
أزمة الطائرات.. شرارة تصعيد بين لبنان وإيران بأبعاد إقليمية
ينذر تبادل منع هبوط الطائرات الإيرانية واللبنانية في مطارات البلدين بتصعيد خطير قد تشهده المنطقة، لا سيما مع اندلاع احتجاجات من قبل أنصار "حزب الله" في لبنان، وصل إلى الاعتداء على موكب تابع للقوات الأممية "يونيفيل" في بيروت.
يأتي ذلك في ظل تكهنات بتزايد الضغوط الدولية والإقليمية على إيران وحلفائها بالمنطقة، في وقت يعدّ بالنسبة إلى لبنان شديد الحساسية؛ من جراء ما يعيشه من توترات داخلية متفاقمة.
هذا التصعيد يعكس التوتر المتزايد في العلاقات اللبنانية الإيرانية، ويثير مخاوف من تصاعد الأزمة وتأثيرها على الاستقرار الداخلي في لبنان، بالإضافة إلى تداعياتها المحتملة على المستوى الإقليمي.
ماذا حصل؟
- منع لبنان طائرة إيرانية من الهبوط في مطار بيروت الخميس (13 فبراير الجاري)؛ بعد اتهام الجيش الإسرائيلي إيران بتهريب أموال إلى "حزب الله" عبر طائرات مدنية.
- ردت طهران في اليوم التالي بمنع طائرتين لبنانيتين من إعادة عشرات اللبنانيين العالقين في إيران.
- اشترطت إيران السماح بهبوط طائراتها في بيروت قبل السماح للطائرات اللبنانية بالهبوط.
- المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اتهم "إسرائيل" بتهديد طائرة ركاب تقل لبنانيين من طهران.
- "إسرائيل" نفت ذلك، وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن حزب الله يستخدم الرحلات المدنية لتهريب الأموال.
- أفيخاي أدرعي أكد أن الجيش الإسرائيلي لن يسمح بتسلح حزب الله.
- وتعهد باستخدام جميع الوسائل لضمان أمن "إسرائيل" وفق اتفاق وقف إطلاق النار.
- السفير الإيراني في بيروت أكد أن الحل ممكن بشرط عدم عرقلة الرحلات الإيرانية.
- وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، أكد العمل مع نظيره الإيراني لحل القضية.
احتجاجات تنذر بتصعيد
منذ منع هبوط الطائرة الإيرانية أخذت التوترات في لبنان تتصاعد بعد اندلاع احتجاجات غاضبة لأنصار "حزب الله".
وشهدت العاصمة اللبنانية بيروت اضطرابات واسعة، حيث أشعل المحتجون إطارات السيارات أمام مدخل مطار رفيق الحريري الدولي، ورفعوا شعارات مؤيدة للأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصر الله.
وارتفع مستوى الاحتجاجات بعد ردّ إيران بمنع هبوط الطائرتين اللبنانيتين؛ في مشهد يعكس تصاعد الغضب الشعبي داخل أوساط "حزب الله" وبين أنصاره.
وبلغ تطور الأحداث إلى الاعتداء على عناصر لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، التي أعلنت في بيان، مساء الجمعة (14 فبراير الجاري)، تعرض موكب سيارات تابع لها لهجوم عنيف في بيروت.
كما أشارت "يونيفيل" إلى أن الهجوم - الذي وثقته كاميرات المهاجمين من أنصار "حزب الله" - أدى إلى إصابة نائب قائد قواتها المنتهية ولايته، أثناء توجهه إلى المطار لمغادرة البلاد.
وأوضحت "اليونيفيل" أن الموكب تعرض لإضرام النيران في إحدى المركبات، ووصفت الهجوم بأنه "صادم ومروع"، مؤكدة أنه يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وقد يرقى إلى جرائم حرب، مطالبة السلطات اللبنانية بإجراء تحقيق فوري وكامل في الحادثة، ومحاسبة جميع المسؤولين عنه.
في المقابل، أعربت أوساط سياسية لبنانية عن مخاوفها من أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى اضطرابات أوسع نطاقاً، ما قد يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في لبنان الذي يعاني أصلاً من أزمات سياسية واقتصادية خانقة.
تحديات صعبة
كل ذلك يأتي في وقت يعيش فيه لبنان ظروفاً وأزمات صعبة على الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام التعامل معها، يبرز منها تطبيق القرار الدولي 1701، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من البلدات الجنوبية التي احتلها في حربه الأخيرة.
يضاف إلى ذلك تحدي إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، ومكافحة الفساد، وإجراء إصلاحات لحل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
ويفيد تقرير للبنك الدولي أن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها لبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير تبلغ قرابة 5.1 مليارات دولار، مع أضرار جسيمة في قطاعات التجارة والسياحة والزراعة، فضلاً عن تضرر نحو 100 ألف وحدة سكنية، دُمر 18% منها بالكامل.
وتعد الأزمة المالية التي ضربت البلاد منذ 2019 واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه الحكومة اللبنانية، حيث دخلت البلاد منذ ذلك الحين في أزمة اقتصادية حادة، ما أدى إلى أزمة مصرفية غير مسبوقة، احتُجزت على إثرها أموال المودعين، مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية وفقدانها أكثر من 90%.
التداعيات الإقليمية
حول تداعيات منع هبوط الطائرات المدنية بين إيران ولبنان، وآثارها على الداخل اللبناني والمنطقة، يقول المحلل السياسي عماد الشدياق :
- التصعيد قادم؛ القضية تتجاوز الاعتراض على رحلات الطيران، وهي مرتبطة بنفوذ "حزب الله" وإيران في لبنان.
- مطار بيروت شريان "حزب الله"، وبعد إغلاق الحدود اللبنانية - السورية أصبح المطار المنفذ الرئيسي للحزب وإدخال الأموال الإيرانية إلى لبنان.
- الأموال تصل بطرق مختلفة، منها الحقائب الدبلوماسية الإيرانية أو توزيعها على الركاب واستعادتها عند الوصول.
- يجب منع الطيران الإيراني؛ ويمكن تبرير الحظر بعدم استيفاء معايير السلامة، خاصة أن الطيران الإيراني يعاني من العقوبات وضعف الصيانة.
- لتفادي الضغوط سيجبر المسافرون إلى إيران على استخدام شركات طيران أخرى، ما ينقل مسؤولية الرقابة إلى جهات غير لبنانية.
- تل أبيب قد تعتبر نقل الأموال لـ"حزب الله" تهديداً، مما يبرر استهدافها لمطار بيروت أو الرحلات الإيرانية في المطار ما يمثل تهديداً إسرائيلياً للبنان.
- قطع طريق المطار من قبل أنصار الحزب اختبار لقدرة الحكومة الجديدة على فرض سلطتها.
- الحكومة مطالبة بالحزم، فيجب منع تعطيل المطار، وإلا ستُظهر الدولة ضعفها منذ بداية عهدها.
- التصعيد من جراء منع الطيران له انعكاسات إقليمية محتملة؛ قد يمتد خارج لبنان، وربما تستخدم إيران ملفاتها الإقليمية للرد على الضغوط المتزايدة عليها.