
استمرار الاعتقالات والانتهاكات الحوثية بحق المدنيين
الرأي الثالث
أصدرت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» تقريراً كشفت فيه عن استمرار الانتهاكات الحوثية بحق المدنيين.
ووفقاً للتقرير المعنون بـ«الحوثيون وخفايا المعتقلات السرية والسجون»، فإن الجماعة تخفي قسراً ما لا يقل عن 1969 شخصاً في معتقلاتها، بينهم 203 نساء.
واستعرض رئيس المنظمة، جمال المعمري، خلال لقائه في جنيف مع الفريق الأممي المعني بحالات الاختفاء القسري، تفاصيل حول السجون السرية التابعة للجماعة، والانتهاكات الجسيمة بحق المختطفين، بما في ذلك التعذيب والحرمان من الرعاية الصحية والاتصال بأسرهم.
ووفق ما ذكره الإعلام الرسمي اليمني، سلّم المعمري الفريق الأممي عشرات الملفات الموثقة التي تكشف معاناة الضحايا وأسرهم، مشدداً على أن الانتهاكات الحوثية تُمثل جرائم ضد الإنسانية.
ونقلت المصادر أن الفريق الأممي أعرب عن رفضه التام لممارسات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وعدّ ما تقوم به الجماعة الحوثية «جريمة نكراء» تتعارض مع القانون الدولي.
وفي السياق أدانت «منظمة شهود لحقوق الإنسان» بأشد العبارات «الممارسات القمعية» التي تنفذها جماعة الحوثي المسلحة بحق المواطنين الذين كانوا «ينوون» الاحتفال بالذكرى الـ63 لثورة «26 سبتمبر».
وقالت المنظمة إن الجماعة منعت أي مظاهر احتفالية بالثورة، وأقدمت على اعتقال المئات بشكل تعسفي، بينهم ناشطون ومحامون وإعلاميون وموظفون وطلاب ومزارعون وأشخاص عاديون، لمجرد التعبير عن فرحتهم بالمناسبة عبر منشورات على حساباتهم في التواصل الاجتماعي، أو استخدام شعارات ورفع الأعلام الوطنية، أو إشعال النيران في مناطقهم.
وشملت الانتهاكات -وفق المنظمة- اقتحام المنازل وترويع الأسر، ومن بينها واقعة اقتحام منزل عارف قطران في قرية الجاهلية بمديرية همدان محافظة صنعاء واعتقاله مع نجله عبد السلام واقتيادهما إلى جهة غير معلومة.
ووصفت المنظمة ما حدث بأنه سياسة قمع ممنهجة تستهدف المدنيين الذين يمارسون حقهم المشروع في التعبير عن ولائهم الوطني.
ودعت المنظمة الحقوقية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، ووقف جميع الممارسات القمعية، واحترام الحقوق والحريات،
كما دعت المبعوث الأممي إلى اليمن والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك فوراً لوقف هذه الانتهاكات التي تهدد السلم المجتمعي.
مصادر محلية اكدت أن العاصمة صنعاء تعيش حالة طوارئ غير مسبوقة أصبح خلالها سكان المدينة رهائن للقبضة المخابراتية خشية انتفاضة شعبية.
السفارة الأميركية لدى اليمن أصدرت بياناً أدانت فيه وبشدة «الاعتقالات غير القانونية» التي نفَّذتها جماعة الحوثي «الإرهابية» بحق أكثر من 600 يمني هذا العام بسبب إحيائهم ذكرى ثورة «26 سبتمبر» وهي المناسبة الوطنية التي يُحتفل بها منذ 63 عاماً.
وقالت إن هذه الأفعال تمثل استخفافاً صارخاً بالحريات الأساسية وحقوق الشعب اليمني في تكريم تاريخه وتقاليده.
هذا الموقف تزامن مع تأكيد مصادر محلية وسياسية في مناطق سيطرة الحوثيين أن سكان العاصمة يعيشون تحت سيطرة قبضة مخابراتية غير مسبوقة فُرضت على مختلف الأحياء، حيث تعيش الجماعة مرحلة غير مسبوقة من الرعب خشية انتفاضة شعبية داخلية بعد وصول الأوضاع الاقتصادية في تلك المناطق إلى أسوأ مراحلها.
