
الهدنة الإنسانية بغزة.. خطوة إسرائيلية مضللة لتخفيف الضغط العالمي
الرأي الثالث - وكالات
رغم إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن هدنة إنسانية مؤقتة في عدد من مناطق قطاع غزة، تستمر عدة ساعات يومياً، بهدف تسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر المعابر، وتشمل تحديد ممرات آمنة لتحرك شاحنات الإغاثة وتقديم الخدمات الطبية العاجلة، في ظل وضع إنساني كارثي يشهده القطاع من جراء الحصار والحرب المستمرة منذ شهور، فإن الاحتلال لم يلتزم بها.
وأكدت مصادر أممية أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط دولية متزايدة، خصوصاً من منظمات الإغاثة التي حذرت من خطر المجاعة وانتشار الأمراض، لا سيما بعد تقارير عن وفاة واستغلال وقتل أطفال جوعاً وتدهور الخدمات الطبية.
وعلى الأرض لم يلتزم الاحتلال بهذه الهدنة، وتم رصد العديد من الانتهاكات، أبرزها قصف شقة سكنية واستشهاد 6 فلسطينيين، ومواصلة العمليات البرية.
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، علي بركة، اتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام ما تسمى بـ"الهدنة الإنسانية" غطاءً لارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين في قطاع غزة، مؤكداً أن ما يجري على الأرض يفضح زيف ادعاءات الاحتلال.
وقال بركة، في تصريح صحفي: إن "الاحتلال يواصل ارتكاب مجازر بشعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، رغم مزاعمه الالتزام بهدنة إنسانية، لافتاً إلى أن "جنود الاحتلال أطلقوا النار بشكل مباشر على جموع من المواطنين الأبرياء الذين كانوا ينتظرون المساعدات في عدة مناطق من القطاع، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى".
وأضاف: "ما يجري ليس هدنة إنسانية، بل هو استمرار في حرب الإبادة والتجويع التي تنفذها حكومة الاحتلال الفاشية بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر في غزة".
ودعا بركة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، إلى التحرك الفوري والعاجل لوقف المجازر المتواصلة، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وفتح المعابر البرية بشكل دائم، لإدخال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية دون قيود.
استجابة للضغط
الكاتب والمحلل السياسي محمود حلمي أكد أن الهدنة لا ترقى إلى وقف إطلاق نار، في ظل استمرار العمليات العسكرية في مناطق أخرى من القطاع.
وقال حلمي، "(إسرائيل) تحاول عبر هذه الهدنة امتصاص الضغط الدولي المتصاعد دون تقديم التزامات سياسية واضحة لوقف العدوان".
وأوضح أن نجاح هذه الهدنة الإنسانية في تخفيف الكارثة قد يفتح الباب لمفاوضات أشمل تقود إلى تهدئة طويلة الأمد، لكن ذلك يبقى مرهوناً بوجود إرادة سياسية من الطرفين وبرعاية دولية فعالة، خصوصاً مع تعثر جهود الوساطة في ملف الأسرى ووقف إطلاق النار حتى اللحظة.
وأشار إلى أن الهدنة رغم محدوديتها تمثل نافذة أمل إنسانية وسط مشهد دموي، لكنها لا تزال بعيدة عن أن تشكل مدخلاً جاداً لإنهاء الحرب أو تحقيق حل سياسي شامل.
تردد وصمت
منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة بغزة، أكد أن ما يسمى "بالهدنة الإنسانية" الإسرائيلية في القطاع "لن تعني شيئاً إن لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح"، وسط "استغاثة الجرحى وتضور الأطفال جوعاً".
وأضاف البرش، : "في ظل هدنة مؤقتة يخنقها التردد والصمت الدولي، يستغيث الجرحى، ويتضور الأطفال جوعاً، وتنهار الأمهات على أطلال ما تبقّى من الحياة".
وطالب البرش "بالإجلاء الطبي العاجل للحالات الحرجة بإصابات في الدماغ والعمود الفقري، والجرحى الذين هم بحاجة لعمليات معقدة تتطلب تقنيات غير متوفرة في غزة، والمرضى الذين يتهددهم الموت إذا لم يُنقلوا فوراً للعلاج".
كما طالب "بإدخال عاجل للمستلزمات الطبية والغذائية خاصة الحليب العلاجي للأطفال والرضّع والمكملات الغذائية عالية البروتين والسعرات".
وشدد على أن "هذه الهدنة لن تعني شيئاً إن لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح"، معتبراً أن "كل تأخير يقاس بجنازة جديدة، وكل صمت يعني طفلاً آخر يموت في حضن أمه بلا دواء ولا حليب".