إلى اين يتجه مسار السلام في اليمن في ظل الإجراءات المتباينة على الارض؟
شهد الوضع في اليمن خلال الاسابيع الماضية حالة من عدم الاستقرار في ظل الخطوات المتباينة على الارض، ما جعل البناء على ما حصل من احداث محيرا للمراقب.
خطوات متباينة
– حرب اقتصادية متبادلة، شملت وقف التعامل مع عدد البنوك من قبل البنك المركزي بعدن، والبنك المركزي بصنعاء، وتحديد بنك عدن مدة شهرين لسحب الطبعة القديمة من العملة الورقية، المطبوعة ما قبل العام 2016، ثم حظر البنك نفسه التعامل مع 12 محفظة دفع الكتروني،
وكذا الزام وكالات السفر بنقل مراكزها الرئيسية إلى عدن، ووقف حجز تذاكر طيران اليمنية من صنعاء، واعلان وزارة النقل بصنعاء عدم التعامل مع اي تذاكر سفر تصدر من الخارج لرحلات من مطار صنعاء، وإلزام شركات الاتصالات نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن.
– فتح طريق جولة القصر، في مدينة تعز، بعد اغلاق استمر 9 سنوات، وقبلها فتح طريق مارب، البيضاء.
– الاعلان عن محادثات مرتقبة بين طرفي الصراع اليمني في العاصمة العمانية، مسقط، وتحديد موعدها الاحد القادم 30 يونيو/حزيران 2024.
– احتجاز 3 طائرات تابعة لطيران اليمنية في مطار صنعاء الدولي، بعد اسابيع من احتجاز طائرة سابقة.
الحرب الاقتصادية
كل هذه الاجراءات المتباينة اثارت حالة من الحيرة والتعجب للمراقب للشأن اليمني، فالحرب الاقتصادية تعد جانبا سلبيا، يزيد من حالة عدم الثقة بين الاطراف، ما يعد نذيرا بتجدد المواجهات العسكرية، التي كانت قد تراجعت خلال العامين الماضيين.
فتح الطرقات
وفتح الطرقات تعد جانب ايجابي يؤشر إلى ان الاطراف بدأت تتبادل الثقة، وترسي ارضية للبدء بمحادثات تفضي لمناقشة الحل الشامل. ويعد فتح طريق جولة القصر بمدينة تعز، خطوة مهمة كونها مثلت أعادة اللحمة للمدينة التي شطرتها الحرب، وعزلت سكان جزاها الشرقي عن باقي الاجزاء، وامتدت إلى عزل سكان مديريات المحافظة، فيما تعد خطوة فتح طريق مارب- البيضاء، خطوة ايجابية تشير إلى امكانية فتح باقي الطرق المغلقة.
محادثات مسقط
فيما كان الاعلان عن محادثات مسقط المرتقبة رسالة طمأنة للشعب، بأن افق السلام بدأ يظهر في اليمن بعد اكثر من 9 سنوات حرب وهدن هشة، خاصة بعد ان نشرت صحيفة عكاظ السعودية مقالا في افتتاحيتها، اشارت فيه إلى ان محادثات مسقط التي ستعقد الاحد 30 يونيو/حزيران 2024 سيتم فيها اغلاق ملف الاسرى والملف الاقتصادي،
معتبرة ان فتح الطرقات كانت بمثابة خطوة مهمة لتبادل الثقة بين الأطراف، فضلا عن تصريحات لسياسيين في اطراف عدة بأن محادثات مسقط ستؤدي إلى انفراجة في ملف الاسرى، اضافة إلى شكر السعودية من قبل ابو عبد الله الرزامي رئيس وفد الحج لسلطة صنعاء بعد عودته إلى صنعاء.
احتجاز الطائرات
لكن احتجاز طائرات اليمنية في مطار صنعاء، اثار العديد من المخاوف، وبدت هذه الخطوة امام المراقب للشأن اليمني بأنها قد تعيد الاوضاع إلى الحالة الصفرية، نظرا لما افضت إليه من تعطيل الملاحة في مطار صنعاء، وشل حركة الملاحة في المطارات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، واعاقة عودة ما تبقى من الحجاج الذين سافروا عبر، مطار صنعاء الدولي.
ضبابية
امام وضع متقلب كهذا، وما افضت إليه كل خطوة من تداعيات كانعدام العملات الاجنبية في محلات الصرافة، والاعتقالات التي طالت مواطنين بعد دخولهم مدينة تعز، وغيرها، اصبح التكهن بالمستقبل على المدى القريب يبدو صعبا، فهناك من يرى بان الوضع يسير باتجاه الحرب، فيما يرى أخرون ان الخطوات المتباينة تعد مؤشر على وجود اطراف وفصائل في اطار الطرف الواحد تدفع باتجاه خلال خلط الاوراق، بما يؤدي إلى اعاقة جهود السلام.
سلام فخخته الحرب
تسع سنوات من الحرب ولدت العديد الازمات والتعقيدات والمشاكل، وكونت كثير من المصالح لامراء الحرب، وخلقت في الوقت نفسه تباينات داخل الطرف الواحد، ولدى الاطراف الاقليمية والدولية الفاعلة في الازمة اليمنية، وكل ذلك جعل طريق السلام محفوفة بمخاطر عدة، ان لم تكن مفخخة، وهو ما يتوجب على الاطراف التي تدفع باتجاه السلام التعاطي بحذر شديد، والتعامل بصبر وأناة لايصال جهود السلام إلى مرحلة البداية، بما يسمح باطلاق عملية سلام تملك الكثير من ادوات كسح التفخيخ التي زرعت في طريق السلام خلال سنوات الحرب.
توطين المحادثات
يرى محللون للوضع المعقد في اليمن، بأن جلوس الاطراف على طاولة التفاوض، الاحد القادم، يعد خطوة هامة، لتوطين المحادثات، وبالتالي فإن نجاحها في الخروج باتفاق نوعي، سيكون بداية للسير في طريق السلام، رغم ما فيها من مفخخات. ويشددون على ضرورة التوافق النسبي بين الاطراف الخارجية الفاعلة في الملف اليمني يعد حجر الزاوية للسير في طريق السلام، نظرا لأن ملف الحرب في اليمن صار بايدي الخارج اكثر منه في الداخل، فسنوات الحرب الطويلة جعلت من الملف اليمني خاضعا للمساومات والمقايضات بين الاطراف الدولية والاقليمية، فطول مدة الحرب اعطت الخارج فرصة لخلق حوامل محلية لاجندته، يحركها متى راى ان مصالحه باتت معرضة للخطر.
بناء السلام
وبناء على ما سبق فإن الاحد القادم سيكون نقطة فاصلة ومهمة في مسار السلام في اليمن، لأن نجاح عقد المحادثات يعني تجاوز ما افرزته الخطوات التصعيدية الاخيرة، في حين ان التوصل إلى اتفاق اولي نوعي يتجاوز ما افرزته تلك الخطوات من تداعيات، سيكون بمثابة وضع اولى طوبات مسار السلام.
يمنات