
حملة الحوثيين ضد الموظفين الأمميين تحرم ملايين اليمنيين من المساعدات
الرأي الثالث - متابعات
 يدخل قرار الأمم المتحدة القاضي بوقف توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شهره الثالث بعد أيام، وهو ما تسبب في حرمان ملايين اليمنيين من هذه المساعدات الطارئة، فيما تواصل الجماعة تصعيدها واحتلال جميع مكاتب المنظمة الأممية واعتقال المزيد من الموظفين فيها.
 
ومع انقضاء شهرين على مداهمة مخابرات الحوثيين مكاتب الأمم المتحدة واعتقال نحو 59 موظفاً محلياً، بلغ عدد الأشخاص الذين تمت مساعدتهم في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية خلال سبتمبر (أيلول) 2025 نحو ثلاثة ملايين شخص، فيما لا يمارس البرنامج أي أنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين.
ووفق التحديث الشهري الخاص بالأمن الغذائي، وصل برنامج الأغذية العالمي إلى 2.9 مليون شخص، كما وصلت المساعدات التغذوية إلى 52 ألفاً، واستفاد نحو 600 ألف طفل من التغذية المدرسية، واستفاد 35 ألف شخص من برنامج القدرة على الصمود وسبل العيش.
 
وفي حين تواجه عمليات برنامج الأغذية العالمي نقصاً حاداً في التمويل بسبب الانخفاض الكبير في المساهمات الواردة، أفاد التحديث الأممي بأنه لم يتم تمويل العمليات إلا بنسبة 9 في المائة خلال الأشهر الستة المقبلة، مما قلّص المساعدات بشكل كبير.
بيانات «الأغذية العالمي» أكدت أن 62 في المائة من سكان اليمن لم يتمكنوا من الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية في أغسطس (آب) الماضي،
وهو أمر يشير إلى زيادة كبيرة في هذه النسبة مع توقف الأنشطة الإغاثية في مناطق الحوثيين خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، ودخولها الشهر الثالث خلال أيام.
وحسب البيانات الأممية، استمر الحرمان الشديد من الغذاء (سوء استهلاك الغذاء) في التأثير على نحو 34 في المائة على مستوى اليمن،
ولكن في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، كان هناك تحسن مدفوع بشكل أساسي بارتفاع قيمة العملة، وانخفاض أسعار المواد الغذائية، واستمرار المساعدات الغذائية.
أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد ساهمت المساعدات التي قدمها «الأغذية العالمي» قبل تعليقها في توفير بعض الراحة للأسر في المديريات المستهدفة.
الوضع الأمني
خلال الشهر الماضي وهذا الشهر، احتجز الحوثيون 19 من موظفي برنامج الأغذية العالمي ولا يزالون في سجون الجماعة حتى الآن، كما اقتحموا المكتب القطري للبرنامج في صنعاء، ما دفع إلى إيقاف توزيع جميع المساعدات التي يقدمها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مؤقتاً. بحسب ما ذكره البرنامج.
لكن البرنامج الأممي، وعلى خلاف ذلك، أكمل الدورة الخامسة للمساعدات الغذائية لهذا العام في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حيث ساعد 3.4 مليون شخص.
ويجري الآن إرسال المساعدات للدورة السادسة على أن تكون آخر دورة، قبل الانتقال إلى برنامج جديد للمساعدات الغذائية الطارئة.
 
ونبه «الأغذية العالمي» في تحديثه إلى أن التخفيضات الحادة في التمويل حدّت من قدرته على تقديم المساعدات الغذائية بمستويات كافية. 
وقال إنه يستعد لتحديد أولويات المساعدات بشكل كبير اعتباراً من أوائل العام القادم، حيث ساعد 52 ألف طفل وامرأة وفتاة حامل ومرضع في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً في إطار أنشطته التغذوية.
انكماش كبير
بسبب استمرار نقص التمويل، يعمل برنامج الأغذية العالمي في اليمن بمستويات منخفضة، حيث ساعد 595 ألف تلميذ في 1021 مدرسة في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، ويشمل ذلك 46 ألف طفل تلقوا المساعدة في إطار مشروع المطابخ الصحية.
غير أن نقص التمويل أدى إلى انكماش كبير في برنامج التغذية المدرسية، وبالتالي قدم التغذية المدرسية في 22 منطقة فقط ذات أولوية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة خلال الشهر الماضي.
 
ولتعزيز تدابير الضمان، يُجري برنامج الأغذية العالمي عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين في اليمن، وقال إنه يواصل إحراز تقدم في هذه العملية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، حيث تم الانتهاء من جمع البيانات لـ46 ألف أسرة في ست مديريات بمحافظتي تعز والضالع. ويجري جمع البيانات حالياً في 14 مديرية في محافظتي عدن ومأرب.
وأوضح البرنامج الأممي أن نتائج العملية وآخر تحليل للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ستوجه تحديد الأولويات في برنامج المساعدة الغذائية الجديد للبرنامج في تلك المناطق، لكن العمل لا يزال معلقاً في مناطق سيطرة الحوثيين.
اعتقالات واسعة
على صعيد منفصل، تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تصعيداً قمعياً واسعاً، حيث نفذت الجماعة حملة مداهمات واعتقالات هي الأوسع منذ انقلابها في محافظة ذمار، مستهدفة نخبة المجتمع المحلي من مسؤولين سابقين، وأكاديميين، وأطباء، وتربويين، وطلاب، ورجال أعمال.
وأكدت مصادر حقوقية أن عدد المختطفين تجاوز 80 شخصاً على الأقل، نُقل معظمهم إلى جهات مجهولة بعد مداهمات نفذتها عربات ومدرعات حوثية ترافقها عناصر نسائية مسلحة تُعرف باسم «الزينبيات»، حيث صادر عناصر الجماعة هواتف ووثائق خاصة من المنازل والمكاتب.
 
وقالت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» إنها تتابع بقلق بالغ استمرار تصعيد الانتهاكات من قبل الحوثيين ضد سكان محافظة ذمار، ووصفت الحملة بأنها «تشبه حملة إبادة واسعة النطاق، تبدأ بالاعتقالات وتنتهي باقتحام المنازل».
وشددت الشبكة على أن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وحرية التعبير يثير الانزعاج من مدى القمع الذي تمارسه الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها.
من جهتها، أدانت منظمة «مساواة» الحقوقية حملة الاعتقالات في ذمار، مشيرة إلى أن عدد المختطفين خلال الساعات الماضية قد يقترب من 80 شخصاً، وحمّلت الحوثيين المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، داعية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.
وفي محافظة إب، المجاورة، وجهت أسر عشرات المختطفين نداءً عاجلاً إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمات «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» و«الصليب الأحمر الدولي»، للمطالبة بالكشف عن مصير ذويهم والإفراج الفوري عنهم.
 
وقالت الأسر في رسالة مشتركة إن أبناءهم يعيشون في سجون سرّية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ويتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من الزيارة والعلاج، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وأكدت الأسر أن «صمت العالم الموجع» شجّع الحوثيين على التمادي في القمع، مطالبة المنظمات الدولية بجعل قضية المختطفين في إب ضمن أولوياتها الحقوقية، مضيفة: «كل يوم تأخير يعني مزيداً من الألم ومزيداً من الأرواح التي تُسلب في غياهب السجون».
 
				
 
											 
											 
											 
											 
											