
«هدنة غزة»: أيام حاسمة في انتظار مقترح «التمديد» وسط «تقدم حذر»
الرأي الثالث - وكالات
«تقدم حذر» حول مقترح تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، خلال محادثات الدوحة، بعد مشاركة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بالمحادثات وسط تسريبات إعلامية عن «أيام حاسمة» للوصول لموقف أخير يجنب القطاع استئناف الحرب.
النقاش المتواصل بشأن التمديد على طاولة المحادثات بعد فترة تعثر مستمرة منذ مطلع مارس (آذار) الجاري، يراه خبراء مرتبطاً بزيارة ويتكوف الخاطفة للدوحة، ومحادثاته مع عدد من وزراء الخارجية العرب، ومؤشراً على الاتجاه لـ«صفقة تمديد تشمل تنفيذ جزء من المرحلة الثانية لإيجاد توافق بين طرفَي الحرب».
وتوقع الخبراء أن تقبل «حماس» هذا الإطار من الاتفاق المؤقت لتجاوز أزمة منع المساعدات، والحيلولة دون منح رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، فرصة للتذرع بالعودة للقتال.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن أربعة مصادر مطلعة قولها إن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، قدم اقتراحًا أميركيا مُحدّثًا لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لعدة أسابيع مقابل إطلاق حماس سراح المزيد من المحتجزين واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكدت المصادر أن ويتكوف قدم للأطراف يوم الأربعاء اقتراحًا مُحدّثًا يتضمن تمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى بعد رمضان وعيد الفصح، الذي ينتهي في 20 إبريل/نيسان، واستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأفاد مصدران أن هذا الاقتراح يمثل جهدًا من إدارة ترامب لكسب المزيد من الوقت للمفاوضات ومنع استئناف الحرب خلال شهر رمضان المبارك وعيد الفصح اليهودي.
ووفقا لأحد المصادر، فإن الاقتراح يدعو حماس إلى إطلاق سراح خمسة محتجزين أحياء على الأقل ورفات حوالي تسعة محتجزين متوفين في اليوم الأول من وقف إطلاق النار.
وكان الاقتراح الأميركي الأصلي، الذي قدمه ويتكوف قبل أسبوعين، يدعو إلى إطلاق سراح حوالي 10 محتجزين أحياء وحوالي 18 محتجزين متوفين.
ووفقًا للاقتراح المُحدّث، ستستغل إسرائيل وحماس تمديد وقف إطلاق النار للتفاوض على هدنة طويلة الأمد في غزة.
وفي حال التوصل إلى هذا الاتفاق طويل الأمد، سيتم إطلاق سراح المحتجزين المتبقين في اليوم الأخير من وقف إطلاق النار، قبل الهدنة طويلة الأمد.
وقال مصدر مطلع على المحادثات إن إسرائيل أعطت ويتكوف ردًا إيجابيًا، مشيراً إلى أن وسطاء قطريين ومصريين التقوا بمسؤولي حماس في الدوحة مساء الأربعاء وقدموا لهم الاقتراح المُحدّث.
وأوضحت المصادر الثلاثة أن الوسطاء ينتظرون الآن رد حماس. وقال أحد المصادر "رفضت حماس مقترحات مماثلة في السابق، لكنها ترغب تجنب العودة إلى القتال خلال رمضان".
وكان ويتكوف وصل إلى الدوحة مساء الثلاثاء، وعقد اجتماعات مع الوسطاء القطريين والمصريين، ومع المفاوضين الإسرائيليين المتواجدين في العاصمة القطرية.
وعقد وزراء خارجية قطر ومصر والأردن والسعودية والإمارات وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس الأربعاء، اجتماعاً في الدوحة مع ويتكوف، من أجل بحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وعرضوا عليه خطة لإعادة إعمار قطاع غزة.
وتشهد الدوحة منذ الثلاثاء اجتماعات مكثفة بشأن الهدنة، وصاحبها مشاركة ويتكوف، الأربعاء، في لقاءات مع وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والأردن، ووزير الدولة بالخارجية الإماراتية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» الفلسطينية، وسط «تأكيد المسؤولين العرب على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار بغزة»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».
ولم تكشف الدوحة حتى الخميس عن مخرجات المحادثات التي يشارك فيها وفد إسرائيلي، غير أن تسريبات إعلامية تتحدث عن «تقدم»،
وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن «هناك تفاؤلاً في إسرائيل حيال إمكانية التوصل إلى مخطط مؤقت تتضمن شروطه أولاً: إطلاق سراح عدد من الرهائن، وثانياً: تمديد وقف إطلاق النار لعدة أسابيع، وثالثاً: إطلاق سراح سجناء فلسطينيين».
ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي قوله: «لو لم يكن هناك ما يمكن فعله في الدوحة، لكان الوفد قد عاد إلى إسرائيل كما كان في السابق (...). هُناك تقدم، ويمكن التوصل إلى اتفاق، ومن المتوقع خلال اليومين المقبلين معرفة ما إذا كانت هذه الجهود قد نضجت أم فشلت».
