
تفاهمات جزئية بين دمشق و"قسد" على طريق التسوية الكبرى
الرأي الثالث - وكالات
تتوالى مؤشرات بناء دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) جسور ثقة، للتوصل إلى تفاهمات تفتح الباب أمام تطبيق اتفاق وقعه الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، في العاشر من مارس/ آذار الماضي والذي نص على دمج هذه القوات في المنظومة العسكرية والأمنية في سورية. وعقد اجتماع أمني بين وفد من الحكومة في دمشق و"قسد" الاثنين الماضي، في مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، الخاضعة لسيطرة "قسد" في شمال شرقي البلاد.
وبحث وفدي دمشق و"قسد" التوترات (اشتباكات مطلع الشهر الحالي) الحاصلة بمحيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب "وسبل معالجتها بالطرق السلمية، بما يضمن أمن الأهالي واستقرارهم ويحول دون أي تصعيد ميداني"،
وفق "قسد" التي أشارت في بيان، إلى أنه "في بادرة حسن نية، سلمت عدداً من المعتقلين من عناصر قوات الحكومة، الذين ألقي القبض عليهم في أماكن مختلفة خلال الفترة الماضية".
وضم الوفد الحكومي الذي وصل إلى المدينة في مروحيات تابعة للتحالف الدولي، وبرفقة ضباط أميركيين ومترجمين، قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب العقيد محمد عبد الغني، وعدداً من الضباط والمسؤولين في وزارة الداخلية السورية.
وترأس الجانب الكردي سيبان حمو، قائد "وحدات حماية الشعب"؛ الثقل الرئيسي في "قسد"، وهو عضو في الوفد المفاوض مع الحكومة السورية.
وجاءت هذه الزيارة في سياق جهود تبذلها الولايات المتحدة من أجل دفع الطرفين إلى تنفيذ مضامين اتفاق مارس.
وذكرت مصادر من "قسد" مطلعة على المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن اجتماع الطبقة بين وفدي دمشق و"قسد" تناول "إنهاء التوتر الذي ساد أخيراً في شرقي حلب، خصوصاً في منطقة دير حافر،
وانعكس على الطريق الحيوي الذي يصل مدينة حلب بمدينة الطبقة ومنها إلى الرقة في دير الزور، والذي بقي عدة أيام مقطوعاً".
وأضافت أن الاجتماع بحث أيضاً "مصير أسرى الجيش السوري لدى قسد، والذين تسلم وفد الحكومة عددا منهم".
تفاهمات بين دمشق و"قسد"
من جهته اعتبر رزكار قاسم، وهو ممثل "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد، الجناح السياسي لقسد)، في ألمانيا، أن اجتماع الطبقة "خطوة من خطوات اتفاق العاشر من مارس"،
مضيفاً ، أنه "عُقد بين اللجان العسكرية والأمنية التي تنفذ الاتفاق، إذ نُوقشت الأحداث الأخيرة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب الذي كان ناتجاً من اختراق بعض الفصائل التابعة للسلطة للاتفاق الموقع بين الطرفين".
وطلب وفد "قسد" خلال الاجتماع، وفق قاسم، من وفد الحكومة "ضبط الجماعات الموالية لأجندات إقليمية والتي تبذل كل ما بوسعها لضرب اتفاق مارس".
وفي رأيه فإنه "بشكل عام هناك تفاهمات بين الجانبين، والتوصل لحلول برعاية التحالف الدولي مسألة وقت لا أكثر".
أما كادار هوزان، مدير مؤسسة "كرد بلا حدود" في فرنسا، فأكد أن الاجتماع "جاء تأكيداً على تثبيت وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه أخيراً (وزير الدفاع السوري) مرهف أبو قصرة"، بعد التوتر الذي حدث في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وسد تشرين.
وفي رأيه فإن الجانبين سيصلان إلى نتائج "ما دام الحوار هو النهج المتبع بينهما"، مضيفاً أن " أي حوار سوري- سوري، سوق (سيؤدي) لنتائج إيجابية".
واعتبر هوزان أن هذا الاجتماع "فتح باب تفاءل أمام سكان محافظة الرقة للتوصل لحلول تبدد المخاوف التي تطل بين وقت وآخر، من صدام عسكري".
جولات تفاوض
في سياق تقارب "قسد" والإدارة الذاتية التابعة لها، مع الحكومة السورية، أجريت أخيراً في دمشق، جولات تفاوض عسكرية وأمنية.
كما التقى وفد من الإدارة الذاتية مع محافظي دمشق وحمص وحلب لـ"الاطلاع على الإجراءات الإدارية في هذه المحافظات"، وفق وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، الأسبوع الماضي، والذي أبدى انفتاحاً على "قسد".
وقال في مقابلة تلفزيونية إن الوقت "قد حان" لدمجها في المؤسسة العسكرية السورية، مشيراً إلى أن نحو 200 ألف كردي بلا جنسيات.
وذكر أن الحكومة "قادرة على حل هذا الموضوع"، داعياً "قسد" لتكون "فاعلة في هذه المرحلة" التي تمر بها سورية.
ويخوض الجانبان جولات تفاوض منذ مارس الماضي، من أجل التوصل لحل يرضي الطرفين ينهي الأوضاع الشاذة الموجودة في شمال شرقي سورية والذي هو اليوم خارج إطار الدولة السورية،
ويُدار من قبل الإدارة الذاتية، ذراع "قسد" الإدارية والمدنية. وتسيطر هذه القوات التي لا تزال تحظى بدعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على نحو ثلث مساحة سورية، فهي سلطة الأمر الواقع في أجزاء واسعة من محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، وجانب من ريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي.
ووسعت هذه القوات نطاق سيطرتها بعد سقوط نظام الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فتوغلت في عمق البادية السورية وسيطرت على جانب كبير من ريف حلب الشرقي.
ويُبدي الجانبان في الآونة الأخيرة جدية للتوصل لحل سياسي لكل القضايا العالقة بينهما.