
رفع العقوبات الأميركية عن سورية: عودة "سويفت" وصعود الليرة 30%
شهدت العلاقات الاقتصادية لسورية مع الخارج تحوّلاً تاريخياً بعد إعلان إزالة البلاد من قوائم العقوبات الأميركية التابعة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، بما يتيح للشركات الأميركية التعامل مع الحكومة السورية دون قيود قانونية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود دولية لإعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي العالمي، بعد أكثر من عقد من العزلة الاقتصادية.
ويُتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير مباشر بعودة التحويلات المالية بالدولار وربط المصارف السورية بشبكة "سويفت" العالمية، ما يمهّد لإجراءات لاحقة من دول أوروبية وجهات دولية أخرى.
كذلك يُنتظر أن ينعكس إيجاباً على تعزيز الثقة بالليرة السورية، وخصوصاً في ظل الخطوات النقدية التي أعلنها مصرف سورية المركزي، والتي تشمل حذف الأصفار وطرح فئات جديدة من العملة، بما يسهم في خفض التضخم ودعم الاستقرار المالي على المدى القصير.
إزالة العقوبات وعودة النظام المصرفي
من أبرز نتائج القرار، إزالة أكثر من 500 فرد وكيان من قائمة الرعايا المحددين بشكل خاص (SDN)، بما في ذلك مصرف سورية المركزي، ما يتيح للبنوك والشركات الدولية إجراء معاملات مع هذه الكيانات دون الخوف من العقوبات الثانوية الأميركية.
كذلك عاد مصرف سورية المركزي للظهور ضمن نظام التحويل البنكي الدولي "SWIFT" تحت الرمز "SY – SYRIAN,ARAB,REP"، في المصارف الأوروبية والتركية والسعودية، ما يشير إلى إعادة تفعيل العلاقات المصرفية الرسمية لسورية بعد سنوات من العزلة.
ورغم هذه التطورات، تبقى بعض القيود قائمة، مثل القوانين الأميركية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والصادرات العسكرية، إضافة إلى قانون "قيصر" الذي جرى التنازل عنه مؤقتاً دون إلغائه نهائياً.
خطوة عملية أولى
في السباق ذاته، قال الخبير الاقتصادي والمصرفي أنس فيومي إن إزالة سورية من قوائم عقوبات "أوفاك"، وما يترتب عنها من السماح للشركات الأميركية بالتعامل مع دمشق، تمثل الخطوة العملية الأولى في مسار رفع العقوبات، بعد أن اقتصرت الإجراءات السابقة على تصريحات سياسية.
وأوضح فيومي أن إدراج اسم مصرف سورية المركزي مجدداً على شبكة "سويفت" العالمية يُعد محطة مفصلية، لكون الاقتصاد الأميركي يقود الاقتصاد العالمي.
ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح المجال أمام إجراءات لاحقة من دول أوروبية، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري في المدى القريب عبر خفض معدلات التضخم.
وأشار إلى أن هذه التطورات تتزامن مع خطة نقدية جديدة لمصرف سورية المركزي، تتضمن حذف الأصفار وإصدار ست فئات عملة جديدة، بما يعزز الثقة بالليرة السورية.
ورأى فيومي أن المرحلة المقبلة تتطلب إجراءات عملية موازية لتحرير السحوبات النقدية والحوالات، سواء عبر المصارف العامة أو الخاصة،
محذراً من أن الإبقاء على القيود المشددة سيشكل عائقاً كبيراً أمام عودة الاستثمارات أو الأموال التي يرغب السوريون بالخارج في إعادتها إلى بلدهم.
وأضاف أن تفعيل الحوالات الخارجية وتخفيف القيود على السحب سيكونان من الخطوات الجوهرية اللازمة لاستثمار رفع العقوبات بشكل فعلي، مؤكداً أن دور مصرف سورية المركزي في هذه المرحلة سيكون حاسماً لضمان نجاح المرحلة الاقتصادية الجديدة.
ارتفاع الليرة بنسبة 30%
من جهته، اعتبر الخبير في السياسات النقدية كمال ياغي ، أن رفع العقوبات الأميركية انعكس فوراً على سعر صرف الليرة السورية، التي شهدت تحسناً بنحو 30% خلال أيام قليلة نتيجة عودة الثقة تدريجياً بالعملة المحلية.
وأوضح ياغي أن الأسواق المالية عادة ما تستجيب بسرعة لأي مؤشرات إيجابية تتعلق بقدرة البلاد على الوصول إلى الدولار والنظام المصرفي العالمي.
وأضاف أن هذا التحسن قد لا يكون مستداماً ما لم تترافق الخطوة مع إجراءات داخلية داعمة، مثل ضبط السيولة، وتوفير الدولار عبر قنوات رسمية، وإعادة هيكلة السياسات النقدية.
وشدد ياغي على أن الانفراج المالي الأخير يمهّد لمرحلة جديدة قد تعيد لليرة السورية جزءاً من قوتها المفقودة، وتخفف من الأعباء المعيشية عن السوريين على المدى القصير،
مشيراً إلى أن هذه التطورات تمهد الطريق أمام مرحلة اقتصادية أكثر استقراراً وربطاً مع الأسواق العالمية.