المصادر ذكرت أن الحوثيين نشروا عناصر مخابراتهم من الجنسين في أحياء صنعاء وأقاموا حواجز تفتيش في مداخل الحارات، وأخضعوا السكان للتفتيش والتأكد من الهويات بحضور مسؤولي تلك الأحياء للتعريف بهم، ومنعوا أي شخص غريب من الدخول أو حتى المرور في الشوارع العامة في تلك الحارات إلا بمعرّف.
وفق هذه المصادر فإن الحوثيين قاموا قبل ثلاثة أيام بنشر عناصر الشرطة النسائية المعروفات باسم «الزينبيات» بعد أن خضعن لدورات مكثفة في كيفية قمع أي تجمعات نسائية أو أي مقاومة لعمليات التفتيش، حيث زُوّدن بهراوات صاعقة لتجنب أي عراك أمام السكان قد يؤدي إلى ردة فعل غاضبة تجاه أي اعتداء.
ووفق هذه الرواية فإن الحوثيين خصصوا منازل داخل الأحياء لهذه العناصر يتمركزن فيها، وتحولت إلى مواقع ميدانية للقيادة يتم من خلالها توزيع تلك العناصر على ورديات العمل طوال اليوم.
وطبقاً لهذه الإفادات فإن هذه الحواجز، وبالذات في الأحياء التي تُصنَّف مناطق غير موالية، تُخضِع السكان لتفتيش دقيق بما فيه الهواتف الشخصية.
ويركز التفتيش - حسب المصادر- على أي صور أو رسائل يتم فيها ذكر الحوثيين أو ثورة «26 سبتمبر»، وكذلك ملف الصور للبحث عن أي ملصقات تحتفي بالمناسبة أو تضم صوراً للرئيس الراحل علي عبد الله صالح تحديداً أو نجله، حيث لا يزال الرجل وحزبه يتمتعان بشعبية كبيرة خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة.
وفي محافظة ذمار (جنوب صنعاء) التي كانت توصف بأنها من المخازن البشرية لرفد الحوثيين بالمقاتلين، أكدت مصادر محلية في مديرية الحدا أن الجماعة نفَّذت منذ ثلاثة أيام حملة مداهمات واعتقالات واسعة في عدد من قرى المديرية، بمشاركة أكثر من عشرين عربة عسكرية، لاحقت السكان إلى قمم الجبال حيث أشعلوا الإطارات المستعملة ابتهاجاً بذكرى الثورة.
مصادر قبلية قدّرت عدد المعتقلين بنحو 100 شخص في هذه المديرية لوحدها، كما ذكرت أن الحوثيين اعتقلوا أيضاً أكثر من 15 مدنياً من قرى متفرقة في مديرية جبل الشرق، فيما لا تزال تحتجز العشرات من أبناء مديريات مختلفة بالمحافظة.
وفي محافظة البيضاء المجاورة لذمار من جهة الشرق، اعتقلت الجماعة 20 شخصاً في مديرية السوادية، كما اعتقلت أكثر من 30 في محافظة المحويت غرباً، فيما ارتفع عدد المعتقلين في محافظة حجة (شمال غرب)، التي توصف بأنها ثاني أكبر مخزن بشري للحوثيين بعد محافظة صعدة، إلى نحو 50 شخصاً كلهم من المدنيين.
وتزامنت هذه الحملات الهستيرية مع استمرار الجماعة في تنفيذ مداهمات واعتقالات مماثلة في عدة مدن وقرى أخرى، بهدف منع أي فعاليات أو أنشطة شعبية مرتبطة بذكرى «26 سبتمبر» (الثورة اليمنية التي أطاحت بحكم الإمامة في شمال البلاد قبل 63 عاماً).
مصادر مطلعة كشفت أن الأيام الأخيرة شهدت تصاعداً ملحوظاً في أنشطة شعبية داخل مناطق سيطرة الحوثيين؛ حيث عمد سكان في صنعاء والبيضاء وإب إلى إزالة وطمس شعارات الجماعة، بما فيها «الصرخة الخمينية»، من جدران المنازل والمؤسسات والشوارع.
وأضافت المصادر أن الجماعة ردّت بحملات ملاحقة واعتقالات في أحياء عدة، بينها صنعاء القديمة وآزال، وكذلك في مدينتي إب ورداع بمحافظة البيضاء. وجرى اختطاف عشرات الشباب وصغار السن للتحقيق معهم، في محاولة للتعرف على مَن يقف وراء كتابة شعارات مناوئة أو محو رموز الجماعة الطائفية.