
كاستيا ريال مدريد.. مواهب برازيلية شقت طريقها وأخرى ضاعت في زحام النجوم
عمل نادي ريال مدريد في السنوات الأخيرة على تغيير استراتيجيته في سوق الانتقالات، منتقلاً من سياسة استهداف النجوم الكبار والصفقات الضخمة التي تُرهق خزينة النادي، إلى نهج يعتمد على اصطياد المواهب الشابة،
وضمّ "العصافير النادرة" لصالح الفريق الرديف. ويهدف هذا التوجه إلى تطوير هؤلاء اللاعبين داخل منظومته، والاستفادة من قدراتهم قبل انفجار نجوميتهم ووصول قيمتهم السوقية إلى أرقام باهظة.
وتُعدّ البطولة البرازيلية الوجهة المفضلة للأندية الباحثة عن لاعبين يمتلكون مواهب استثنائية، ويحتاجون فقط إلى صقل قدراتهم من الناحية التكتيكية والأكاديمية.
هذا النهج تبعه العديد من الفرق التي تسلك المسار نفسه، وهو ما مكّن النادي الملكي من ضم عدد كبير من اللاعبين القادمين من بلاد بيليه، الذين انتقلوا إلى ريال مدريد في سن مبكرة، وهم يحلمون بتطوير أنفسهم، وارتداء قميص الفريق الأكثر تتويجاً بدوري أبطال أوروبا.
وعرف "الميرينغي" في السنوات الأخيرة نجاح بعض اللاعبين الذين شقوا طريقهم من خلال الفريق الثاني "كاستيا"،
ويأتي في مقدمتهم نجم الفريق الأبرز في الفترة الأخيرة البرازيلي فينيسيوس جونيور (25 عاماً)، الذي نال فرصته تدريجياً حتى أصبح النجم الأول في النادي الملكي بعد رحيل الفرنسي كريم بنزيمة (37 عاماً)، ويحصل بعدها على شرف حمل القميص رقم 7 الأسطوري، ويصبح أحد قادة الفريق.
كما برز اسم مواطنه رودريغو (24 عاماً)، النجم الصامت، الذي ظل بعيداً عن الأضواء رغم تأثيره الكبير، ولعل مساهمته الحاسمة أمام مانشستر سيتي في نصف نهائي دوري الأبطال 2024، التي قادت إلى "الريمونتادا" الشهيرة، كانت من أبرز محطاته، وأسهمت في تتويج النادي الملكي بلقبه الرابع عشر في تاريخه.
ويأتي الواعد إندريك (19 عاماً) ليؤكد أن المواهب البرازيلية قادرة على الوصول إلى الفريق الأول ونيل فرص أكبر، إذ بدأ الموسم الماضي بالمشاركة في دقائق أكثر، قبل أن يحصل هذا الموسم على القميص رقم 9، واضعاً نصب عينيه هدف النجاح وإثبات نفسه ضمن كتيبة الملوك.
وعلى الجانب الآخر، ضاعت مواهب برازيلية في زحام النجوم، وفشلت في الحصول على فرص حقيقية مع الفريق الأول، مكتفية بالمرور عبر الفريق الثاني، ثم خوض تجارب إعارة، بحثاً عن إثبات الذات وتطوير القدرات للوصول إلى الصف الأول،
ومن أبرز الأمثلة في الموسم الحالي رحيل الموهبة التي علّق عليها ريال مدريد آمالاً كبيرة رينير جيسوس (23 عاماً)، الذي انضم في فبراير/ شباط 2020 مقابل 30 مليون يورو، لكنه ودّع النادي بعد خمس سنوات، بعدما لم يخض أي مباراة رسمية مع الفريق الأول، مكتفياً بثلاث مشاركات مع "كاستيا"، سجل خلالها ثنائية أمام كوروتشو، قبل أن يبدأ رحلة إعارات بين إسبانيا وألمانيا وإيطاليا.
في وقت يبرز اسم أوغوستو غالفان (26 عاماً)، لاعب الوسط الذي بزغ نجمه في أكاديمية ساو باولو وقاده تألقه في بطولة الكأس الدولية تحت 17 عاماً في قطر عام 2017 إلى الانتقال إلى ريال مدريد مقابل ثلاثة ملايين يورو،
لينضم إلى "كاستيا" ويتدرّب بجوار نجوم كبار، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو (40 عاماً) والكرواتي لوكا مودريتش (39 عاماً)، ليجد نفسه اليوم لاعباً جديداً في صفوف إنتر دي ليمييرا بدوري الدرجة الرابعة في البرازيل.
وجاء هذا التباين الكبير في المسار، الذي سلكته المواهب البرازيلية مع ريال مدريد، ليؤكد أن الموهبة وحدها لا تكفي، وأن التألق في سن مبكرة لا يضمن الحفاظ على وتيرة التطور نفسها مع مرور السنوات،
فالتوقف عن التحسن يقود حتماً إلى التراجع، بينما يبقى العمل الجاد والتطوير المستمر السبيل الأهم لتمكين اللاعبين من التقدم في مسيرتهم، مع ضرورة استغلال أنصاف الفرص التي تُمنح لهم، خاصة أنهم يرتدون قميص فريق يعج بالنجوم، لا تتكرر فيه الفرص إذا أُهدرت.