• الرئيسية
  • من نحن
  • الإفتتاحية
  • اتصل بنا
  • English
إذهب إلى...
    الرأي الثالث الرأي الثالث
    • أحدث الأخبار
    • أخبار خاصة
    • قضية ساخنة
    • حوارات
    • كتابات وآراء
      • محمد النعيمي
      • د محمد جميح
      • حسن عبدالله الكامل
      • نائف حسان
      • فؤاد المنتصر
      • أمة الله الحجي
      • حنان حسين
      • محمد عايش
      • صبحي غندور
      • سمر أمين
      • عبدالعزيز العقاب
      • اسكندر شاهر
      • كمال عوض
      • عبدالوهاب طواف
      • سامية الأغبري
      • حسين الوادعي
      • شيرين مكاوي
      • د. مـروان الغفوري
      • ديمة ناصيف
      • الدكتور زارا صالح
      • خالد الرويشان
      • محمد المسوري
      • د. عادل الشجاع
      • بشير عثمان
      • فتحي بن لزرق
      • الدكتور فيصل الحذيفي
      • علي البخيتي
      • محمد عياش
      • سامي كليب
      • هند الإرياني
      • عبدالإله المنحمي
      • نهى سعيد
      • محمود ياسين
      • حسن عبدالوارث
      • فتحي أبو النصر
      • محمد جميح
      • أ.د. أيوب الحمادي
      • أمل علي
      • منى صفوان
      • ياسر العواضي
      • د. أروى أحمد الخطابي
      • د. أبوبكر القربي
      • ضياء دماج
      • نبيل الصوفي
      • أحمد عبدالرحمن
      • محمد سعيد الشرعبي
      • فكري قاسم
      • د. منذر محمد  طارش 
      • Maria Zakharova
      • د. باسل باوزير
      • عادل الحداد
      • خليل القاهري
      • د. محمد الظاهري
      • أمين الوائلي
      • سارة البعداني
      • سمير الصلاحي
      • عبدالخالق النقيب
      • معن بشّور
      • جهاد البطاينة
      • د.عامر السبايلة
      • محمد محمد المقالح
      • الدكتور إبراهيم الكبسي
      • أحمد سيف حاشد
      • القاضي عبدالوهاب قطران
      • حسين العجي العواضي
      • نايف القانص
      • همدان العلي
      • مجاهد حيدر
      • حسن الوريث
      • د.علي أحمد الديلمي
      • علي بن مسعود المعشني
      • خميس بن عبيد القطيطي
      • د.سناء أبو شرار
      • بشرى المقطري
      • م.باسل قس نصرالله
      • صالح هبرة
      • عبدالرحمن العابد
      • د. عدنان منصور
      • د. خالد العبود
      • أ.عبدالله الشرعبي
    • صحف عربية وعالمية
    • تقارير عربية ودولية
      • تقارير عربية
      • تقارير دولية
    • أدب وثقافة
    • إقتصاد
    • فن
    • رياضة
    • المزيد
      • وسائل التواصل الإجتماعي
      • إستطلاع الرأي
      • أخبار المجتمع
      • علوم وتكنولوجيا
      • تلفزيون
      • من هنا وهناك
      • فيديو
    إذهب إلى...

      شريط إخباري

      • الحوثيون يتهمون غروندبرغ بـ"عدم الحياد" ويلوحون بمقاطعته
      • «هدنة غزة» عالقة بين عراقيل الشروط وآمال الانفراجة
      • روبيو يلتقي نظيره الصيني في ماليزيا: اجتماع بناء وإيجابي
      • غوتيريش: إغراق الحوثيين لسفينتين وقتلهم أربعة من أفرادها تصعيد خطير
      • الرئيس اللبناني: التطبيع غير وارد ولا رجوع عن قرار حصرية السلاح
      • حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه في السليمانية شمالي العراق
      • "قسد" ودمشق... لا نتائج لجولة التفاوض الأخيرة
      • هكذا حوّلت إسرائيل حرب غزة إلى "اقتصاد إبادة" ربحي
      • تقرير حقوقي: مقتل 3600 مدني خلال عشر سنوات من الحرب في تعز
      • توغلات وتدريبات عسكرية إسرائيلية جنوبي سورية

      تقارير عربية ودولية

      قطر... إمارة الاشتباه

      قطر... إمارة الاشتباه

      19 نوفمبر, 2022

      «نحن في الشرق الأوسط نحبّ أن نتحدّث عن السياسة، نحبّ أن نجادل. اُنظر فقط إلى الأنبياء الثلاثة، موسى وعيسى ومحمد، كلّهم من هذه المنطقة الصغيرة التي تَخلق مشاكل في كلّ وقت»

      حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر السابق.

