
بكين تدفع نحو التقارب مع أوروبا في ظل اضطراب علاقتها بواشنطن
الرأي الثالث - وكالات
يبدو أن أزمة الرسوم الجمركية التي تسببت فيها قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تدفع الصين باتجاه تصويب علاقاتها مع القوى الأوروبية، على أمل تشكيل تحالف دولي يعمل على حماية العولمة الاقتصادية وبيئة الأعمال الدولية في ظل التهديدات الأميركية الراهنة.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست الصينية، اليوم الأربعاء، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي التحرك بسرعة للتعامل مع الصين على أساس المصالح الأوروبية.
ولفتت إلى أنه خلال العام الحالي، تقف أوروبا تائهة في حالة من الغموض الجيوسياسي. وبينما تُحدِّد واشنطن وتيرة الأحداث، وتُوسِّع بكين نطاق نفوذها، يُعاني الاتحاد الأوروبي من الغموض.
وقد جعل عجز بروكسل عن صياغة سياسة متماسكة تجاه الصين الاتحادَ عُرضةً للخطر، وتحديداً في وقت تُصبح فيه الاستقلالية أكثر أهمية.
وأوضحت أن إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة حطمت حالة التراخي الدبلوماسي الأوروبية، كاشفة عن ثماني سنوات من الخضوع للقيادة الأميركية.
وأشارت إلى أنه في مواجهة البيت الأبيض المضطرب، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى علاقة فعّالة مع الصين باعتبارها قوة مُوازنة، إلا أنه يجد نفسه محروماً من الإطار اللازم لبناء مثل هذه العلاقة.
في غضون ذلك، تُراقب بكين الوضع، بعد أن توقعت من الاتحاد الأوروبي أن يُواجه هذه اللحظة بعزم. وتابعت: في الواقع، بعد ثلاثة أشهر من ولاية ترامب الثانية، لا تزال الصين تنتظر رداً منسقاً من الاتحاد الأوروبي على الأحادية الأميركية.
وبدلاً من ذلك، تواجه ضعفاً وانقساماً وتردداً، لا ينبع فقط من نهج بروكسل تجاه واشنطن، بل أيضاً من موقفها غير المستقر تجاه بكين.
وأوضحت الصحيفة الصينية أن هذا الجمود يعود إلى الرؤية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لعام 2019.
فبدلاً من توضيح العلاقة، رسّخت هذه الرؤية الالتباس بوصف الصين بـ"شريك تعاون"، و"شريك تفاوض"، و"منافس اقتصادي"، و"منافس نظامي". وما قدّمه القادة الأوروبيون على أنه توازن، تحوّل مع مرور الوقت إلى تردد مُرسّخ في السياسات.
وفي تفنيد ذلك، قالت إنه خلال السنوات الأخيرة، أسندت بروكسل سياستها تجاه الصين إلى واشنطن.
وكثيراً ما تداخلت ما يُسمى بالتدابير الأوروبية مثل: قيود الجيل الخامس، وحظر تصدير أشباه الموصلات، وفرض رسوم جمركية على المركبات الكهربائية - مع السياسة الأميركية.
ولم تتولَّ أوروبا زمام القيادة، بل اكتفى الاتحاد الأوروبي بإعادة صياغة المبادرات الأميركية على أنها استراتيجيته الخاصة، معتبراً التقليد توجهاً.
وفي المحصلة، كانت النتيجة، حسب الصحيفة، غياب نهج متماسك تجاه أحد أهم شركاء أوروبا التجاريين.
فرغم التهديدات المتكررة بتشديد الإجراءات، سجّل الاتحاد الأوروبي عجزاً تجارياً قدره 345 مليار دولار أميركي مع الصين في عام 2024، بزيادة قدرها 4.6% عن العام السابق، في حين خسر المصنعون الأوروبيون حصتهم السوقية في الصين.
وقد أدى التفاوت بين خطاب الاتحاد الأوروبي والنتائج الاقتصادية إلى تآكل مصداقية بروكسل.
هذا وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد دعا، الأسبوع الماضي، الاتحاد الأوروبي، إلى الانضمام لبكين في "مقاومة سياسة الإكراه"، حسبما ذكرت وكالة "شينخوا" للأنباء.
وقال شي، خلال استقباله رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين، إنه "يجب على الصين والاتحاد الأوروبي تحمل مسؤولياتهما الدولية، وحماية العولمة الاقتصادية وبيئة الأعمال الدولية بشكل مشترك، ومقاومة سياسة الإكراه الأحادي بشكل مشترك".
كما تشاورت الصين مع السعودية وجنوب أفريقيا، بشأن التعرفات الجمركية، بحسب وزارة التجارة الصينية، فيما تقدمت بكين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد رسوم ترامب الجمركية.