المبعوث الأممي لليمن وظيفة بلا إنجاز ومنصات ومؤتمرات لا تصنع السلام
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يشغل منصبًا يفترض أنه لخدمة السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني لكنه في الواقع تحول إلى عنوان للجمود والدوران في حلقة من اللقاءات الشكلية والسفريات المتكررة . .
فطوال فترة توليه لم يتحقق أي تقدم سياسي ملموس ولم تُقدَّم أي مبادرة عملية قادرة على معالجة جذور الأزمة بل ظل المشهد أسير البيانات المتكررة والعبارات الدبلوماسية العامة التي لا تُغير من الواقع شيئًا . .
لقد أصبح عمل المبعوث الأممي أقرب إلى النشاط البروتوكولي الذي يهدف لإظهار الحركة دون إنجاز فعلي . . . .
فهو لا يزور اليمن إلا نادرًا ويكتفي بعقد ورش عمل وندوات في عواصم مثل عمّان والقاهرة وبيروت تجمع مجموعة محدودة من الأشخاص الذين يُقدَّمون بوصفهم خبراء في الشأن اليمني . .
بينما معظمهم يعيشون خارج البلاد منذ سنوات طويلة ولا يمتلكون أي صلة حقيقية بالمجتمع اليمني أو بمعاناة الناس في الداخل . .
هذه اللقاءات المتكررة تحولت إلى وسيلة لصرف ملايين الدولارات من أموال المساعدات الأممية المخصصة لدعم عملية السلام إذ تُنفق على الفنادق الفاخرة وتذاكر السفر وبدلات الحضور وخدمات الضيافة والتنظيم دون أن ينتج عنها أي أثر ملموس على الأرض أو أي خطوة نحو إنهاء الحرب أو تحسين الوضع الإنساني . .
بل إنها باتت جزءًا من منظومة صناعة المساعدات التي تستفيد من استمرار الأزمة لا من حلها . .
وما يثير القلق أن الأمم المتحدة لم تقدم حتى اليوم أي كشف مالي أو تقرير شفاف حول حجم الإنفاق الذي يقوم به مكتب المبعوث ولا على أوجه صرف تلك المخصصات الضخمة التي تُصرف باسم الشعب اليمني . .
وهو ما يستدعي مطالبة علنية من الرأي العام اليمني والدولي بأن تكشف الأمم المتحدة بالأرقام عن المبالغ التي صُرفت خلال السنوات الماضية وعن الجهات التي استفادت منها وعن المعايير التي تُنظم هذه الورش والسفريات المتكررة . .
إن الصمت الأممي تجاه هذا الهدر المالي يزيد من فقدان الثقة في دور المنظمة ويعزز الشعور لدى اليمنيين بأن مأساة بلادهم تحولت إلى مشروع دولي للاسترزاق السياسي والإعلامي . .
فبينما يعيش ملايين اليمنيين الفقر والجوع والمرض يستمر المبعوث وفريقه في السفر والإقامة في الفنادق الخمس نجوم بدعوى البحث عن السلام الذي لا يأتي أبدا . .
إن استمرار هذا النهج دون مراجعة أو محاسبة يمثل إهانة لمعاناة اليمنيين وعبثًا بالموارد الإنسانية التي يفترض أن تُسخر لإنقاذ الأرواح لا لتمويل الندوات العقيمة . .
لذلك فإن على الأمم المتحدة أن تُقدّم كشفًا شفافًا للرأي العام يوضح كيف تُدار أموال المساعدات في مكتب المبعوث الأممي وأن تُعيد تقييم مهامه وفق نتائج واقعية لا شعارات دبلوماسية وأن تضع حدًا لهذا العبث باسم السلام في اليمن . . . .
* سفير بوزارة الخارجية