      «احنا تهاوشنا على الصيدة (سوريا)، وفلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها»

      حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري السابق.

      في كتابه الشهير الصادر في ثلاثينيات القرن الماضي، «المرض النفسي والسياسة»، يرى عالم الاجتماع الأميركي، هارولد لاسويل، في سياق محاولته استكشاف العلاقة بين علم النفس والسياسة، أن «الحركات السياسية تكتسب حيويتها من إحلال العاطفة الخاصة على الموضوعات العامة»، معتبراً أن «الطموح السياسي والسعي إلى القوّة» يعملان، والحال هذه، «كتعويض للتغلّب على التقدير المتدنّي للذات» (1). قد تصحّ تلك اللمحة، على رغم إمكانية اعتبارها لدى البعض مجرّد «ثرثرة نفسية»، مدخلاً مناسباً، إنْ لم يكن الأكثر مناسَبةً، للحديث عن قطر، الإمارة الخليجية الصغيرة، والتي يكاد هذا الصِغَر يشكّل بالنسبة إليها «عُقدةً»، لا تفتأ تُدبَّج، من أجل فكفكتها، المقالات والكتب والدراسات، ومن بينها مثلاً كتاب «صمود قطر: نموذج في مقاومة الحصار وقوّة الدول الصغيرة»، الصادر عن «مركز الجزيرة للدراسات» عام 2018، والذي يمكن تلخيص روحه كلّها بجملة واحدة من خاتمة فصله الأوّل: «في النهاية، ليست كلّ دولة صغيرة ضعيفة، فقد بيّنت تجربة صمود قطر - في مواجهة "الحصار" الذي فرضتْه عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 2017 - أنها صغيرة ولكنّها قوية». خلاصةٌ يَصعب ربّما دحضها، ولكن تَسهل في المقابل إزالة «الماكِياج» عن مقدّماتها المتمثّلة في «التعامل الإيجابي مع حقائق الجغرافيا السياسية، من خلال مُراكمة موارد القوّة الناعمة، وتوظيفها توظيفاً ذكيّاً».

      منذ أن كانت الإمارة «مَحلّاً يُقال له "القطر" في جهة الأحساء الشرقية»، أو «قطعة بارزة في البحر في ما بين عُمان والبحرين»، وفق التعريف الوارد لها في العدد 1045 من جريدة «الزوراء» العراقية التي كان يُصدرها الوالي العثماني ما بين عامَي 1869 و1917، فإن «أراضيها كانت محجرة، لا ماء فيها ولا مزارع كالأحساء والقطيف»؛ ولذا، فإن «أهلها، يكادون جميعهم يشتغلون في تجارة صيد السمك واستخراج اللؤلؤ» (2). واللؤلؤ، «السيّد الواحد» الذي «(عشْنا) جميعاً، من أكبرنا إلى أصغرنا، عبيداً له» على حدّ تعبير حاكم قطر الأوّل ومؤسّس أسرة آل ثاني، محمد بن ثاني، لم يكن في أيّ وقت من الأوقات مُلكاً صافياً لأهله، على رغم أن الشعار الجديد للدولة، والذي دُشّن في أيلول الماضي، يُظهر احتفاءً واضحاً بالبحر الذي خَبِر القطريون الغوص فيه والاعتياش من ثرواته، إلى درجة راج معها بينهم المثل الشعبي: «جاور بحر ولا تجاور غني». لكن، لسوء الحظّ، ليست الصورة بتلك الرومانسية الوطنية؛ ذلك أن المشيخة التي تولّت بريطانيا حمايتها في مراحل مختلفة من القرن التاسع عشر، قبل أن تنشأ كإمارة «مستقلّة» تحت حُكم آل ثاني (3)، سرعان ما ارتبطت بالإمبراطورية الآفلة بمعاهدة عام 1916، والتي نصّت في مادّتها الخامسة على تعهُّد الحاكم الثالث، عبد الله بن جاسم آل ثاني، بأن لا يَمنح «أيّ امتيازات أو احتكارات أو مساعدات لأيٍّ كان لصيد اللؤلؤ من دون موافقة الحكومة البريطانية»، في مقابل حصول بلاده على الحماية من غزوات جيرانها، بل وتَمتّعه هو بالحصانة في وجْه مُنافِسيه الداخليين.

