
"النويلاتي"... محاولة لكسر تكرار الفانتازيا الشامية
أعلنت شركة غولدن لاين مشاريعها الدرامية المرتقبة لموسم رمضان المقبل، وتستعد لإطلاق عملين متوازيين: مسلسل سعادة المجنون من تأليف علاء المهنا وإخراج سيف السبيعي، ومسلسل النويلاتي الذي كتب نصه عثمان جحى.
ويعيد "النويلاتي" الشراكة الفنية الثلاثية التي باتت مألوفة: الشركة المنتجة، والنجمان باسم ياخور وديمة قندلفت، والكاتب عثمان جحى.
شراكة سبق أن قادت مسلسل العربجي بجزأيه إلى جماهير واسعة، ما يفتح الباب لاحتمال انضمام النجم سلوم حداد إلى طاقم العمل، في تكرار لتوليفة باتت علامة مسجّلة لدى الشركة.
ما يميّز "النويلاتي" هذا العام، وفق صنّاعه، كونه عملاً فانتازياً يدور في أجواء غير مألوفة ضمن مسلسلات البيئة الشامية، إذ يتناول عالم صناعة الغزل والنسيج عبر النَّول، كاشفاً خبايا هذه المهنة للمرة الأولى درامياً.
غير أن النص، رغم فانتازيته، يستند إلى خلفية تاريخية حقيقية، أبرزها أحداث الاقتتال الطائفي الذي شهدته دمشق عام 1860، بعد مجزرة دير القمر في جبل لبنان، التي أدت إلى سقوط ضحايا من مختلف الطوائف، مسيحيين ودروز ومسلمين ويهود.
لكن عودة الفريق الإبداعي نفسه للسنة الرابعة على التوالي تثير تساؤلات مشروعة من جمهور بدأ يشعر بأن "غولدن لاين" تعيد إنتاج نفسها داخل قالب درامي مكرور، سواء من ناحية الأسماء أو الشكل البصري أو السردي.
فهل سيتمكّن "النويلاتي" من كسر هذا النمط، أم سيكون مجرد تكرار آخر لتجربة "العربجي" و"السبع"؟
الاختلاف الأبرز هذه المرة يتمثل بالإخراج، إذ يتولى المخرج يزن شربتجي المهمة، بإشراف فني من شقيقته المخرجة رشا شربتجي، في تكرار لتعاونهما بعد مسلسل نسمات أيلول.
يزن الذي خاض مسيرة طويلة في الإضاءة والتصوير تحت إشراف والده المخرج الراحل هشام شربتجي، يخطو اليوم بثبات نحو الإخراج الدرامي، ما يمنح العمل فرصة لرؤية بصرية مختلفة، قد تحقّق توازناً بين نص عثمان جحى وخبرة رشا الاحترافية.
هذا التنسيق بين يزن ورشا يضع أمام "النويلاتي" فرصة ذهبية: الخروج من فخ التكرار الذي علِق فيه عمل "السبع"، والذي رغم تحقيقه نسب مشاهدة مقبولة، خذل جمهوراً واسعاً بنهايته المتسرعة وتفرّع أحداثه بشكل أثّر في إيقاع الحلقات وأصاب بعض المشاهدين بالملل.
هذه التجربة الأخيرة تمثل، بشكل أو بآخر، درساً صريحاً لفريق "النويلاتي": التشويق لا يُبنى على الأسماء فقط، بل على إدارة محكمة للحدث حتى اللحظة الأخيرة.
لذلك، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستفلح هذه التجربة الجديدة، رغم عناصرها المألوفة، في تقديم مادة درامية مختلفة فعلاً؟ أم أن الجمهور سيجد نفسه من جديد أمام عمل يسير على خطى سابقيه؟
من ناحية أخرى، فإن إدخال رؤية إخراجية مزدوجة من يزن ورشا شربتجي قد يكون رهان العمل الأكبر. فتصوّر درامي محكم بصرياً قد يخفف من وطأة تكرار الأسماء،
ويفتح المجال لتقديم نسخة مغايرة من فانتازيا البيئة الشامية التي أصبحت من اختصاص "غولدن لاين" في كل موسم.
عودة باسم ياخور وديمة قندلفت ليكونا محور أداء رئيسياً يواجه هذه المرة تحدياً إخراجياً مغايراً. الوقوف أمام كاميرا يزن وإشراف رشا قد ينتج خلطة جديدة، خصوصاً إذا استُثمِرَت قدراتهما بعيداً عن القوالب السابقة التي أسهما في تثبيتها درامياً.
لكنّ ثمة عائقاً تقنياً قد يؤثر في المسار، فالمخرجة رشا شربتجي تستعد لبدء تصوير مسلسلها الخاص مطبخ المدينة، الذي تعثّر سابقاً أكثر من مرة، ما يضعها في موقع مزدوج كأنها مشرفة على عمل ومخرجة لآخر في الوقت ذاته.
ويطرح ذلك تساؤلات عن مدى قدرتها على الحفاظ على جودة إشرافها الفني على "النويلاتي" وسط انشغالاتها الأخرى.
في المحصّلة، يبقى "النويلاتي" عملاً مرتقباً يحمل آمالاً وتخوفات في آنٍ واحد. آمال تتعلق بقدرة الفريق على كسر نمط الفانتازيا الشامية التقليدية،
وتقديم تجربة بصرية وسردية تواكب توقعات جمهور بات يعرف تماماً ما تقدمه "غولدن لاين"، وتخوفات تتعلّق بمساحة التكرار التي قد تُضعف الأثر.