
«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء وضغوط دولية لتجاوز المفاوضات «المجمدة»
الرأي الثالث - الشرق الأوسط
تحركات جديدة في مسار المفاوضات المجمدة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد لقاءات للوسطاء في باريس، تزامنت مع اتصالات مصرية - تركية دعت لإنهاء الحرب التي دخلت يومها الـ700.
ذلك الحراك الجديد بحسب خبراء يحمل فرصاً لإحياء المفاوضات من جديد، انتظاراً لأي مسار سيحسم الأمر سواء كان التصعيد الإسرائيلي أم الضغوط المتواصلة ضده، وذلك في ضوء إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بدء «فتح أبواب الجحيم» على مدينة غزة والتوعد بعدم إغلاقها، وبث «حماس» فيديو جديداً لرهينتين يطالبان بوقف الحرب.
وأفاد تقرير نشره موقع «تايمز أوف إسرائيل»، الجمعة، بأن المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف التقى في باريس مسؤولين قطريين، الخميس، لمناقشة التهدئة، بعد جمود في موقف أميركا عقب إعلان «حماس» موافقتها على مقترح جزئي تقدم به الوسيطان المصري والقطري منتصف أغسطس (آب) الماضي، دون رد إسرائيلي للآن.
وجاء اجتماع ويتكوف بعد يوم من تصريحات متلفزة لمنسق العلاقات الأميركية مع «حماس»، بشارة بحبح، أكد أن الولايات المتحدة قد وضعت اتفاقاً شاملاً لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة، وتزامناً مع مطالبات خلال اجتماع وزراء خارجية العرب في «الجامعة العربية» بالقاهرة بوقف الحرب.
التحركات الجديدة تأتي بحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بشأن الحرب ضد «حماس» في غزة، حيث وصفت المسؤولة في الاتحاد الأوروبي، تيريزا ريبيرا، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، الحرب، بأنها إبادة جماعية (لأول مرة)، وأبلغ البابا ليون الرابع عشر الرئيس إسحاق هرتسوغ بضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بشكل عاجل.
كما التقى رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات التركي، إبراهيم قالين، وأعلنا «توافقهما على ضرورة إنهاء الحرب في غزة بأقرب وقت ممكن على أساس مقترح الوسطاء»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، مساء الخميس.
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل جثمان رضيع قُتل في غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)
الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أكد أن التحرك الأميركي الجديد ربما يأتي لمحاولة الإبقاء على فرصة لإحياء المفاوضات تحسباً لأي تغيرات أو ضغوط، متوقعاً ألا يقود لاتفاق شامل؛ لكن آخر جزئي معدل يشمل زيادة أعداد الرهائن عن الـ10 المقترحين بالإطار المصري - القطري حالياً.
بينما يرى المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن تحركات ويتكوف، رمزية إعلامية من دون ضغط أو تأثير، خاصة في ظل توافق إسرائيلي - أميركي على استمرار التصعيد، موضحاً أن عودة ويتكوف للمحادثات يهدف لإثارة «ضجيج تفاوضي» غرضه عدم ترك فراغ لأطراف أخرى والاطلاع على تفاصيل «الغرف المغلقة» منذ جمود المفاوضات منذ موافقة «حماس» وتجاهل إسرائيل الرد.
وفي ظل هذه التطورات، يقف طرفا الحرب المشتعلة منذ 700 يوماً بين الاتهامات والتوعد بالجحيم، وقالت «حماس» في بيان، الجمعة، إنها «في الوقت الذي قدّمت فيه كل مرونة في سبيل إنجاز اتفاق يفضي إلى وقف العدوان وإنجاز تبادل للأسرى؛ يُصِرّ نتنياهو على تعطيل وإفشال جهود الوسطاء، والمضي في خطط الإبادة والتهجير».
فلسطينيون يحملون أكياساً من المساعدات الإنسانية جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
وبثت الحركة، الجمعة، مقطع فيديو يظهر فيه رهينتان إسرائيليان محتجزان في قطاع غزة، يطلب أحدهما من نتنياهو باللغة العبرية عدم تنفيذ الهجوم العسكري المخطط له للسيطرة على مدينة غزة، مؤكداً أنه يوجد فيها 9 رهائن، في أول سماح من «حماس» للكشف عن عدد للرهائن داخل المدينة منذ بدء الحرب في مقاطعها المتلفزة.
وعقب الفيديو، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد: «هذا (المقطع) يذكّرنا مجدداً بضرورة عودة إسرائيل للمفاوضات لإعادة الرهائن ومحاولة إبرام اتفاق»، وفق إعلام إسرائيلي.
بالمقابل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، الجمعة، في بيان: «تفتح الآن أبواب الجحيم على غزة (...) ولن تغلق، وسيزداد نشاط الجيش الإسرائيلي حتى تقبل (حماس) بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاحهم، وإلا فسيتم القضاء عليهم».
وفي 8 أغسطس الماضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها نتنياهو، لاحتلال قطاع غزة بالكامل تدريجياً، تبدأ بتهجير فلسطينيي مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
ويعتقد عكاشة أن نتنياهو يلعب على انهيار «حماس» ويختبر ذلك في أكبر معاقلها بمدينة غزة، وأن هذا سيزيد الضغوط عليها، لكنه لا يدرك أنها حركة آيديولوجية عقائدية لا تحسبها بالمكاسب والخسائر وقد لا تقدم تنازلات، موضحاً أن الحركة الفلسطينية تدرك أن هناك ضغوطاً على إسرائيل وتزيد من وتيرتها داخلياً بعرض فيديو للرهائن.
بينما يؤكد نزال أن «حماس» تريد تكثيف الضغوط على نتنياهو داخليا، ودعم ورقتها التفاوضية لأي جولات لاحقة، مرجحاً استمرار المشهد في «مربع التصعيد» دون أفق قريب لاتفاق تهدئة حتى لو عادت المفاوضات تحت النيران.