      مقايضةٌ لم يَطُل الوقت كثيراً قبل أن تدْخل عهد ازدهار جديداً ومديداً، عندما «أدركت رحمة الله سكّان قطر، فتفجّرت ينابيع البترول تحت أقدامهم، وتبدَّل العسر يسراً»، بعد «سنوات طويلة من الفقر والإملاق» جلبَها لهم كساد تجارة اللؤلؤ، بحسب ما يورد خليفة آل ثاني، نجل الحاكم الرابع علي بن عبد الله آل ثاني، في حديث إلى مجلة «المصور» القاهرية (4). هكذا، نالت بريطانيا امتياز التنقيب عن «البترول»، والذي شُرع فيه عام 1949، ليبدأ بهذا انفجار «الريع النفطي/ الغازي» الكبير، وينطلق مسار «صعود» الإمارة ونظيراتها في شبه الجزيرة العربية، وتَنفتح في المقابل، بدفْع من العاملَين المذكورَين وسواهما، أبواب «البؤس العربي» على مصراعَيها. بؤسٌ سيكون له حديث في ما سيأتي، لكن الزُبدة الأهمّ الآن هي أن «التسلُّم والتسليم» لاحقاً، بين الإمبراطوريتَين، المنصرفة (البريطانية) والصاعدة (الأميركية)، لم يبدّل في واقع الحال القطري شيئاً؛ إذ إن الإمارة تحوّلت سريعاً إلى العيْش في الجلباب الأميركي، مع بعض التمايزات التي وسمتْها عن جيرانها، خصوصاً منذ صعود حمد بن خليفة آل ثاني إلى سدّة الحُكم عام 1995.
      يُنقَل عن هذا الأخير، والكلام على ذمّة الراوي في كتاب «قطر، الصغيرُ القبيح... هذا الصديق الذي يريد بنا شرّاً» (Le vilain petit Qatar... Cet ami qui nous veut du mal)، قوله: «أنا قرمط الجديد»؛ والقرامطة، كما يَذكرهم التاريخ، هم أتباع حمدان قرمط، الذي قاد حركة تمرّد مسلّحة ضدّ الدولة العباسية، واستطاع فرْض نفوذه على مناطق واسعة، قبل أن يقيم دولته في شرق شبه الجزيرة، حيث كانت أشهر معاركه، تلك التي خاضها مع أنصاره في مكة، مُهاجِمين الحرم، وخالِعين باب الكعبة، ومقتلِعين الحجر الأسود الذي احتملوه إلى البحرين، واحتفظوا به هناك لِما يزيد عن عشرين عاماً. وسواءً صحّ الكلام المنسوب إلى حمد أم لم يصحّ، فإن الفعل لا يكذّبه، بل هو دائماً ما يأتي لينمّ عن حالة من الطموح الجامح، لا إلى التفوّق على الجيران الأقربين الذين غالباً ما طَبع علاقاتِهم الحسدُ والتنابذ، فحسب، بل وأيضاً إلى التغيير السياسي في البلدان العربية التي كان أسهمَ ازدهار الثروة النفطية في نقْل «عوامل القوّة السياسية والاقتصادية والثقافية» منها، إلى «المجتمعات ذات الأساس البدوي» المتشكّلة حديثاً، والتي تكتّلت لاحقاً في ما بات يُعرَف بـ«نادي الأغنياء» الخليجي - وفي ذلك واحد من عوامل الشقاق في المشرق العربي وفق ما يحدّدها جورج قرم -؛ فضلاً عن تمديد أذرع النفوذ في الدول الغربية، ومن بينها فرنسا التي يفنّد الكتاب الفرنسي المُشار إليه آنفاً، حقيقة التغلغل القطري فيها، حيث جعل «أمّة، هي أيضاً ضمن القوى الكبرى، ترتجف، عندما تقطّب شبه جزيرة صغيرة جدّاً، تكفي شحطة قلم لمحوها عن الخريطة، حاجبَيها» كما يقول المؤلِّفان نيكولا بو وجاك-ماري بورجيه.

