "المجلس الانتقالي"، قال إن هناك شخصيات مطروحة لتولي منصب رئيس الوزراء غير التي تم تسريبها للإعلام، مضيفاً أن الدكتور واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي، هو الأقرب لخيارات "الانتقالي" ليتم تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء، بالإضافة إلى الدكتور عبدالعزيز المفلحي، مستشار رئيس الجمهورية، ومحافظ عدن الأسبق.
ويبرز اسم واعد باذيب، كأبرز المرشحين للمنصب، فهو من مواليد عدن وذو أصول حضرمية، وهو نجل القيادي والمفكر البارز عبدالله باذيب أحد قيادات الجبهة القومية للتحرير في الجنوب والتي كان لها الدور الأبرز في تحرير جنوب اليمن ونيله الاستقلال من بريطانيا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967.
ويحظى القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني واعد باذيب بدعم كبير من حزبه لتولي المنصب، بالإضافة إلى دعم "المجلس الانتقالي الجنوبي"، كما أنه من الشخصيات المقبولة لدى "المؤتمر الشعبي العام" و"التنظيم الناصري"، ولدى دول التحالف.
كما أن باذيب يعد من الخبراء الاقتصاديين، فهو حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد مع مرتبة الشرف عن رسالته المعنونة بـ"السياسة النقدية ودورها في تحقيق الاستقرار للاقتصاد اليمني" من جامعة بونا في الهند عام 2009، وحاصل على درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية بامتياز مع مرتبة الشرف عام 2003.
كما يبرز اسم عبدالعزيز المفلحي، مستشار رئيس الجمهورية، كواحد من الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الحكومة، فهو يحظى بدعم الكثير من القوى السياسية وأبرزها "المجلس الانتقالي"، و"التنظيم الناصري"، و"الاشتراكي اليمني"، و"المؤتمر الشعبي العام"، بالإضافة إلى أنه شخصية مقبولة ومدعومة من قبل التحالف.
ويستند المفلحي إلى حضور اجتماعي وتاريخ نضالي عريق، فهو أحد الوجاهات الاجتماعية لقبائل يافع جنوب اليمن، التي تملك نفوذاً واسعاً في المحافظات الجنوبية. وانخرط المفلحي باكراً في صفوف الجبهة القومية بجنوب اليمن حتى عام 1965، ثم أيّد جبهة التحرير والتنظيم الشعبي ذا التوجه الناصري حتى عام 1967 وهو العام الذي نال فيه الجنوب استقلاله من بريطانيا، كما حُكم عليه بالإعدام في العام 1974. وللمفلحي قدرات وخبرات إدارية ومالية حيث أدار عدداً من الشركات أبرزها شركة العيسائي في الرياض.
وزير المالية الحالي سالم بن بريك هو الآخر لديه حظوظ كبيرة في إمكانية تعيينه رئيساً للوزراء، فهو شخصية حضرمية، شغل منصب نائب وزير المالية منذ 2018 حتى 2019 حين تم تعيينه وزيراً للمالية. كما أن له خبرة في الجانبين الإداري والاقتصادي، إذ تقلّد عدداً من المناصب، أبرزها المدير العام للمنطقة الحرة بمحافظة عدن، ومدير عام جمارك ميناء الحديدة، ومدير عام جمارك منفذ الطوال الحدودي في حرض ونائب لمدير عام جمارك ميناء المكلا. ويعد بن بريك من أبرز الشخصيات المدعومة من السعودية، وهو المسؤول عن المنحة السعودية المقدمة لليمن.
ومن ضمن الأسماء المطروحة يبرز اسم أحمد عوض بن مبارك، وزير الخارجية الحالي، المولود في مدينة عدن. وتولى بن مبارك عدداً من المناصب السيادية أبرزها الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني، مدير لمكتب رئاسة الجمهورية، مندوب لليمن لدى الأمم المتحدة، ثم سفير لليمن في الولايات المتحدة، ثم وزير للخارجية.
كما يطرح البعض اسم عضو المجلس الرئاسي عبدالله العليمي، المولود في محافظة شبوة الجنوبية، والذي ينتمي لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" وإن كان هذا الخيار بالنسبة لكثر مستبعداً لصعوبة تأمين التوافق عليه بين أعضاء مجلس القيادة. وتولى العليمي، عدداً من المناصب القيادية في الدولة عقب الثورة، إذ شغل منصب رئيس دائرة السلطة المحلية بمكتب رئاسة الجمهورية، ثم نائب مدير المكتب، ثم مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية، قبل أن يعين عضواً في مجلس القيادة الرئاسي.
كما يحضر اسم اللواء سالم عبدالله السقطري، والذي يشغل منصب وزير الزراعة والري والثروة السمكية، كواحد من المرشحين لتولي المنصب، وهو من مواليد سقطرى، وهو شخصية عسكرية يحظى بدعم "المجلس الانتقالي الجنوبي".
ورأت الكاتبة الصحافية بشرى الحميدي، أن اتخاذ قرار تعيين رئيس وزراء يمني جديد جاء لأن رئيس الوزراء الحالي عجز عن تحقيق أي نجاح في الجوانب السياسية والاقتصادية، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم معاناة اليمنيين، كما أن شعبية الرجل تهاوت في أوساط المواطنين خصوصاً مع شبهات الفساد حوله.
وأضافت الحميدي أن "هناك رغبة في إحداث تغيير في الحكومة وربما محاولة تحسين الوضع الاقتصادي، على الرغم من أن ذلك لن يحدث، خصوصاً مع وجود خلافات عميقة ومصالح متضاربة بين النخب".
وأشارت إلى أن "القوى الإقليمية لم تحقق حتى الآن ما تصبو إليه من خلال القوى التي زرعتها في مناطق متفرقة في اليمن، وهي بذلك تريد أن تبقي الوضع على ما هو عليه الآن، حتى وإن تم تعيين شخصية تتمتع بكفاءة عالية فذلك لن يغير شيئاً، لأن هذه القوى لا تسعى إلى تحقيق التوافق السياسي والإصلاح الاقتصادي".
ولفتت إلى أن "هناك مهام كبيرة تقع على عاتق رئيس الوزراء الجديد، خصوصاً أن اليمن يمر بتحديات كبيرة، وسيكون عليه العمل على تحقيق تسويات سياسية تناسب تطلعات الشعب اليمني وإحلال السلام، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وإدارة الأزمات، والعمل على إيجاد أرضيات مشتركة، وغيرها من المهام الكثيرة التي لن ينجح بالقيام بها ما لم يكن هناك تكاتف من قبل الأطراف المعنية، والقوى السياسية، وكذلك المجتمع الدولي".
* العربي الجديد - فخر العزب