
طي صفحة الأزمة بين الجزائر وفرنسا.. تفاصيل تفاهمات تبون وماكرون
الرأي الثالث - وكالات
اتفق الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون، امس الاثنين، على تجاوز الأزمة السياسية القائمة بين البلدين، في خطوة تؤكد وجود توجه نحو خفض التوتر السياسي ووضع إطار لحلحلة الأزمة، وتمت برمجة زيارة لوزيري العدل والخارجية الفرنسيين إلى الجزائر الأسبوع المقبل.
واتفق تبون وماكرون خلال اتصال هاتفي "على ضرورة الاستئناف الفوري للتعاون في مجال الهجرة بشكل موثوق وسلس وفعّال، بما يُتيح مُعالجة جميع جوانب حركة الأشخاص بين البلدين"،
كما اتفقا "مبدئياً على عقد لقاء في المستقبل القريب"، في إشارة إلى إعادة بعث برنامج زيارة تبون إلى باريس والتي كانت مقررة في يناير/كانون الثاني ثم مايو/أيار 2023، لكنها لم تتم بسبب رفض تبون لبرنامج الزيارة.
وأكد بيان الرئاسة الجزائرية أنه وبهدف "الإسراع في إضفاء الطابع الطموح الذي يرغب قائدا البلدين في منحه للعلاقة بين فرنسا والجزائر، سيقوم وزير الخارجية، جان نويل بارو، بزيارة إلى الجزائر في السادس إبريل/نيسان القادم"، و"ستتيح هذه الزيارة الفرصة لتحديد تفاصيل برنامج العمل الطموح هذا، وتفاصيله التنفيذية وكذا جدوله الزمني".
وكان واضحاً بحسب بيان الرئاسة الجزائرية أن المحادثة الهاتفية بين الرئيسين، كانت مطولة "الرئيسان تحادثا بشكل مطول وصريح وودّي حول وضع العلاقات الثنائية والتوترات التي تراكمت في الأشهر الأخيرة، وجددا الرغبة في العودة إلى اتفاق الجزائر الموقع في أغسطس/آب 2022، خلال الزيارة التي قام بها الرئيس ماكرون إلى الجزائر،
وكذا استئناف الحوار المثمر وفقاً لاتفاق الجزائر، والذي أفضى إلى تسجيل بوادر هامة في مجال الذاكرة، لا سيما من خلال إنشاء اللجنة المشتركة للمؤرخين الفرنسيين والجزائريين، وإعادة رفاة شهداء المقاومة والاعتراف بالمسؤولية عن مقتل الشهيدين علي بومنجل والعربي بن مهيدي".
ومن ضمن التوافقات السياسية التي جرت اليوم بين تبون وماكرون، العودة إلى مسارات التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين، إذ كانت الجزائر قد أوقفت التعاون والتنسيق الأمني مع باريس،
وأكد بيان الرئاسة الجزائرية أنه "اتفق الرئيسان على استئناف التعاون الأمني بين البلدين فوراً"، وأنه وفقاً "للمصالح الاستراتيجية والأمنية للبلدين،
وكذا التحديات والأزمات التي تواجه كلاً من أوروبا والحوض المتوسطو - أفريقي، كلها عوامل تتطلب العودة إلى حوار متكافئ بين البلدين باعتبارهما شريكين وفاعلين رئيسيين في أوروبا وأفريقيا، مُلتزمين تمام الالتزام بالشرعية الدولية وبالمقاصد والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة".
وأكد البيان العودة إلى "العمل سوياً بشكل وثيق وبروح الصداقة"، وجدد الرئيسان كذلك تأكيدهما ضرورة "الاستئناف الفوري للتعاون في مجال الهجرة على نحو موثوق وسلس وفعّال، بما يُتيح مُعالجة جميع جوانب حركة الأشخاص بين البلدين وفقاً لنهج قائم على تحقيق نتائج تستجيب لانشغالات كلا البلدين"،
وكذلك "التعاون القضائي بين البلدين، فقد اتفق الرئيسان على استئناف التبادل والتعاون في هذا المجال ووافقا على تجسيد الزيارة المرتقبة لوزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، إلى الجزائر".
ويمثل ملف الهجرة أحد أبرز القضايا الخلافية بين البلدين خلال هذه الأزمة، إذ كانت الجزائر قد رفضت استقبال رعاياها الذين قررت باريس إبعادهم عن التراب الفرنسي، فقد قدمت باريس قبل فترة قصيرة قائمة أولية للمهاجرين المطلوب إبعادهم، لكن الجزائر رفضت استقبالهم.
وتقرر في نفس السياق أن "تستأنف اللجنة المشتركة للمؤرخين عملها فوراً، وستجتمع قريباً في فرنسا"، على أن ترفع مخرجات أشغالها ومقترحاتها الملموسة إلى رئيسي الدولتين قبل صيف 2025.
وأشاد الرئيسان بما أنجزته اللجنة المشتركة للمؤرخين التي أنشئت بعد زيارة ماكرون السابقة إلى الجزائر.
وشدد الرئيسان على أهمية تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين في المجالات المستقبلية، وتعهدا بالعمل على تعزيز التجارة والاستثمار في إطار مراعاة مصالح البلدين.
وقد "أبلغ الرئيس ماكرون الرئيس تبون بدعم فرنسا لمراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي".
وبشأن قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، "جدّد الرئيس ماكرون ثقته في حكمة وبصيرة الرئيس تبون ودعاه إلى القيام بلفتة صفح وإنسانية تجاه بوعلام صنصال، نظراً لِسِنِّ الكاتب وحالته الصحية".
وكان القضاء الجزائري قد أدان صنصال بالسجن خمس سنوات بتهم تخص المساس بالوحدة الوطنية، على خلفية تصريحات أدلى بها تتعلق بالتراب الجزائري.
وتعني هذه الخطوة والتفاهمات السياسية الجديدة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي، بداية جدية لتجاوز الازمة بين البلدين، وإنهاء مظاهرها والقرارات المتعلقة بتداعياتها السياسية والاقتصادية، خاصة أنها وصلت إلى مرحلة حساسة بعد إثارة قضايا وملفات معقدة.
وكانت أزمة سياسية ودبلوماسية حادة قد تصاعدت بين البلدين، منذ رفض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة باريس في يناير/كانون الثاني 2023 ثم مايو/أيار من العام نفسه،
وتفاقمت إلى حدود القطيعة السياسية بعد يوليو/تموز 2024، في أعقاب إعلان باريس الاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في منطقة الصحراء المتنازع عليها، تلتها قضية توقيف الجزائر الكاتب بوعلام صنصال، ورفضها التعاون مع باريس لقبول ترحيل رعايا جزائريين، ومقيمين غير شرعيين أيضاً، رفضت فرنسا وجودهم على أراضيها. تلتها حرب تصريحات وبيانات مضادة بين البلدين في غضون الفترة الماضية.