الأمم المتحدة تعيد تقييم عملها في مناطق سيطرة الحوثيين
الرأي الثالث - متابعات
أُوقف سبعة موظفين يمنيين يعملون لدى الأمم المتحدة في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بتهمة التجسس لإسرائيل، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر أمني حوثي، الجمعة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أُطلق سراح 20 موظفاً لدى الأمم المتحدة، بينهم 15 أجنبياً، بعدما احتجزهم الحوثيون في المجمع الأممي في صنعاء، إثر اقتحامه الأسبوع الماضي.
وقال المسؤول الأمني: «منذ مساء الخميس حتى ظهر اليوم (الجمعة)، اعتُقل سبعة موظفين من الأمم المتحدة، جميعهم يمنيون، بتهمة التخابر مع إسرائيل».
وأكد مصدر حوثي آخر اعتقال موظفين لدى الأمم المتحدة، لكنه لم يحدد عددهم.
وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن 55 من موظفيها اعتقلهم الحوثيون منذ عام 2021، بينهم اثنان، يوم الخميس. وقالت في بيان إن «هذه الأفعال تجبرنا على إعادة تقييم الطريقة التي نعمل فيها في مناطق سيطرة الحوثيين».
وفي الأشهر الأخيرة، أُوقف عشرات من موظفي الأمم المتحدة في مناطق يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.
واقتحم الحوثيون مكاتب الأمم المتحدة في صنعاء خلال 31 أغسطس (آب) واحتجزوا أكثر من 11 موظفاً، وفقاً للمنظمة. كما اعتقلوا منذ ذلك الحين عدداً غير محدد من موظفيها في مناطق سيطرتهم.
وقال مسؤول حوثي كبير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ المتمردين يشتبهون في أنّ أولئك الموظفين كانوا يتجسّسون لحساب الولايات المتحدة.
وفي السياق قررت الأمم المتحدة إعادة تقييم عملها في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران، وذلك على خلفية حملة القمع الشاملة ضد موظفيها .
وإذ يواجه عشرات الموظفين الأمميين والعاملين الإغاثيين مع المنظمات الدولية مصيراً قاتماً في ظل الانتهاكات الحوثية غير المسبوقة، أوضح فرحان حق، نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الجماعة اتخذت منذ عام 2021 عدداً من الخطوات التي زادت من صعوبة تقديم الأمم المتحدة المساعدات لليمنيين.
ومن بين هذه الانتهاكات - بحسب ما ورد في الإفادة الأممية - اقتحام مقرات المنظمة الدولية واحتلالها، والاستيلاء على أصولها، والاحتجاز التعسفي المتكرر لموظفيها، الذين لا يزال 55 منهم رهن الاحتجاز.
وقال نائب المتحدث الأممي إن هذه الإجراءات تجبر المنظمة الدولية على إعادة تقييم أسلوب عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين،
مشيراً إلى تعيين معين شريم، وهو نائب المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، لقيادة وتعزيز الجهود الجارية لإطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة ومنع أي احتجاز مستقبلي.
وفي وقت سابق تمكنت المنظمة الدولية من إجلاء موظفيها من الجنسيات الأجنبية من صنعاء إثر اقتحام مجمعهم الأممي في صنعاء واحتجازهم وتفتيشهم من قبل الحوثيين، وذلك بعد وساطة عمانية سمحت بعملية الإجلاء.
ادعاءات زائفة
على وقع هذه التطورات، كشف ناشطون يمنيون زيف ادعاءات زعيم الحوثيين تجاه مسؤول الأمن والسلامة في برنامج الأغذية العالمي الذي اتهمه بالتجسس لصالح إسرائيل،
وأكدوا أن الرجل عاد من قطاع غزة بعد أن طردته إسرائيل، وأن الحوثيين اعتقلوه بسبب وجود ختم تل أبيب في جواز سفره الأممي.
وبحسب روايات عدد من الناشطين والكتاب، فإن عمار ناصر الحسني، موظف الأمن والسلامة في برنامج الغذاء العالمي، خدم في غزة خلال الحرب الإسرائيلية، وساهم في إنقاذ الضحايا ومساعدة الأسر الفلسطينية تحت القصف، قبل أن تطرده إسرائيل،
لكن المفارقة أن من يرفعون شعار «نصرة غزة» في صنعاء اعتقلوه بتهمة أنه زار إسرائيل.
وخلافاً للاتهامات التي وجّهها عبد الملك الحوثي للحسني، أكد هؤلاء أن اعتقاله كشف «زيف شعارات الحوثيين»، الذين يتاجرون بقضية فلسطين، بينما يمارسون في صنعاء قسوة المحتل الذي يدّعون مقاومته.
رسالة مؤلمة
في السياق نفسه، انتقد ناشطون ومسؤولون يمنيون قرار الأمم المتحدة بإجلاء موظفيها الأجانب من صنعاء فقط، واعتبروا الخطوة «رسالة مؤلمة لكل الموظفين اليمنيين الذين ما زالوا يواجهون الخطر يومياً في مناطق سيطرة الحوثيين».
ووصف النشطاء ما حدث بأنه «تمييز» من المنظمة الأممية التي تحركت بسرعة لحماية وإجلاء الموظفين الأجانب، في الوقت الذي يتعرض فيه العشرات من الموظفين المحليين للاعتقال والإخفاء القسري منذ يونيو (حزيران) عام 2024 دون أن تُبدي القدر نفسه من الاهتمام أو التحرك.
ووفق ما قاله النشطاء، فإن وجود الموظفين الأجانب في مكاتب الأمم المتحدة يمنح الموظفين المحليين بعض الطمأنينة، لأن الحوثيين كانوا يترددون في تجاوز حدود معينة عندما يتعلق الأمر بالأجانب. أما بعد مغادرتهم، فقد أصبحوا وجهاً لوجه أمام جماعة لا تعرف سوى لغة القوة والابتزاز.
ورأى هؤلاء أن إجلاء الموظفين الأجانب ترك الموظفين المحليين في العراء دون حماية، واعتبروا أن الخطوة ليست مجرد عمل إداري أو قرار أمني متسرع، بل هو خذلان حقيقي لمن أفنوا سنوات من حياتهم في خدمة العمل الإنساني داخل ظروف قاسية.
بدورها، أكدت الحكومة اليمنية أنها سبق أن حذرت من استمرار وجود الموظفين المحليين العاملين في المنظمات الدولية داخل مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت الأمم المتحدة باتخاذ ترتيبات عاجلة تضمن خروجهم الآمن وإعادة توزيعهم بما يحفظ سلامتهم ويصون كرامتهم،
وأكدت أن تركهم في مواجهة خطر الاختطاف والاعتقال والملاحقة يمثل تقصيراً جسيماً لا يمكن تبريره، ويعرض أرواحهم وحياتهم للخطر المباشر.
والأسبوع الماضي، أعلن الحوثيون مقتل رئيس أركان قواتهم محمد عبد الكريم الغماري في غارة إسرائيلية، فيما أكّد الجيش الإسرائيلي لاحقاً مقتله عقب الضربة التي نفّذها أواخر أغسطس.
وعقب اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بدأ الحوثيون شنّ هجمات في البحر الأحمر استهدفت سفناً قالوا إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها. كما أطلقوا صواريخ ومسيّرات نحو الدولة العبرية، واضعين ذلك في سياق التضامن مع الفلسطينيين.
ورداً على ذلك، نفّذت إسرائيل سلسلة ضربات خلال الأشهر الأخيرة على مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.