
الأمم المتحدة: أعمال العنف في الساحل السوري قد ترقى لجرائم حرب
الرأي الثالث - وكالات
خلُصت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سورية في تقرير، نشرته اليوم الخميس، إلى أن أعمال العنف التي وقعت في منطقة الساحل السوري خلال شهر مارس/ آذار كانت "منهجية وواسعة النطاق"،
وتضمّنت انتهاكات "قد ترقى إلى جرائم حرب". وقالت إنّ "العنف الطائفي في سورية يشكّل على الأرجح جرائم حرب مع تورط كل من المقاتلين الموالين للأسد وقوات الحكومة الانتقالية".
وقالت لجنة التحقيق إن أعمال العنف التي ارتكبها "أعضاء قوات الحكومة الموقتة والأفراد الذين يعملون معها أو بجانبها"، اتبعت "نمطاً منهجياً في مواقع متعددة وواسعة الانتشار".
واستنتجت أنه تم "ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب" خلال أعمال العنف التي شملت "القتل والتعذيب والأفعال اللإنسانية المتعلقة بمعاملة الموتى، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل".
وأوضحت اللجنة في الوقت ذاته أنها "لم تجد أي دليل على وجود سياسة أو خطة حكومية لتنفيذ مثل هذه الهجمات". وشارك مسلحون موالون للحكم السابق في الانتهاكات.
وأشار التقرير، الذي استند إلى أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، إضافة إلى زيارة ثلاثة مواقع لمقابر جماعية ولقاء مجموعة من المسؤولين، إلى "أسباب معقولة للاعتقاد أن أفراداً من فصائل معينة في قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة"
إضافة إلى "أفراد عاديين شاركوا في الأفعال العدائية قد ارتكبوا أفعالاً ترقى إلى انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب".
وقال رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينهيرو إنّ "حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية"، داعياً "السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم".
وأعربت لجنة التحقيق عن قلقها لاستمرار تلقيها معلومات عن انتهاكات مستمرة "بما في ذلك اختطاف نساء واعتقالات تعسفية".
وحضّت المفوضة لين ويلشمان السلطات على اتخاذ "إجراءات عاجلة لزيادة حماية" المجتمعات المتضررة، و"فصل الأفراد المشتبه في تورطهم... على الفور من الخدمة الفعلية بانتظار التحقيق".
ورحب وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بتقرير اللجنة الأممية، معتبراً أن ما توصل إليه التقرير "ينسجم مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة"،
كما شكر الشيباني في بيان نشرته الوزارة، على حسابها في منصة إكس، رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينهيور، على جهوده في إعداد التقرير،
مؤكداً التزام سورية بـ"إدماج التوصيات ضمن مسار بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سورية الجديدة".
كذلك رحب وزير الخارجية السوري باستمرار التعاون بين اللجنة الأممية و"لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة" (السورية)،
مؤكداً أن الحكومة السورية ستأخذ بعين الاعتبار توصيات اللجنتين في وضع خريطة طريق والقيام باجراءات إضافية لترسيخ العدالة وضمان المساءلة وعدم تكرار الانتهاكات.
واندلعت أعمال عنف في الساحل السوري بدءاً من 6 مارس/ آذار الماضي ولمدة ثلاثة أيام، اتهمت فيها السلطات السورية مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية أودت بالعشرات من عناصرها،
وأرسلت السلطات إثرها تعزيزات عسكرية الى المنطقة، شملت مئتي ألف مقاتل. وبحسب منظمات حقوقية ودولية وشهادات ناجين، فقد قضت عائلات بأكملها في أعمال العنف التي شهدت "إعدامات ميدانية".
واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عما إذا كانوا علويين أو سنّة، قبل قتلهم أو تركهم وشأنهم. وتُركت جثث في الشوارع لأيام، ومُنعت العائلات من دفنها وفقا للطقوس الدينية، بينما دفن آخرون في مقابر جماعية دون توثيق سليم.
ووثق المسلحون أنفسهم عبر مقاطع فيديو قتلهم أشخاصاً بلباس مدني عبر إطلاق الرصاص من مسافة قريبة، بعد إذلالهم وضربهم.
وعلى خلفية هذه الأحداث سارعت الحكومة السورية لتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الأحداث وتحديد المسؤوليات، وأصدرت اللجنة تقريرها في يوليو/ تموز الماضي،
وأكدت فيه أنها وثقت مقتل 1426 شخصاً معظمهم مدنيون، بينهم 90 امرأة، بالإضافة لعسكريين سابقين أجروا تسويات مع السلطات السورية المختصة، مع ترجيح بأن معظم حوادث القتل وقعت خارج أو بعد انتهاء المعارك العسكرية.
وقال المتحدث باسم اللجنة ياسر الفرحان، في مؤتمر صحافي وقتها، إن اللجنة توصلت إلى أسماء أشخاص متهمين بارتكاب انتهاكات في أحداث الساحل السوري منهم 265 شخصاً منضمون إلى مجموعات مسلحين متمردين خارجين عن القانون مرتبطين بـ"فلول نظام الأسد"،
إضافة إلى 298 شخصاً هم عبارة عن أفراد ومجموعات يرتبط بعضهم بالفصائل العسكرية الداعمة للحكومة، ممن خالفوا الأوامر العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.
وتسببت الجرائم التي ارتكبت في الساحل السوري بموجة استنكار محلية ودولية ومطالبات بالتحقيق ومعاقبة المتورطين.
وأعلن مجلس الاتحاد الأوروبي، في مايو/ أيار الماضي، عن فرض عقوبات على شخصين وثلاثة كيانات سورية "على خلفية تورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقعت خلال موجة العنف في الساحل، وتتضمن العقوبات تجميد الأصول ومنع تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية للأشخاص والكيانات المشمولين في العقوبات،
بالإضافة إلى حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي. وأكد المجلس الأوروبي في قراره أن "احترام حقوق الإنسان هو ركيزة أساسية في السياسة الخارجية والأمنية المشتركة"،
مضيفاً أن هذا الإجراء يأتي في إطار "التزام الاتحاد بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة حول العالم، وتعزيز نظام العقوبات العالمي المعني بحقوق الإنسان".
(فرانس برس، رويترز)