Megalopolis: "كوبولا" يبشر بسقوط الإمبراطورية الأميركية
بعد مشواره الطويل والزاخر بنجاحات مدوية أبرزها مع سلسلة أفلام: "العرّاب"، أقدم المخرج فرنسيس فورد كوبولا وهو في سن الـ 85 على كتابة وإنتاج وإخراج شريط متشائم بحال الولايات المتحدة حالياً واصفاً معاناتها بما سجّله التاريخ من تضعضع إمبراطورية روما بسبب الفساد وسلطة المال وطأطأة الرؤؤس من أجل المناصب والمنافع والتحكّم بالعباد، ما أدى إلى إنهيارها الصاعق بعدما حكمت معظم العالم القديم.
المخرج كوبولا يقدم صورة لأميركا على أنها روما الحديثة التي تقع تحت وطأة حضارتها وتفوقها شارحاً وعارضاً لجوانب الوقائع السلبية منذ تفتح الستارة معلنة بدء مشاهد فيلم megalopolis التي لا تترك ثانية واحدة من الـ 138 دقيقة – مدة العرض – إلا وهناك دلائل وشواهد على الزلزال المدمر الذي سيهدم أركان هذه الإمبراطورية التي يبادر كوبولا في مقدمة شريطه إلى القول "جمهوريتنا الأميركية ليست مختلفة أبداً عن روما القديمة، هل يمكن أن نحفظ ماضينا وكل تراثه المدهش، أم هل سنسقط أيضاً ضحية مثل روما القديمة بسبب الشهية النهمة للسلطة من بضعة رجال، الموت اختار الآن روما الجديدة".
نعم هكذا وبكل وضوح يتحدث الفيلم عن روما الجديدة في القرن الواحد والعشرين، ويتساءل: متى تنهار الإمبراطورية، وهل ستنهار في لحظة فظيعة واحدة، ليقول "إنها في حالة تعب وعندما لا يؤمن بها شعبها أكثر تبدأ الإمبراطورية بالموت" وتتظهر صورة النعي أكثر مع شرح إضافي "تخيلوا مجتمع اليوم حيث فرع الحضارة على وشك الوصول إلى طريق مسدود وتبدو الإنسانية كشجرة قديمة بفرع خاطىء واحد يدعى الحضارة التي تبدو العدو الأول للبشرية – مستشهداً بكلمات الفرنسي جان جاك روسو – إن جمهوريتنا آيلة إلى السقوط" ويلي هذا الكلام تشكيل ميلودرامي يقدم نماذج عديدة من الوقائع التي تؤشر على النهاية الحتمية التي تسير نحوها أميركا.
الفساد، المجتمع النخبوي الفاسد المتمثل بأصحاب المصالح والغايات والذين يلتقون في غرف مغلقة ويخططون لأرباحهم على حساب السلطة التي تعنيهم بعد جني ما أمكن من المال وعلى الدوام تلعب المرأة دوراً رئيسياً محورياً يمهد للفوز لكنه يؤدي في نهاية المطاف إلى الهلاك الحتمي وما أكثر النساء من هذا الصنف في الفيلم، الذي يحمل في عنوانه جواباً على سؤال عن اليوم التالي الذي يعقب السقوط المدوّي، نعم إن عنوان:
Megalopolis يعني المدينة الفاضلة الجديدة التي ستولد بوجه حقيقي لحضارة تهتم بفرح ومصالح الناس وتطلعاتهم وهي اللبنة الأولى للإمبراطورية الجديدة التي يسعى لتحقيقها بطل الشريط قيصر كاتالينا – حضور رائع للممثل آدم درايفر – الذي يمثل الوجه الإيجابي موضع الرهان للتعويض عن ضياع كل شيء.
لكن قيصر يتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة يدبرها الفاسدون عبر فتىً يحمل مسدساً داخل كتاب، ونجاته من الموت كانت تحققت له عندما فشل في الإنتحار يأساً من الحال في البلاد التي وجد أنها لن تتحسن أبداً، وبقي الأمل معلقاً عليه، وإذا به يمثل طليعة المستقبل المختلف لأميركا مع نشر مجسم للمشروع البديل يُظهر كل معالم البنيان والشعب السعيد بالولادة الجديدة لبلد مختلف.
كثيرة هي الأسماء التي شاركت في رائعة كوبولا هذه يتقدمهم داستن هوفمان، الدانماركي جيانكارلو إيسبوزيتو، شيا لابوف، ناتالي إيمانويل، جون فويت، لورانس فيشبورن، وبايلي كوبولا – إبنة المخرج – وقد صور الفيلم في نيويورك بميزانية 120 مليون دولار، لم يجن منها – ككل الأفلام النخبوية – سوى 14 مليوناً منذ 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، وحتى أمس القريب.
الكاتب: محمد حجازي