وكالات السفر اليمنية تدخل دائرة الصراع
تسود مخاوف واسعة في اليمن من أزمة حادة تطاول قطاع النقل، بعد دعوة الحكومة المعترف بها دولياً جميع وكالات السفر المعتمدة في المناطق الخاضعة تحت سيطرة الحوثيين للانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات الخاضعة لإدارة الحكومة لمزاولة نشاطها.
سبقتها دعوة موجهة من قبل وزارة النقل الحكومية لشركة الخطوط الجوية اليمنية، بتحويل كافة إيرادات الشركة إلى حساباتها البنكية في العاصمة المؤقتة عدن أو إلى حساباتها البنكية في الخارج، من بداية يونيو الجاري.
ويعيش اليمن على وقع صراع طاحن منذ صدور قرارات البنك المركزي التابع للحكومة المعترف بها دولياً التي ألزمت فيها البنوك العاملة في صنعاء بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، الأمر الذي أدى إلى تأجيج الصراع بين الحكومة والحوثيين والمستمر في التصاعد بصورة حادة على مختلف الأصعدة.
انتقادات وكالات السفر
عبّر ملّاك وموظفون في شركات ووكالات السفر والنقل عن صدمتهم ودهشتهم من الدعوة الموجهة من قبل وزارة النقل الحكومية في عدن التي تحدد لهذه الأنشطة والشركات والوكالات الأماكن التي يزاولون فيها أعمالهم.
في السياق، يقول أصيل عبد الله، وهو مالك شركة عاملة في مجال السفر والنقل، إن الدعوة التي تلزمهم بالانتقال إلى عدن كانت مفاجئة لمختلف الشركات والوكالات العاملة في مجال السفر،
منوهاً إلى أن هذا النوع من الأنشطة والأعمال غير ملزم بأي جهة تحدد لها مكان عملها.
وتؤكد وزارة النقل الحكومية في عدن أنها وجهت شركة الخطوط الجوية اليمنية بالتنسيق مع الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، لتقديم كافة التسهيلات لوكالات السفر في المحافظات الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية من دون تمييز أو استثناء، وذلك انطلاقاً من حرصها الشديد على مصالح جميع وكالات السفر في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية.
من جانبه، يقول مسؤول في شركة عاملة في السفر والشحن، أسامة الحبشي، إن هناك من ركب الموجة التي تمر بها البلاد بسبب القرارات المصرفية، بهدف جر وكالات السفر إلى وسط الصراع الدائر.
في حين يلفت موظف في إحدى وكالات السفر، هشام المجيدي، إلى تعمّد توجيه مثل هذه الدعوات وما قد يقابلها من قرارات وتوجيهات مماثلة لإثارة البلبلة والجدل في القطاع العامل في مجال السفر والنقل في فترة نشاط موسمية مهمة، بسبب الحركة السنوية المعتادة التي يشهدها هذا القطاع في موسم الحج.
وذكرت رسالة موجهة من وزارة النقل في عدن إلى مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية أن قرار الوزارة بتحويل إيرادات الشركة يأتي بهدف إبعاد الإيرادات عن سطوة الحوثيين، ولتتمكن الشركة من الإنفاق على تشغيل وتطوير وتحديث أسطولها، خاصة بعد السطو على أرصدتها في بنوك صنعاء، والتي تتجاوز 100 مليون دولار.
صراع على الإيرادات
الباحث الاقتصادي مراد منصور، يرى أن اليمن يشهد صراعا حادا للسيطرة على الإيرادات.
وقال: من الواضح أن الطرفين يعيشان في مأزق كبير، خصوصاً الحكومة في عدن التي فقدت المورد المتاح لها بتوقف تصدير النفط منذ أكتوبر من عام 2022.
ويتطرق إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص بالإشارة إلى الوزارتين اللتين سارتا على خطى البنك المركزي في عدن، وهما وزارة النقل التي قررت نقل وكالات السفر وإيرادات طيران اليمنية، ووزارة الاتصالات التي دعت شركات الهاتف النقال إلى الانتقال لعدن، يديرهما وزيران تابعان للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي ينازع الحكومة نفوذها في مناطق إدارتها.
ووجهت وزارة النقل شركة الخطوط الجوية اليمنية بنقل ما تبقى من إدارات في صنعاء إلى مركز الشركة الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن، وبصورة عاجلة، نافية ما يتم ترويجه حول إيقاف الرحلات من مطار صنعاء إلى عمّان.
وأكدت استمرار الرحلات من مطار صنعاء إلى مطار الملكة علياء الدولي في الأردن عقب الانتهاء من موسم الحج.
الخبير الملاحي لطف مانع يشير إلى أن الأزمة الراهنة تأتي امتداداً للصراع الذي نشب العام الماضي في النقل الجوي، على إثر اتهام الحكومة للحوثيين بفرض قيود غير قانونية على حسابات وأرصدة الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء، والتي تجاوزت 80 مليون دولار.
وشدد على أن هناك أزمة كبيرة غير مرئية أنهكت اليمنيين في هذا القطاع المهم، تتمثل في تكاليف وصعوبات التنقل والسفر، في ظل تحول تقديم مثل هذه الخدمات إلى تجارة مع انتشار السماسرة في مختلف هذا القطاع، كما هو حاصل في إجراءات جوازات السفر والوثائق الشخصية وتذاكر السفر.
وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، وهو أيضاً رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي قد عقد اجتماعاً حكومياً طارئاً أكد فيه دعمه ومساندته للقرارات التي أصدرها البنك المركزي مؤخراً، وتوجيهات وزير النقل القاضية بسرعة تحويل إيرادات شركة طيران اليمنية إلى حساباتها في بنوك العاصمة المؤقتة عدن، والتي من شأنها أن تسهم بفاعلية في وقف استنزاف النقد الأجنبي.
محمد راجح