      التقت تطلّعات حمد إلى جعْل بلاده «لاعب ارتكاز» في المنطقة والعالم، مع رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على «باب دوّار» من صِنف «الليبرالية الإسلامية»، يتيح لها عند الحاجة العودة إلى خصومها ومُفاوضتهم ومُراوغتهم بل وعقْد الصفقات معهم. بتعبير آخر، استثمرت واشنطن في هوس الدوحة بـ«التفرّد»، والذي تُرجم علاقات متنافرة/ متزامنة في ما بينها وبين الأميركيين وأصدقائهم وأعدائهم وأعداء أعدائهم على السواء - بما لا يستثني طبعاً إسرائيل التي كان لقطر قصَب السبْق في مدّ الجسور معها على رغم كثرة الجعجعة الرافضة للتطبيع -، وذلك من أجل تثبيت «خطّ رجْعة»، لم يبقَ في حقيقة الأمر خطّاً، بل استحال قاعدة هي اليوم مِن بين الأكبر والأهمّ في «الشرق الأوسط» (العُديد بوجودها المادّي ووزنها الرمزي). من هنا، يمكن فهْم القصّة ببساطة إذاً، ومع هذا، يكاد لا يخلو الفضاء أبداً من «أفكار مجهولة المصدر والسياق»، مِن النوع الذي يُجيز التساؤل: «كيف يَخطر في بال قطري أن يتحدّث عن "تحالف" بين دولته وبين الولايات المتحدة الأميركية؟ يَخطر» (5). يَخطر؛ لأن أمراء شبه الجزيرة العربية، فاحشي الثراء، عموماً، يفتقرون إلى فضيلة التواضع، ويعتقدون أن «الدُنيا» ستظلّ مُلك أيديهم على طول الخطّ، على رغم أن شيمتها الثابتة «اللفُّ والدوران»، وأن أحداً لا يستطيع تلافي ضوائقها دائماً.

