حملة حوثية لابتزاز تجار صنعاء بذريعة التبرع لسكان غزة
في وقت حذّرت فيه تقارير أممية من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، بما يُنذر بانزلاق ملايين الأشخاص نحو المجاعة، أرغمت الجماعة الحوثية، خلال الأيام الأخيرة، التجار وأصحاب رؤوس الأموال في العاصمة المختطَفة صنعاء على دفع إتاوات نقدية وعينية، تحت ذريعة التبرع لسكان غزة.
قالت مصادر مطلعة في صنعاء، إن مشرفين حوثيين تُرافقهم عربات مسلَّحة تابعة لعدة مكاتب تنفيذية، شنّوا حملات واسعة على متاجر ومؤسسات تجارية خاصة في مديريات الوحدة والسبعين وأزال وبني الحارث ومعين، وأجبروا أصحابها على تقديم التبرعات.
وأضافت المصادر أن الجماعة استبَقَت الحملة بفتح حسابات بنكية جديدة ونشر إعلانات لاستقبال التبرعات، وسط تأكيدات السكان بأن مصير تلك الأموال والإتاوات سينتهي إلى جيوب قادة الجماعة، كما حدث في حملات سابقة جُمعت باسم دعم فلسطين.
ومنحت الجماعة التجار مهلة، تنتهي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كآخِر موعد لتقديم الأموال، مهددة بإغلاق المتاجر واعتقال مالكيها الرافضين.
وأفادت المصادر بأن الجماعة أغلقت، في اليوم الأول من الحملة بمديرية بني الحارث، ثمانية متاجر ومؤسسة تجارية واحدة؛ لرفض أصحابها الدفع الفوري أو الالتزام قبل انتهاء المهلة.
دفع قسري ونزوح
أبدى تجار في صنعاء، استياءهم من فرض إتاوات جديدة تحت مزاعم دعم غزة، متهمين قادة الحوثيين بسرقة مبالغ طائلة جُمعت سابقاً باسم فلسطين. وقالوا إنهم فشلوا في إقناع مسؤولي الجبايات بحجم المعاناة الناجمة عن تراجع المبيعات وضعف القدرة الشرائية للسكان، مشيرين إلى أنهم يُجبَرون، رغم الظروف الصعبة، على الدفع القسري.
وقال تاجر، رمز لاسمه بـ«خ.م»، إن مسلحين حوثيين داهموا متجره لبيع ألعاب الأطفال في حي الأصبحي بمديرية السبعين، وفرضوا عليه دفع 100 ألف ريال يمني (نحو 190 دولاراً) بذريعة التبرع لفلسطين، مهددين بإغلاق المتجر واعتقاله في حال الرفض.
وأوضح أن الجماعة تفرض مبالغ تقديرية على التجار وفقاً لحجم تجارتهم وكميات بضائعهم. في حين اشتكى عاملون بمؤسسة تجارية من حملات نهب تُجبرهم على التبرع تحت التهديد بالسجن. وأشاروا إلى أن عناصر الجماعة كثّفوا، خلال اليومين الماضيين، زياراتهم للمؤسسات التجارية للضغط على مُلاكها لدفع مبالغ مضاعَفة.
وأدت حملات التعسف الحوثية المتكررة، خلال السنوات الماضية، إلى نزوح مئات التجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية؛ بحثاً عن الأمن التجاري والاستقرار الاقتصادي.
وسبق للجماعة أن نفّذت، هذا العام، حملات جباية تحت شعارات مختلفة، منها دعم صمود الشعب الفلسطيني، استهدفت مواطنين وتجاراً في صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرتها؛ بهدف الاستيلاء على ما تبقّى من أموالهم.
وفي تقرير سابق، حذّرت الأمم المتحدة من خطر يهدد حياة نحو مليون شخص في اليمن بسبب الجوع، مع احتمال وفاة كثيرين، بحلول فبراير (شباط) المقبل، مؤكدة أن الأزمة الإنسانية المستمرة «جرّدت الناس من أبسط مقوّمات الحياة وجعلت من كل يوم صراعاً من أجل البقاء».