كي لا تهدر الفرص وتتبخر الشعارات
أعادت ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة في عامها الثالث والستين الذهنية العامة والذاكرة الجمعية للجمهورية وأهميتها والدفاع عنها لكل القوى الوطنية رسميا وشعبيا كمكونات وقوى وقيادات وجماهير، واستحضر الجميع في خطاباتهم وتفاعلهم استشعار الخطر القائم الذي اصاب البلد وحاق بالمكاسب الوطنية والتحولات الكبيرة والعظيمة التي تحققت لليمن أرضاً وإنساناً بفضل نضال وتضحيات الثوار الأوائل الذين قدموا جزيل التضحيات من خيرة الرجال في سبيل إنهاء الحكم الإمامي الكهنوتي شمالاً والاستعمار البريطاني جنوباً وتثبيت النظام الجمهوري والتحرر والانعتاق لليمن.
ورغم الارتداد الجبان الذي أقدم عليه الانقلابيون من سلالة الكهنوت وأذيال الفرس الغزاة مؤخراً ضد النظام الجمهوري الديمقراطي والسعي للعودة بالوضع إلى ما قبل سبتمبر الجمهورية واكتوبر الاستقلال من خلال معاول الهدم الإجرامية التي حملوها ويحملونها في صميم الجسد اليمني،
وقد أحدثت دمارا وتكسرا في البنية والنظام شكلاً ومضموناً وتشريعاً، وحتى في النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي وصولاً إلى زعزعة الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، والذي لولا الوقفة البطولية للأحرار في صفوف القوى الوطنية المناهضة للإنقلاب والإرهاب الحوثي من عشر سنوات وخوض غمار المعارك بكل بسالة وفداء لكانت اليمن أصبحت في مهب الريح وأضحت بأكملها ولعشرات السنين غابة أشباح تتحكم بها عصابة عنصرية حقودة وجاهلة تخدم ملالي إيران وشيعته وتسوم الشعب سوء العذاب، ولا نحتاج هنا للكثير من التنبؤات والتحليل وقد عادت عملياً عصور الظلام بحلة جديدة فيها من الامتهان الآدمي والكرامة الإنسانية ما يفوق عهود الرق والطبقات في الأزمان الغابرة.
وبما أن الخطر ما يزال قائماً والمسؤولية على عاتق الجميع والحاجة أشد إلحاحاً اليوم لوحدة الصفوف حقيقة تماشياً مع وحدة الهدف وواحدية القضية، وإن التكاتف والوفاء عنصران مهمان وضروريان للمضي سوياً في المقاومة واستكمال معركة الجمهورية والكرامة والعروبة حتى إنهاء الانقلاب وتحرير البلاد بأكملها من هذه العصابة الكهنوتية الإرهابية الفارسية.
هناك فرصة كبيرة أمام الجميع للتحول الفعلي، والعمل بظاهر المبادرات والشعارات والعهود والتقاط ما تضمنته في الذكرى الأخيرة من رسائل إيجابية والتعامل معها بمسؤولية وطنية كونها تمثل أهم متطلبات اللحظة وتفرضها الضرورة الوطنية، ولن يفلح قوم جعلوا الشعارات رأسمال الفعل والمناكفات والتربص من داخل الشرعية هدفاً استراتيجياً وتناسوا أن رقابهم رهن العدو الوجودي الحوثي.
من العار والجريمة والفشل تمترس أي مكون شرعي جمهوري ضد الآخر معه في خندق المواجهة، ومن الكوارث أن لا يرى الجميع من الوحدات العسكرية والمقاومة المقاتلة أن معركة الدفاع عن اليمن في مواجهة مليشيا الإرهاب الحوثي والمشروع الإيراني الذي يدمر اليمن تعني الكل دون استثناء،
وأن ينتظروا حتى تأتي معجزة من السماء لترسم خطة قتالية جمعية ومسرح عمليات موحد على امتداد الوطن ومهام مشتركة ومحددة لا هدف لها إلا العدو الكاهن الفاشي ولا خيار أمامها سوى بناء الثقة والتحرك نحو المصير.
صحيح أن الخارج من حلفاء وداعمين يتطلب إسنادهم ولكن الأمر أساساً يعني اليمنيين وعلى عاتقهم اليوم أو غدا، والقادة الحقيقيون لديهم خبر اليقين عن كيف تنجز الإنتصارات وتختصر المسافات وتخفض التكاليف، وما الذي جعل البلد يدفع أثماناً باهضة، وكم من الفرص اهدرت بأيدينا.
عبداللطيف المرهبي