      قد تحقّ لقطر «المباهاة» بأن «حليفها» الأميركي لم يتهاون بالتهديد السعودي بغزوها عام 2017، وأنه كانت له كلمته الحائلة دون هكذا سيناريوات، تماماً كما كان للبريطانيين دورهم الرئيس في منْع عبد العزيز آل سعود من اجتياحها عام 1922 - الأمر الذي لا يرغب السعوديون في نكئه البتّة، وفق ما يُظهره تحذير الملك سلمان من «خطورة قيام قطر وبريطانيا برقمنة الجزء العربي من الأرشيف البريطاني» (6) -، لكن المحنة التي يمرّ بها «الجار اللدود» اليوم في علاقته مع المركز الأميركي، تجعل من العبث واللاعقلانية إغماض العينَين عمّا تشهده المنطقة من «انشطارات خلويّة» للتحالفات، على رغم أن الممالك والإمارات والسلطنات تُظهر جميعها، منذ مدّة، ميلاً إلى التكيّف والتحوّط. تحوّطٌ، على أهمّيته ودلالته، لم يمنع الدوحة من إنفاق ما لا يقلّ عن 24 مليون دولار، خلال سنوات «الحصار»، من أجل تبييض صفحتها في واشنطن، حيث اشتغلت بجدّ واهتمام على مستويات مختلفة، بدءاً من تعزيز سياسة «حمْل المباخر» في البيت الأبيض، مروراً بتكثير «أوراق الاعتماد» في الملفَّين الحقوقي والعسكري، وصولاً إلى مفتاح «التلميع» الأهمّ، والمتمثّل في استرضاء أنصار إسرائيل.
      وإذا كان ذلك ما فعلته الإمارة من أجل موازنة التحريض السعودي - الإماراتي عليها لدى الأميركيين وإعادة قلْب الموقف لصالحها، فهو - على جسامته - لا يضاهي حتماً استماتتها لانتزاع الحق في استضافة «بطولة كأس العالم»، بدءاً من الرشاوى التي اشترت بها أصوات مسؤولي «الفيفا» لدى اشتداد التنافس على البطولة عام 2010، وصولاً إلى «الفُرجة» الخيالية التي تُقيمها اليوم على أراضيها، والتي تَمنّ علينا، من ضمن ما تَمنّ به على «العالم»، بأنها ستكون «لكلّ العرب»، وأيّ «نعمة» تلك! على أن المفارقة أن هذه الاستماتة لم تُعْفِ المشيخة من تلقّي سيْل من التنمّر والازدراء - اللذَين يُواجَهان الآن بحملات ديبلوماسية وإعلامية مثيرة للشفقة -، من الحكومات والمنظّمات نفسها «العزيزة على قلبها»، والتي يتّخذ القطريون من أدنى رفّة جفن لها، حجّةً «مقدّسة» على الجهات التي نصّبوا أنفسهم «مُحاربين» لإصلاحها. والواقع أنه لا غَرْو في «هجمات» تهشيم الدوحة على خلفيّة قصورها عن تلبية جميع بنود «دفتر الشروط» الغربي؛ فالإمارة القطرية ليست في نهاية الأمر إلّا «دغلاً من الأدغال»، بحسب التقسيم «البوريلي» للعالم - نسبةً إلى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -، ولو اشتبه عليها الأمر يوماً ما، وظنّت نفسها «حديقة» أو «شبه حديقة».

      والاشتباه ليس عارِضاً في سياسات المشيخة، بل هو متأصّل وثابت، وما نموذجه الأهمّ الذي تجلّى مع انطلاق انتفاضات «الربيع العربي»، عنّا ببعيد. آنذاك، وفي ما يجسّد طفرة للتدخّلات الخارجية التي أصبحت قاعدة متّبَعة بين الدول العربية منذ الاستقلال، أرادت «دولة صغيرة وغير ديموقراطية، كإمارة قطر، أن تكون عاملاً فاعلاً على مسرح الثورات العربية، مُقدّمةً الدعم للحركات الإسلامية المتنوّعة كالإخوان المسلمين، أو الجماعات المسلّحة المرتبطة بتنظيم القاعدة» (7). ولـ«الإخوان» مع قطر قصة طويلة عائدة إلى تاريخ هجرتهم الأولى إليها من مصر عام 1954، حيث حظوا مذّاك بـ«سطوة معنوية كبيرة» على الشعب القطري، وتفرّدوا بـ«السيطرة الكاملة على حقل التعليم»، قبل أن ينتقلوا في مطلع الثمانينيات من «المرحلة الدعوية المحضة» إلى «المرحلة الحركية»، ثمّ يُفسَح المجال لهم، مع وصول حمد إلى سدّة الحُكم، لأن «يشغلوا مساحة وازنة في الجهاز البيروقراطي للدولة القطرية» - بعدما وجد فيهم الأمير الجديد خيْر مطيّة لتوسيع نفوذ بلاده الخارجي -، وفق ما يروي فؤاد إبراهيم سيرتهم في هذه الدولة في كتابه «الإخوان المسلمون في الخليج». وبمعزل عن حقيقة السبب الكامن خلْف قرار حلّ الجماعة هناك، وانصرافها إلى «إصلاح العالم الداخلي»، فإن هذا التلاشي السياسي تَرافق مع انفتاح أبواب «التعاون» على مصراعَيها مع «إخوان الخارج»، إلى حدّ باتت تُوصف معه قطر بأنها «إخوانستان صغيرة».

