المرأة اليمنية... خارج معادلة الدولة والمجتمع
لا تزال المرأة في اليمن تدفع الثمن الأكبر في ظلّ الحرب، والتمزّق، والعنف السياسي. لم تكن أوضاعها قبل النزاع مثالية، لكنها اليوم صارت أكثر هشاشة وتهميشًا.
تُختصر حقوق المرأة في شعارات جوفاء، بينما تُسحق يوميًا تحت سلطة السلاح، والمجتمع الأبوي، وسلطة الأمر الواقع، والفراغ القانوني. المرأة اليمنية ليست فقط ضحية؛ بل باتت هدفًا في حدّ ذاتها، لما تمثّله من كيان مستقل يُخيف البُنى الذكورية المتسلّطة.
منذ عقود، لم تُمنح المرأة اليمنية موقعًا حقيقيًا في القرار السياسي. فحتى في الفترات الديمقراطية النادرة، كانت تُستخدم زينةً انتخابيةً لا أكثر.
ومع اندلاع الحرب عام 2014، أُغلق ما تبقّى من هوامش الحرية، وتراجعت حقوق النساء بشكل مروّع، حيث فُرضت قيود صارمة على التنقّل، والعمل، والتعليم، وحتى على مظهر المرأة وهُويّتها.
كذلك فإنّ الأطراف المتنازعة لا تؤمن بحقوق النساء، بل تُدير وجود المرأة بكونها عنصر "تهديد أخلاقي" يجب إخضاعه. تقارير أممية وثّقت حالات اختطاف، تعذيب، تشهير، وابتزاز جنسي لنساء ناشطات، من دون أيّ رادع قانوني أو مجتمعي.
أمّا في المناطق المُحرّرة، فرغم غياب قبضة المليشيا، تستمر المرأة في معاناة التهميش، وسط الفساد، غياب القانون، ومجتمع لا يعترف بمكانتها خارج دورها التقليدي.
لا يوجد في اليمن اليوم قضاء فاعل يضمن حقوق المرأة. القوانين مُجزّأة، ومليئة بالثغرات، وتُطبَّق بانتقائية، إن طُبّقت أصلًا. الزواج القسري، العنف الأسري، الحرمان من التعليم، والعمل، والتمثيل السياسي، كلّها تُمارس بكونها أمراً طبيعياً،
بينما تُعامل الضحية كمُتهمة إذا حاولت المطالبة بحقوقها.
أيضاً، تلعب وسائل الإعلام، في كثير من الأحيان، دورًا في تعزيز الصورة النمطية للمرأة، إمّا ضحية ضعيفة، وإما أداة فتنة. ولا يُخصّص سوى هامش ضئيل لقصص النساء المقاومات أو المبدعات.
هذا الإعلام يعكس عمق الإشكال في وعي المجتمع، ويُبرّر القمع بدلاً من فضحه.
المرأة اليمنية ليست قضية هامشية
لا يمكن الحديث عن سلام أو دولة أو ديمقراطية من دون أن تكون المرأة جزءًا من المعادلة. المرأة اليمنية لا تحتاج إلى من "يمنحها" حقوقها، بل تحتاج دولة تعترف بها مواطِنة كاملة، تملك القرار، وتحميها القوانين، وتضمن لها حياة كريمة.
لن تستعيد المرأة اليمنية حقوقها إلا حين تُستعاد الدولة، الدولة المدنية التي تحتكم للدستور لا للسلاح، وتؤمن بالعدالة لا بالولاء، وتُعلي من قيمة الإنسان لا من قيمة الذكر فقط.
عندما يُعاد بناء اليمن بوصفه وطنًا للجميع، ستكون المرأة في المقدّمة لا في الهامش، في البرلمان لا في الزوايا، في القرار لا في الانتظار.
جميل هزبر
كاتب ومدون يمني.