
الجيش اللبناني ينتشر في بلدات جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي
الرأي الثالث - وكالات
انتهت فجر اليوم الثلاثاء مهلة انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال ولبنان، والذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستبق جيش الاحتلال انتهاء المهلة بالإعلان أمس الاثنين عن بقائه في خمس نقاط في لبنان وصفها بـ"الاستراتيجية"
وقال إنه سيبقي "قوات محدودة منتشرة مؤقتاً في خمس نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان". وجاء الإعلان الإسرائيلي رغم تأكيد حكومة لبنان رفضها المطلق لبقاء قوات إسرائيلية على أراضيه.
ويُعقد اليوم في قصر بعبدا الرئاسي، لقاء بين الرئيس جوزاف عون، ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، للبحث في تطورات الجنوب اللبناني والانسحاب الإسرائيلي.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بانسحاب قوات الاحتلال فجراً، من القرى والبلدات التي كانت تحتلها في الجنوب، وهي: يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا والوزاني، فيما أبقت على وجودها في خمس نقاط رئيسية على طول الحدود. ومع دخول الجيش اللبناني إلى هذه القرى، استمر توافد الأهالي لتفقد منازلهم وأرزاقهم.
وكانت قوات الاحتلال باشرت الانسحاب ليلاً، وبدأ الجيش اللبناني بالانتشار في قرى بليدا، وميس الجبل، ومركبا.
ومنتصف الليل، استكمل الجيش انتشاره في البلدات المحررة، وباشرت فرق من فوجَي الهندسة والأشغال بإزالة السواتر الترابية، ومسح الطرق الرئيسية من الذخائر والقذائف غير المنفجرة.
كما سيّرت قوات "اليونيفيل" دوريات في تلك القرى، وأقامت نقاطاً عدة إلى جانب الجيش اللبناني.
وبحسب الوكالة، توجد قبالة المواقع الخمسة التي سيبقى فيها الاحتلال في جنوب لبنان، تجمعات استيطانية رئيسية هي: تلال اللبونة في خراج الناقورة، تقابلها أبرز مستوطنات الجليل الغربي من روش هانيكرا إلى شلومي ونهاريا، وجبل بلاط بين مروحين ورامية تقابله مستوطنات شتولا وزرعيت، فيما جل الدير وجبل الباط في خراج عيترون تقابلهما مستوطنات أفيفيم ويفتاح والمالكية.
وفي القطاع الشرقي، يقابل نقطة الدواوير على طريق مركبا - حولا وادي هونين ومستعمرة مرغليوت، فيما تقابل تلة الحمامص مستعمرة المطلة.
وفي السياق، قالت قيادة الجيش اللبناني في بيان، إنه "بتاريخَي 17 و18 فبراير، انتشرت وحدات عسكرية في البلدات التالية: العباسية، المجيدية، كفركلا - مرجعيون في القطاع الشرقي. والعديسة، مركبا، حولا، ميس الجبل، بليدا، محيبيب - مرجعيون في القطاع الأوسط، كما انتشرت في مارون الراس والجزء المتبقي من يارون - بنت جبيل في القطاع الأوسط".
ولفتت إلى أن وحدات انتشرت أيضاً في مواقع حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وذلك بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت: "باشرت الوحدات المختصة إجراء المسح الهندسي، وفتح الطرقات، ومعالجة الذخائر غير المنفجرة، والأجسام المشبوهة في هذه المناطق"،
مشددة على "ضرورة التزام المواطنين بتوجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة في المناطق الجنوبية، إفساحاً في المجال لإنهاء الأعمال المذكورة في أسرع وقت ممكن، وحفاظاً على أرواحهم وسلامتهم".
ودخل عدد كبير من أهالي بلدة الوزاني الى بلدتهم سيراً على الأقدام، كما دخل أهالي ميس الجبل منذ ساعات الصباح الباكر، إلى بلدتهم سيراً على الأقدام وعبر الدراجات النارية، بعد انسحاب الاحتلال منها وانتشار الجيش اللبناني فيها ليلاً، وفق وكالة الأنباء اللبنانية.
خروقات رغم الانسحاب
ورغم انتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، تحدثت وسائل إعلام تابعة لحزب الله عن توغل جديد لدبابات الاحتلال وآلياته باتجاه بلدة كفرشوبا، مشيرة إلى نقلها مواد متفجرة بالشاحنات إلى البلدة، تمهيداً لتنفيذ تفجير كبير في أطراف البلدة.
إلى ذلك، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بسقوط جريحين برصاص الاحتلال، خلال عمليات التمشيط من مركز المنارة المعادي، في اتجاه منطقة كركزان شمال شرقي بلدة ميس الجبل. يأتي هذا في وقت يواصل طيران الاحتلال خرقه للأجواء اللبنانية، حيث أفادت مراسلة "العربي الجديد" بتحليقه اليوم في أجواء مناطق محافظة بعلبك - الهرمل، شرقي لبنان.