      «الأَخونة» التي شكّلت أحد الجناحَين اللذَين «حلّقت» بهما قطر إقليمياً، وازاها جناحٌ آخر لا يقلّ أهمّية، متمثّلٌ في بناء «إمبراطورية عابرة للأقطار»، تضمّ صحفاً ومجلّات ومحطّات تلفزة وصناديق خيرية ومؤسّسات بحثية وجوائز دولية «على مدّ عيْنكَ والنظر»، في ما يُعدّ واحداً من أبرز تجلّيات السيطرة الخليجية على الحياة السياسية والفكرية في العالم العربي، وانعكاساً لقدرة أمراء شبه الجزيرة على احتكار وسائل الإعلام بتخصيص ميزانيات لها «لا تستطيع أيّ دولة أو أيّ قوّة سياسية مجاراتها» (8). ولذا، فإن التعدّدية هنا، خصوصاً في المجال التلفزيوني، مشوَّهة تماماً، فيما التنافس يُقارب أن يكون غير ذي صلة، وحتى عندما يَحضر، فإنّما بصورة مهلهَلة، يزيدها رخاوةً خليطٌ من علوّ النبرة وتشوّش الفكرة واضطراب الأداء، مثلما يتّضح في بعض القنوات التي أنشأها المحور المُعادي للهيمنة الأميركية لمُنافسة «الجزيرة» وأخواتها. على أن رَجحان الكفّة هذا لصالح الشبكات والوسائط المموَّلة خليجياً، ومن ضِمنها قطرياً، لا يعني، بحال من الأحوال، أن هذه الأخيرة استطاعت أن تنجز المهمّة المُوكلة إليها بنجاح تامّ أو من دون منغّصات، بل إن التحوّلات التي طرأت في السنوات القليلة الفائتة على أداء البعض منها، كما في حالة «الجزيرة»، إنّما ينطق بوضوح بفشل الرهانات التي كانت عقدتْها إبّان ذروة استحالتها «ناطقةً بلسان الإخوان»، فيما بعضها الآخر، المنتمي إلى التيّار «الليبرالي» الذي يقوده عزمي بشارة، لا يزال مقيماً في المربّع صفر، مُغمِضاً عينيه بطريقة رهيبة عن مجمل التغيّرات والانقلابات التي عصفت بالمنطقة، ومعتصِماً بلغة طفولية وشعارات عصبية ونماذجَ غرضُها «إراحة الضمير»، يظنّ أنه من خلالها يستطيع أن يَدخل إلى الحدث «دخولاً صحّياً»، بينما هو لا يني يَخرج منه «خروجاً مَرضياً».

