
السيسي يلتقي كالاس ويشدد على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة
الرأي الثالث - وكالات
تزايدت مؤشرات الانخراط الأوروبي في جهود إعادة إعمار غزة، بحسب مراقبين، بعدما أعلنت مسؤولة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كايا كالاس، خلال لقائها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بروكسل، استعداد الاتحاد «لدعم جهود الإعمار»
في خطوة سبقت انعقاد مؤتمر دولي مرتقب في شرم الشيخ الشهر المقبل لإعادة بناء القطاع المدمر.
وخلال اللقاء، أكدت كالاس، وهي أيضاً نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، أن «الاتحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة، بما في ذلك المؤتمر الذي تستضيفه مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل»،
مشددة على ضرورة «تثبيت وقف إطلاق النار» وتهيئة الأجواء السياسية لإعادة الإعمار، وفق بيان الرئاسة المصرية.
وأكد السيسي، خلال اللقاء، «أهمية التشاور والتنسيق بين الجانبين، لا سيما في المجالات السياسية والأمنية، بما يخدم مصالح منطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي على حد سواء».
ووفق بيان الرئاسة المصرية، أعرب السيسي عن «تطلع مصر إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الاتفاق وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غزة، مع التأكيد على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، وبدء عملية إعادة إعمار القطاع».
وفي السياق يناقش وفد يقوده نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، في القاهرة، خطوات إعادة «ترتيب الوضع الداخلي»، في ظل تجهيزات مصرية لعقد حوار «فلسطيني-فلسطيني» يساهم في إنجاح جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وتبدأ زيارة الشيخ إلى القاهرة، الأربعاء، لإجراء «مشاورات مع مسؤولين مصريين حول آخر التطورات المتعلقة بالوضع الفلسطيني بعد وقف الحرب في قطاع غزة»، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، ويرافقه مدير المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج.
وقالت حركة «فتح» في بيان لها، إن «الزيارة تأتي في إطار التنسيق المستمر بين الجانبين الفلسطيني والمصري، وضمن المساعي الجارية لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وبحث الجهود السياسية والأمنية المطلوبة في المرحلة المقبلة».
وذكر مصدر مصري مطلع أن «مصر والوسطاء يسعون لبناء توافق فلسطيني - فلسطيني على طبيعة لجنة الكفاءات المنوط بها إدارة قطاع غزة، وما يتطلبه ذلك من التركيز على الكفاءة والسمعة والخبرات الإدارية والقيادية».
وتتضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف حرب غزة «تشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير مسيّسة لحكم غزة، وستكون مسؤولة عن تسيير الخدمات العامة والبلدية اليومية لسكّان غزة، ستتألّف من فلسطينيين مؤهّلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة دولية جديدة تسمّى (مجلس السلام)»، من المزمع أن يرأسه ترمب.
ومن المقرر أن تستضيف القاهرة في نوفمبر المقبل مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار وتنمية غزة، وسط توقعات بأن تواصل القوى الدولية، التي ضمنت وقف إطلاق النار، دورها في تنسيق خطط الإعمار.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة قد تتجاوز 70 مليار دولار، بعد أن دمّرت إسرائيل أكثر من 300 ألف وحدة سكنية كلياً و200 ألف جزئياً، وأخرجت 25 مستشفى من الخدمة، ودمّرت 95 في المائة من مدارس القطاع.
وتقدّر سلطات غزة أن الأنقاض الناتجة عن القصف تجاوزت 55 مليون طن، أُزيل منها حتى الآن 81 ألف طن فقط.
إلا أن دراسة حديثة لمعهد «بروكنغز» الأميركي نبهت إلى عقبات رئيسية تقف في طريق الإعمار، من بينها «مَن سيتولى حكم القطاع بعد الحرب، وسط رفض إسرائيلي لبقاء (حماس)، وتردد المانحين بعد تجارب فاشلة سابقة»،
ذاهبة إلى القول إن هذه العملية «تتطلب جهة رقابية وضمانات للاستقرار، وحكومة قادرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية والأمنية».
إلي ذلك، انطلقت في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، أعمال إزالة الأنقاض في خطوة أولى نحو إطلاق مرحلة إعادة الإعمار، فيما تتزايد الدعوات الدولية إلى تسريع وتيرة الإجلاء الطبي إلى الخارج وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية إلى مختلف مناطق القطاع المنهك.
وفي هذا السياق، أكد أليساندرو مراكيتش، ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، أن فرق العمل بدأت تنفيذ خطة "التعافي المبكر" عبر إزالة الركام تمهيداً للشروع في مشاريع إعادة الإعمار، موضحاً أن حجم الدمار غير مسبوق، ويحتاج إلى جهود استثنائية ومتواصلة.
كما أشار المسؤول الأممي إلى أن كمية الأنقاض في القطاع تعادل ما يقارب 14 هرماً من أهرامات الجيزة، أي نحو 55 مليون طن من الركام الذي يتطلب معالجة هندسية وبيئية دقيقة قبل بدء أعمال البناء.
أما منظمة أطباء بلا حدود فدعت إلى استثمار الهدوء النسبي ووقف إطلاق النار لفتح مزيد من المعابر، معتبرة أن ذلك يمثل "فرصة عاجلة لإنقاذ الأرواح" وتحسين الوضع الصحي المتدهور في غزة.
وحثت المنظمة الدولية على تسريع عمليات الإجلاء الطبي للحالات الحرجة التي يتعذر علاجها داخل القطاع، مشيرة إلى أن المرافق الصحية تعمل بأقصى طاقتها في ظل نقص الإمدادات والأدوية الحيوية.
بدورها، قالت المتحدثة باسم يونيسف، تيس إنغرام: إن "الوضع فعلاً في قطاع غزة مروع جداً، ويجب أن نرى تدفقاً للمساعدات"، مؤكدة في تصريح لقناة "الجزيرة" أنه "لا وجود لمواد إغاثية لإنقاذ الناس ولا حاضنات، وكثير من المعدات الطبية لا يسمح بدخولها".
كما لفتت إلى أن كثيراً من الأطفال بحاجة إلى علاج كامل من سوء التغذية لإبقائهم على قيد الحياة.
من ناحيته دعا نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، "إسرائيل" إلى منح المزيد من تصاريح إدخال المواد الإغاثية للمنظمات الإنسانية، مؤكداً ضرورة السماح بدخول كمية أكبر بكثير من مواد الإيواء إلى غزة قبل حلول فصل الشتاء.
ولفت حق، في تصريح صحفي، إلى أن منظمات الإغاثة في غزة تواصل زيادة أنشطتها في المناطق التي كان الوصول إليها صعباً في السابق، مبيناً أنه تم توزيع 300 خيمة و14 ألفاً و700 بطانية على العائلات المحتاجة والنازحة في خان يونس جنوبي القطاع.
وأمس الثلاثاء، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إنّ 986 شاحنة مساعدات فقط دخلت إلى قطاع غزة منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 9 أكتوبر الجاري.
جدير بالذكر أن الحرب الإسرائيلية على غزة التي استمرت عامين، خلفت 68 ألفاً و229 شهيداً، و170 ألفاً و369 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وألحقت دماراً طال 90% من البنى التحتية المدنية في القطاع.