عن دم مستضعف وقاتل فوق القانون
يحدث لمدير قسم شرطة أن يكون قاتلا بامتياز ويخرج لينفذ جريمته في وضح النهار دون أن يبالي، بل ودون أن تكون السلطة التي يمثلها في وارد أن تسأله: لماذا قتلت؟ وعلى أي قانون استندت؟
هي سلطة فقط على ذاك الذي أحرق نفسه فخرج نصر عامر ليؤكد بأن الرجل من جماعة الحوثي وكان يحاول الاستيلاء على أرض مواطن فتم الوقوف في وجهه فلم يجد في نهاية المطاف إلا أن يقوم بإحراق نفسه مدعيا مظلومية ما.
هكذا قال عامر مضيفا أن على الجميع أن يدركوا أن السلطة لن تتهاون مع أي كان حتى لو كان من أنصار الله إذا ما أراد الاعتداء على أي مواطن.
لكن أحدا لم يسمع نصر عامر يخرج ليتحدث كيف أن سلطته إلى الآن لم تقم بالقبض على قتلة الشيخ صادق أبو شعر. أليس مواطنا هو الآخر وتم الاعتداء عليه وقتله من قبل قيادي أنصاري تم تعيينه مديرا لقسم شرطة؟
هي أشياء للمزايدة لا أكثر، فالقضية ليست أرضا متنازعا عليها في الأوقاف، حتى يُظهر نصر عامر وأمثاله بطولاتهم.
وعبد الغني الرازحي، المشرف الحوثي بحسب عامر والذي أحرق نفسه كشكوى احتجاجية ضد رئيس هيئة الأوقاف، ليس بالتأكيد القيادي الأمني علوي الأمير، المعين مديرا لقسم شرطة شميلة، والذي قام مع أفراده بقتل مواطن من إب.
"هل يستضعفوننا لأننا من إب؟!"،
هكذا يتساءل أولئك المعتصمون من مشايخ ووجاهات وأعيان المحافظة، والذين نصبوا منذ أيام مخيما لهم في مكان ما من صنعاء لمطالبة السلطة بالقبض على قتلة الشيخ أبو شعر.
يروي أحدهم تفاصيل قيام القيادي علوي الأمير وأفراد قسم شرطته بمطاردة أبو شعر قبل أن يظفروا به في منطقة دار سلم شمال العاصمة ويمطروا سيارته بوابل من الرصاص استقر عشرون منها على الأقل في جسد الضحية، قبل أن يعودوا أدراجهم لتتولى سلطة المؤيد باقي التفاصيل.
يمر اليوم واليومان ولا حس لتلك السلطة ولا لأي من إجراءاتها، فطالما أن القتيل من محافظة إب فليس لها أن تستعجل أو تعكر صفو المشهد في السبعين.
لم يكن على أبناء إب إلا أن يتداعوا إلى ذلك "السبعين" ونصب مخيم لهم هناك والاعتصام حتى تعرف سلطة الحوثي أن ذاك الذي قتل في وضح النهار وبجريمة مشهودة نكراء مواطن هو أيضا ولا يمكن لدمه أن يسكت عن قاتله.
ولأنها سلطة استمرأت دماء الناس والدفاع عن قاتليهم، خصوصا إذا كان القتلة محسوبين عليها وهم دائما كذلك، تجد نفسها قد تحولت إلى وسيط لطرح بنادق التحكيم. يصرخ أولياء الدم في وجهها:
لا نطالب بشيء سوى أن تسلمي القتلة للعدالة. لكنها تصر على التحكيم وإرسال الوساطات فحضر "بندق السيد" مرة أخرى.
في البداية أرسلت ضيف الله رسام، جاء وطرح عسيبه وبندق السيد واعدا بأن وزارة الداخلية ستقوم بالقبض على القاتل في ظرف ساعات قليلة، وأنه لن ينتهي "خطاب السيد" إلا وقد جاءتهم البشرى. انتهى الخطاب وانتظر المنتظرون ومرت الساعات تلو الساعات ولم يحدث شيء. كان ذلك نهار الخميس، لينصرف رسام ساخطا على جماعته بأنهم بخسوا وجهه وخلفوا ما كانوا قد وعدوه به.
هذا بناء على ما قاله للمعتصمين الذين كان كل همه هو أن يقنعهم بفض اعتصامهم وأخذ مخيمهم والعودة من حيث جاؤوا، لكنهم استطاعوا أن يجعلوه هو من يرجع خائب المسعى كما يبدو. فإذا بسلطة الحوثي تعزز رسلها في اليوم التالي، الجمعة.
وهذه المرة مبعوث من قبل وزير الداخلية شخصيا، والذي جاء بمقدمة يبدو أنه قد حفظها طيلة الطريق إلى المخيم ليلقيها على مسامع الحاضرين كيفما اتفق، حيث الحديث عن أن هذه الوجوه التي تستحي منها السماء ستستحي منها سلطته هي أيضا ولكن لا بأس من تشكيل لجنة أمنية للنظر في القضية وأن يكون فيها اثنان من أصحاب الشأن.
كان يظن أنه بذلك المقترح سيستطيع إقناع المعتصمين بفض اعتصامهم وترك دم قتيلهم في عهدة لجنة ربما أن القاتل مشارك فيها هو أيضا. لكن مبعوث وزير الداخلية هو الآخر
عاد خائبا وسط إصرار شديد من أصحاب الشأن ومن وجاهات ومشايخ إب على البقاء في مكانهم وأنهم لن يبرحوه إلا بعد أن يتم القبض على القتلة وإيداعهم في السجن، مؤكدين أن مطلبهم واضح ولا يحتاج إلى كل هذه المماطلات إلا إذا كانت السلطة لا تريد أن تسلم القتلة، وهذا معناه أنها ستكون قد تحولت هي وأجهزتها الأمنية إلى شريك في الجريمة وإلى متستر على القتلة. كل مطلبهم هو العدالة، ولا شيء غير العدالة يا سلطة صنعاء. أم أن علوي الأمير قاتل فوق القانون يا نصر عامر؟
النقار