      على رغم الانتكاسات المُشار إليها، لم تيأس قطر من إمكانية التحوّل إلى «أثينا جديدة»، وما اللوحات «المهلوِسة» التي تتجسّد في صحرائها هذه الأيّام، إلّا التجلّي الأشدّ وضوحاً لذلك «الجنون». صحيح أن مسؤولي الإمارة وجيوشها الإعلامية يدأبون على محاولة استلهام معنًى من تلك القصّة السوريالية، سواءً بالحديث عن بُنى تحتية مستدامة تتلاءم واحتياجات السكّان المحلّيين، وترتبط بصلة قرابة عميقة بالاقتصاد بوصْفه أداة بناء رأس المال الاجتماعي، وتبتعد عن أن تكون مجرّد «فِيلة بيضاء» معدومة الفائدة المستقبلية (الملاعب ذات التكلفة الهائلة في هذه الحالة)، أو بتكثيف الترويج لتبادل ثقافي مفترَض ومساحة مشتركة ناشئة لتنمية الخبرات الجماعية وصقْل العقل العام، أو بالتسويق لمضمونٍ إنساني باعثٍ على التفكّر العاطفي والتأمّل الفلسفي أو الباطني - تكفي لإبطاله، مثلاً، إجابة الشرطة القطرية أحد العمّال الكينيين في «مطحنة» كأس العالم، لدى احتجاجه على حشْره ورفاقه في «زريبة» تعجّ بالصراصير والبقّ وتفتقر إلى التكييف في بلد تصل فيه الحرارة إلى خمسين درجة مئوية، بالقول: «ماذا تريد؟ أن تكون بمرتبة ملك؟ أو أن تكون لديك فيلا؟» (9) -، إلّا أن ما تَقدّم كلّه لا يعدو كونه مسعًى للتغطية على الحقيقة التي تقول إنّنا أمام صَنَمية حديثة، تُمجّد «الديلوكس»، وتؤلّه الاستعراض، وتَهيم بـ«الأعلى» و«الأكبر» و«الأفضل» و«الأفخم» من دون أن تستبطن أفعل التفضيل هذه سوى الخَواء الحضاري، الذي كانت دبي سبّاقة في تقديم وصْفة الانعتاق منه، عبر التوحّش في المظاهر، وتربيب المال، وتبجيل العبث، والإسراف في التجمّل بصورة مثيرة للهُزء.
      وعلى ذكْر دبي و«نموذجها» الملهم لـ«شقيقاتها» في الخليج، قد تجوز، هنا، الاستعانة بشهادة واحد ممّن «تحوّلوا إلى أصحاب افتتاحيات لاذعة في وسائل إعلام عربية مموَّلة من ممالك النفط»، حيث يتجاهلون «السلطوية المطلقة العنان لأنظمة إقطاعية الطابع ولاقتصاديات الملكيات النفطية، تجاهلاً تامّاً»، كما لو أن «السعودية أو قطر هما ديموقراطيتان متقدّمتان من الأنموذج الإسكندنافي» (10). يقول حازم صاغية، في لحظة بدا فيها بالفعل «على كوكبنا» - الذي يرمي الكاتب جميع المؤمنين بالمقاومة خارجه، مسخّراً مقالاته للتنظير للهزيمة -، متناولاً بالنقد ظاهرة برج دبي: «يلوح هذا العشق للجِدّة الدائمة كأنّه هرب ممّا "نحن فيه"، وضجر عميق يبحث عن علاج لنفسه بلا انقطاع، لأن صاحبه ما إنْ يخلو بنفسه حتى يموت» (11).
      على أن «الموت» الذي تفرّ منه الممالك والإمارات الواهمةُ أن الخلود يُشترى بالمال، سيأتيها حتماً، وما خلاف ذلك إلّا أفكار «تبشيرية» تَصلح للقصص الخرافية فحسب.

      المراجع:
      1- علم النفس السياسي/ ديفيد باتريك هوتون
      2- قطر من النشوء إلى قيام الدولة الحديثة/ طارق الحمداني
      3- تاريخ قطر المعاصر / مفيد الزيدي
      4- قطر من النشوء إلى قيام الدولة الحديثة
      5- أفكار مجهولة المصدر/ جوزيف سماحة/ السفير 1-5-2003
      6- رسالة رئيس مجلس إدارة «دارة الملك عبد العزيز»، سلمان بن عبد العزيز، إلى وزير الخارجية الراحل سعود الفيصل/ ويكيليكس
      7- الفكر والسياسة في العالم العربي/ جورج قرم
      8- المصدر نفسه
      9- شهادة مالكولم بيدالي وفق ما يوردها موقع «أوريان 21» في مقالة بعنوان: كأس العالم 2022 في قطر/ الخليج: نظام تشغيل يجب تفكيكه (Coupe du monde de football 2022 au Qatar
      Golfe. Un système d’exploitation qu’il faut démanteler) - تشرين الأوّل 2022
      10- الفكر والسياسة في العالم العربي
      11- أبراج الله وبرج دبي - قضايا قاتلة/ حازم صاغية

      دعاء سويدان 

        مشاركة :
      • طباعة

      مقالات متنوعة

      • تقارير عربية ودولية 11 يوليو, 2025

        الحوثيون وإسرائيل... مواجهة مشروعة أم ضرب من اللامعقول

        الحوثيون وإسرائيل... مواجهة مشروعة أم ضرب من اللامعقول
        تقارير عربية ودولية 11 يوليو, 2025

        المندب والسويس دون رجاءٍ صالح

        المندب والسويس دون رجاءٍ صالح
        تقارير عربية ودولية 10 يوليو, 2025

        إيران: عندما تخطئ الحسابات

        إيران: عندما تخطئ الحسابات
      • تقارير عربية ودولية 10 يوليو, 2025

        المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة

        المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة
        تقارير عربية ودولية 10 يوليو, 2025