تطورات وراء الكواليس
التقدم دفع نتنياهو إلى الطلب من وفده المفاوض البقاء في الدوحة، بعدما كان من المقرر عودته مساء الأربعاء، وعقد جلستَي نقاش، ركزت إحداهما على تطورات المفاوضات، في حين تناولت الأخرى خطط إسرائيل لقطاع غزة بوصفها بديلاً للاتفاق، بحسب «هآرتس» الإسرائيلية.
وبالتزامن ذكرت «القناة 14» الإسرائيلية، أنه «تشير سلسلة من التطورات وراء الكواليس إلى وجود جهد كبير على الأقل للتوصل إلى اتفاق قريباً»، ونقلت عن مصدر إسرائيلي قوله: «نحن نصل إلى نقطة حاسمة؛
إما أن نرى اتفاقاً في الأيام المقبلة أو ستكون هناك عودة للقتال».
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن مقابلات ويتكوف مع الوزراء العرب وتصريح ترمب الأربعاء بشأن عدم طرد الفلسطينيين من غزة، توحي أننا في قلب اتفاق يُعد، وأن واشنطن لا ترغب في عودة إسرائيل للحرب.
التقدير نفسه يذهب إليه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع؛ إذ قال إن وصول ويتكوف للمنطقة ومشاركته بالمفاوضات مؤشر على الوصول لتقدم في مقترحه الخاص بالتمديد الذي يلقى قبولاً إسرائيلياً،
وعليه أرسلت وفداً لا يزال مستمراً، مشيراً إلى أن المؤشرات تشي بأن مستوى وفد إسرائيل المنخفض لا يصلح لمناقشة المرحلة الثانية التي ترغب فيها «حماس»، ولكن للذهاب إلى تمديد.
وعلى مسافة قريبة، يرى المحلل الفلسطيني المختص بالشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، أن «هناك مؤشرات نجاح كبيرة، خاصة مع رغبة من واشنطن في عدم اندلاع حرب، وتجلت بوضوح في مفاوضات مباشرة مع (حماس) قبل أيام»،
معتقداً أن «الاحتمالات تتجه للتمديد مع مخرج تقبل به الحركة المتمسكة ببدء المرحلة الثانية».
تحذيرات من «حماس»
في المقابل، أكد المتحدث باسم حركة «حماس»، عبد اللطيف القانوع، الخميس، أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد فقداناً لعدد من المواد الأساسية والسلع الغذائية في قطاع غزة، مما يزيد معاناة السكان ويفاقم أزمتهم،
داعياً الوسطاء إلى «ممارسة مزيد من الضغط على الاحتلال لفتح المعابر، وتدفق المساعدات الإنسانية، ووقف سياسة العقاب الجماعي».
وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، رغم استمرار وقف إطلاق النار.
وتحدثت «القناة 12» الإسرائيلية عن أن «قطر ومصر والولايات المتحدة تسعى إلى دفع (حماس) نحو تقديم تنازل لإسرائيل، يتمثل في إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن خلال الأيام المقبلة، وذلك في محاولة لمنحها مزيداً من الوقت للتوصل إلى اتفاق شامل».
ويرجح رخا أنه لتجاوز رفض «حماس»، يمكن الذهاب للفترة الانتقالية (التمديد) لـ60 يوماً، على أن تشهد تنفيذ جزء من المرحلة الثانية، وبالتالي يكون الأقرب تعديل الاتفاق لإيجاد توافق تقبله الحركة، والحيلولة «دون فشل الصفقة كما ترغب إسرائيل».
ويرى نهرو أيضاً أن «حماس» قد تقبل بالتمديد على أساس أنه سيكون مقدمة لبدء المرحلة الثانية، متوقعاً أن يكون همّ الحركة التي ليس لديها ما تخسره بعد عودة حرب التجويع مجدداً، أن تكون هناك ضمانات واضحة من الوسطاء بأن النتيجة النهائية للمحادثات هي وقف للحرب.
في حين يعتقد مطاوع أن «حماس» أقرب لقبول التمديد لتحقيق أهداف، منها مزيد من الهدنة وإعادة فتح المعابر ودخول المساعدات، مشيراً إلى أن إدارة ترمب غير راغبة في تجديد القتال.
ويرى أن «التمديد ستكون جزءاً منه ضمانات أميركية بالحديث عن دخول مفاوضات المرحلة الثانية، لكن على أساس أنها مرحلة واسعة لها متطلبات متعلقة بالخطة العربية للإعمار»،
متوقعاً أن «يُحسم هذا الأمر في فترة لاحقة، وربما تقود المحادثات وقتها لصفقة شاملة كأحد تداعيات المفاوضات المباشرة بين إدارة ترمب و(حماس)، والتي سعت الحركة خلالها إلى أن تحصل على بعض الضمانات لبقائها في المستقبل،
وهذا قد يساعد على المضي في إطار صفقة شاملة».