ودعت عدة بلديات في جنوب لبنان، منها ميس الجبل وحولا وبرج الملوك، أمس الاثنين، الأهالي إلى التريّث في العودة لبلداتهم بانتظار انتشار الجيش اللبناني في أحيائها وعمل الأجهزة المختصّة على فتح الطرقات لتوفير دخول "آمن"، محذرة الأهالي من وجود ذخائر غير منفجرة.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن الاحتلال الإسرائيلي نفذ تفجيرات في بلدة كفركلا، كما أفادت بشن الاحتلال غارتين جويتين، مساء الاثنين، على مجرى نهر الليطاني بين جسر لحد ومنطقة المحمودية بالإضافة لشنه غارة استهدفت منطقة عين الزرقا عند أطراف بلدة طيرحرفا في صور.
كاتس: الجيش سيبقى في منطقة عازلة داخل لبنان
في غضون ذلك، أعلن وزير الأمن في دولة الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال سيبقى في "منطقة عازلة" داخل الأراضي اللبنانية، مع السيطرة على خمسة مواقع "استراتيجية" على طول الحدود، في إشارة إلى نقاط عسكرية أنشأها الاحتلال داخل أراضي لبنان.
وأكد كاتس أن قوات الاحتلال ستواصل العمل بحزم ودون تساهل تجاه أي "انتهاك" من قبل حزب الله، بهدف ضمان الأمن الكامل لمستوطنات الشمال. وكتب عبر حسابه على منصة إكس: "اعتباراً من اليوم، سيبقى الجيش الإسرائيلي في منطقة عازلة في لبنان مع خمسة مواقع سيطرة، وسيواصل التعامل مع أي انتهاك من قبل حزب الله.
نحن عازمون على توفير الأمن الكامل لجميع بلدات الشمال".
وتقوم قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، بإعادة توزيع القوات اعتباراً من صباح اليوم الثلاثاء، ونشرها في خمسة مواقع مختلفة داخل الأراضي اللبنانية، تطل على المستوطنات الإسرائيلية، مقابل مستوطنات المطلة، ومنارة، وزرعيت وأفيفيم، وشلومي، وبالمقابل استكمال الانسحاب من المناطق اللبنانية الأخرى.
رغم هذا، نقل موقع والاه العبري، تقديرات ضباط في القيادة الشمالية في الجيش أن احتمالات رؤية المواطنين الإسرائيليين لأعلام حزب الله على الجانب الآخر من الحدود في المستقبل القريب مرتفعة.
ووفقاً لقرار المستوى السياسي، بقيت قوات الاحتلال في ما تصفه بالمنطقة العازلة، مع تعزيز مواقع عسكرية إضافية على "الجانب الإسرائيلي" من الحدود، أي الأراضي المحتلة عام 1948، بذريعة الحفاظ على الردع وضمان حماية فعّالة من التهديدات الأمنية القادمة من لبنان.
وفي الوقت ذاته، يواصل جيش الاحتلال تحركاته التي يستخدم القوة في إطارها أحياناً، بحجة فرض الشروط التي تم تحديدها في اتفاق وقف إطلاق النار، وإجبار قوات حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني والمساعي الرامية لنزع سلاح الحزب.
وأكد كاتس: "نحن عازمون على توفير الأمن الكامل لجميع بلدات الشمال، بناءً على المبدأ الذي تم تحديده بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، وهو أن الجيش الإسرائيلي وحده سيضمن أمن البلدات في جميع الجبهات ضد أي تهديد محتمل".
وصعّد الاحتلال من خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، أمس الاثنين، وقام باغتيال أحد كوادر حركة حماس في لبنان، محمد شاهين، وذلك عبر استهداف سيارة كان يستقلها بمنطقة صيدا في جنوب لبنان بغارة جوية. ودأبت قوات الاحتلال طوال الفترة الماضية على خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ليس فقط بتأخير انسحابها بل أيضاً بتنفيذ عمليات نسف وتجريف وتفجير للقرى الحدودية،
عدا اعتداءاتها على المواطنين العائدين إلى قراهم، وكذلك على عناصر في الجيش اللبناني، فكان أن سقط عدد من الشهداء والجرحى إلى جانب تنفيذها اعتداءات على مناطق في قلب الجنوب والبقاع، وخرقها المستمرّ للأجواء اللبنانية.
وأفادت صحيفة هآرتس العبرية، أمس الاثنين، أن قرار البقاء في 5 مواقع داخل لبنان اتُخذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لكن المناقشات بشأن الانسحاب الكامل لإسرائيل من المنطقة مستمرة. وتأمل واشنطن أن تنسحب إسرائيل قريباً من النقاط الخمس المتبقية، لأن هذا لا ينبغي أن يحد من قدرتها على مهاجمة أهداف حزب الله اللبناني في المنطقة من الجو، وفق الصحيفة العبرية.
وكان من المفترض أن يستكمل جيش الاحتلال انسحابه من المناطق التي احتلها في جنوب لبنان بحلول فجر 26 يناير/كانون الثاني الماضي، وفقاً للمهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار التي حُددت بـ60 يوماً بدءاً من دخوله حيز التنفيذ، ولكن واشنطن أعلنت تمديد المهلة حتى 18 فبراير/شباط الجاري ووافق لبنان على التمديد بشرط إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل الذين يُعرف منهم سبعة.