
الذين يموتون واقفين.. رجال المبادئ الذين لا يساومون
هناك رجال من طينة أخرى، لا يسقطون كما يسقط غيرهم، ولا ينحنون للريح، بل يموتون واقفين كشجر السنديان، سامقين في كبريائهم، ثابتين على مبادئهم، لا يبيعون شرفهم ولا يساومون على قناعاتهم.
هؤلاء هم العصيون على السقوط، الذين لم تلوثهم مشاريع الخيانة، ولم يطأطئوا رؤوسهم لمغريات الترغيب أو تهديدات الترهيب، بل ظلوا أوفياء للوطن والضمير الإنساني.
في زمن الردة والانكسار، حيث تهاوت المبادئ أمام بريق المال والسلطة، واصطف الجميع تحت رايات مشاريع العمالة والتبعية،
ظل هؤلاء الرجال خارج دوائر الفرقة والارتهان، لم يركضوا خلف المناصب، ولم يشاركوا في لعبة بيع الأوطان. لم يكونوا تجار حرب، ولم يزايدوا بالإنسانية، ولم يحوّلوا معاناة الشعب إلى وقود لمشاريعهم.
رفضوا أن يكونوا أدوات في أيدي الخارج، وأداروا ظهورهم لكل من يحاول تدجينهم أو استغلالهم.
هؤلاء، رغم غربتهم في أوطانهم، ورغم تهميشهم وتغييبهم، إلا أنهم يحملون الشعلة التي لن تنطفئ.
هم الذين لم ينخدعوا بشعارات كاذبة، ولم يسيروا خلف قيادات مرتهنة لا تملك قرارها، لأنهم يدركون أن من يفاوض الخائن ليس سوى شريك له في الخيانة، وأن من يتحاور مع العملاء ليس إلا أداة أخرى تخدم نفس الأجندة.
اليمن بين المطرقة والسندان
اليمن، ذلك الأسد الجريح، محاصر اليوم بين مطرقة الحوثي وسندان الشرعية، وكلاهما ليس أكثر من وكلاء لأجندات خارجية تسعى لنهب الوطن وتمزيقه.
تاجروا بدماء اليمنيين، وزرعوا الفتنة، ونهبوا خيرات البلاد، بينما الشعب يرزح تحت نير الفقر والجوع والحرب التي لا نهاية لها.
لكن رغم كل هذا الخراب، هناك من لا يزال يؤمن بأن اليمن سينهض، وأن هذه المرحلة العصيبة ليست إلا اختبارًا لصبره وصلابته.
لقد ملّ الناس حياة الصراعات والفتن، لكنهم لم يفقدوا الأمل، لأنهم يدركون أن الليل مهما طال فلا بد أن يعقبه فجر، وأن النور سيزداد سطوعًا حتى ينقشع الظلام.
قد يكون أصحاب المشروع الوطني مغمورين اليوم، قد يخشون المصير الذي لقيه من سبقهم في درب النضال، لكن التاريخ لا ينسى، ولن يبقى الخونة في مواقعهم إلى الأبد.
النصر قادم.. والأسد سيفترس كل الكلاب
نحن على يقين أن هذا الوطن العظيم، الذي حكم الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد الرافدين يومًا ما، لن يظل أسيرًا للأعداء والعملاء.
هذا الأسد الجريح سيلعق جراحه، وسينهض من جديد، وسيفترس كل الكلاب التي تعوي حوله اليوم. الزمن دوّار، والأيام دول، واليمن الذي عرفناه عزيزًا شامخًا لن يظل مكبلًا بقيود الخيانة والارتهان.
إنها مسألة وقت فقط، وسيعود اليمن سيدًا، عزيزًا، مهابًا كما كان، ولن يبقى في الميدان إلا الرجال الذين أثبتوا أنهم لا يُشترون ولا يُباعون، الذين وقفوا في وجه العاصفة ولم ينحنوا، والذين سيكتب التاريخ أسماءهم بحروف من ذهب.
لأن الرجال الحق، كما الأشجار العظيمة، لا تموت إلا واقفة.
بقلم: أ. عبدالله الشرعبي