        تناقضات الإسلام السياسي وخيانة مفهوم الدولة

        تناقضات الإسلام السياسي وخيانة مفهوم الدولة
        تقارير عربية ودولية 10 يوليو, 2025

        الشرق الأوسط بعد الحرب: هل يتحقق السلام بـ«قوة الردع»؟

        الشرق الأوسط بعد الحرب: هل يتحقق السلام بـ«قوة الردع»؟

      أترك تعليق

      تبقى لديك ( ) حرف

      الإفتتاحية

      • فيديو ترامب …الفضيحة الحوثية!
        فيديو ترامب …الفضيحة الحوثية!
        07 ابريل, 2025

      الأكثر قراءة

      • المعارضة السورية تطوّق دمشق وتدخل مدينة حمص
        المعارضة السورية تطوّق دمشق وتدخل مدينة حمص
        07 ديسمبر, 2024
      • المعارضة السورية تسطر الإنتصارات على أبواب حماة
        المعارضة السورية تسطر الإنتصارات على أبواب حماة
        04 ديسمبر, 2024
      • المعارضة السورية تسيطر على رابع مطار عسكري وتتقدم بريف حماة
        المعارضة السورية تسيطر على رابع مطار عسكري وتتقدم بريف حماة
        03 ديسمبر, 2024
      • فصائل المعارضة السورية تدخل دمشق وتبث «بيان النصر»
        فصائل المعارضة السورية تدخل دمشق وتبث «بيان النصر»
        08 ديسمبر, 2024
      • الوجه الجديد للمملكة العربية السعودية
        الوجه الجديد للمملكة العربية السعودية
        02 يونيو, 2023

      تقارير عربية

      • الحوثيون وإسرائيل... مواجهة مشروعة أم ضرب من اللامعقول
        الحوثيون وإسرائيل... مواجهة مشروعة أم ضرب من اللامعقول
        11 يوليو, 2025
      • المندب والسويس دون رجاءٍ صالح
        المندب والسويس دون رجاءٍ صالح
        11 يوليو, 2025
      • دمشق المُنهكة... زحام وفقر وبنية تحتية مدمّرة
        دمشق المُنهكة... زحام وفقر وبنية تحتية مدمّرة
        10 يوليو, 2025
      • لا حل عسكري للازمة السياسية اليمنية
        لا حل عسكري للازمة السياسية اليمنية
        10 يوليو, 2025
      •  " لصوص الوطن"..؟!
        " لصوص الوطن"..؟!
        10 يوليو, 2025

      تقارير دولية

      • إيران: عندما تخطئ الحسابات
        إيران: عندما تخطئ الحسابات
        10 يوليو, 2025
      • المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة
        المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة
        10 يوليو, 2025
      • تناقضات الإسلام السياسي وخيانة مفهوم الدولة
        تناقضات الإسلام السياسي وخيانة مفهوم الدولة
        10 يوليو, 2025
      • الشرق الأوسط بعد الحرب: هل يتحقق السلام بـ«قوة الردع»؟
        الشرق الأوسط بعد الحرب: هل يتحقق السلام بـ«قوة الردع»؟
        10 يوليو, 2025
      • أزمات غزة تتفاقم مع حصار الاحتلال وعدوانه
        أزمات غزة تتفاقم مع حصار الاحتلال وعدوانه
        10 يوليو, 2025

      Facebook

      فيديو

      حوارات

      • الزنداني: هجمات البحر الأحمر أضرّت بخريطة الطريق والخيار العسكري ممكن
        12 مارس, 2025
      • الشرع: تجربتي في العراق علمتني ألا أخوض حرباً طائفيةً
        11 فبراير, 2025
      • آلان غريش: نتنياهو يخوض حرب الغرب الجماعي
        18 اكتوبر, 2024
      • الرئيس علي ناصر محمد : الشعب اليمني عصيّ على الطغاة والغزاة عبر التاريخ
        14 يونيو, 2024
      • غروندبرغ: التصعيد في البحر الأحمر أثر على مسار السلام في اليمن
        11 ابريل, 2024
      © 2017 alrai3.com