
وفاة طفل يمني تحت التعذيب في مركز تجنيد حوثي
كشف تحالف حقوقي يمني عن ممارسات تعذيب تمارسها الجماعة الحوثية لإكراه الأطفال على القتال في صفوفها، وأدت إحدى عمليات التعذيب إلى وفاة طفل بعد فشل محاولات تجنيده وغسل دماغه، في حين اتهم ناشطون حقوقيون الحوثيين بالتسبب في انتحار الأطفال.
وذكر مسؤولون في التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى رصد وتوثيق 845 انتهاكاً جسيماً ضد الأطفال خلال العامين الماضيين، وحتى أغسطس (آب) الماضي،
منها 636 حالة تجنيد، و33 حالة قتل و13 حالة عنف جنسي و47 اعتقالاً تعسفياً، و64 إصابة، و48 هجوماً على مدارس و5 حالات حرمان من مساعدات.
وحمّل المسؤولون في التحالف الجماعة الحوثية المسؤولية عن 763 حالة، فيما تتحمل الحكومة المعترف بها دولياً والقوات التابعة لها 61 حالة، مع 16 حالة أخرى مرتبطة بالانفلات الأمني أو مسؤولية مشتركة.
وبالإضافة إلى ذلك، رصد التحالف 18 حالة تضليل إعلامي للانتهاكات الستة الجسيمة للأطفال خلال الفترة من فبراير (شباط) وحتى سبتمبر (أيلول) الماضيين.
وقال التحالف الحقوقي إن طفلاً في الرابعة عشرة من عمره من عزلة «عيال عفير» في مديرية نهم التابعة لمحافظة صنعاء، لقي مصرعه على أيدي عناصر وقيادات في الجماعة الحوثية بعد أن تعرض لـ 3 انتهاكات مركبة، بدأت بتجنيده إجبارياً، ثم تعذيبه، وانتهاءً بسلبه الحق في الحياة.
وبين التحالف أن الطفل رداد صالح علي، وهو ابن عائلة فقيرة، ويعمل والده في مهنة البناء التي تضررت مثل الكثير من المهن والأنشطة ومصادر الرزق، أٌجبر، مطلع فبراير (شباط) الماضي على الانضمام إلى المركز الصيفي في قرية مليح، حيث جرى تسليمه إلى القيادي الحوثي أحمد السقاف، مسؤول التعبئة العامة في المديرية.
عقاب وتعذيب
فوجئ المسؤولون عن المركز برفض رداد حمل السلاح، ورغبته في المغادرة، وبعد فشل كل وسائل الترغيب والإقناع لجأوا إلى «التأديب» كما يصفها التحالف الحقوقي،
وفي الثامن من فبراير (شباط)، انهال مشرف المركز عليه بالضرب بعصي خشبية تسببت بجرح غائر في رأسه ظل ينزف منه ومن أنفه، دون أن يتدخل أحد لمساعدته بدواء أو غذاء أو ماء.
ويؤكد التحالف الحقوقي أن هذا الضرب لم يكن عقاباً عابراً، بل تحول إلى عملية تعذيب منهجية، فبعد الاعتداء عليه وتعذيبه وجرحه، أُغلق عليه في غرفة مظلمة،
وترك ينزف لوحده يومين كاملين، حتى بات واضحاً خطورة وضعه الصحي المتدهور، وبدا أنه يوشك على الموت، فجرى إسعافه إلى مستشفى 48 في صنعاء.
توفي رداد في المستشفى في الـ 13 من الشهر نفسه، بعد 3 أيام من دخوله العناية المركزة، وبدأت بعدها مساعي الجماعة الحوثية لطمس الواقعة.
أبلغ القادة الحوثيون والد رداد بأن سبب وفاته كان نزيفاً أنفياً، غير أن زملاء ابنه في المركز وبعض الأفراد التابعين للجماعة نقلوا له الحقيقة، ليرفض تسلم الجثة ويطالب بكشف الحقيقة ومحاسبة المتسببين.
ولجأت الجماعة الحوثية إلى استخدام وسائل الضغط والترغيب، على والد رداد للتنازل عن مطالبه، وتدخل قادة حوثيون من المستويات العليا لإقناعه وإجباره، واستخدموا في ضغوطهم ابنه الأكبر، شقيق رداد، الذي كان مقاتلاً في صفوف الجماعة وأحد من أقنعوا العائلة بإلحاق ابنها بالمركز.
تمت التسوية بعد نجاح الضغوط والإغراءات، بتنازل والد رداد عن المطالبة بالكشف عمَّا تعرض له نجله، مقابل إطلاق الجماعة صفة الشهيد عليه، ومنحه رتبة نقيب وراتباً شهرياً مما يسمى «مؤسسة الشهداء».
وبحسب مطهر البذيجي، رئيس التحالف، فإن جريمة تعذيب رداد حتى الموت تعدّ حلقة في سلسلة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الجماعة الحوثية بحق الأطفال باليمن، وتكشف عن انتهاجها سياسة التجنيد القسري.
نهج يدفع للانتحار
يشير البذيجي إلى أن المراكز الصيفية الحوثية تمثل أدوات خطيرة لغسل عقول الأطفال وأدلجتهم والزج بهم في جبهات القتال، وتهديداً مباشراً لحياة ومستقبل آلاف الأطفال اليمنيين.
وطالب المجتمع الدولي والآليات الأممية المعنية بفتح تحقيق مستقل وشفاف في جريمة مقتل الطفل رداد وضمان عدم إفلات المسؤولين عنها من العقاب، وممارسة ضغط جاد لوقف تجنيد الأطفال، وحماية الطفولة اليمنية من الانتهاكات.
وخلال الأيام الماضية أطلق حقوقيون يمنيون حملة إلكترونية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي للكشف عن تسبب ممارسات الجماعة الحوثية بانتحار الأطفال.
وسعى الناشطون إلى الكشف عن الانتهاكات النفسية والاجتماعية التي تمارسها الجماعة الحوثية بحق الأطفال في مناطق سيطرتها، ولفت الأنظار إلى تردي الصحة النفسية لهم بسبب بيئة القهر والحرمان وسوء المعاملة، ما أدى إلى انتشار وقائع الانتحار في مناطق سيطرتها.
ونشر المغردون صوراً لأطفال لجأوا إلى الانتحار بطرق مختلفة، وعزوا أسباب انتحارهم إلى تراجع التعليم وانهيار المنظومة التعليمية، والآثار النفسية للحرب الحوثية على المجتمع، بعد أن فقدت آلاف العائلات أربابها بسبب القتل أو الاعتقال،
في حين فقد الكثير من اليمنيين وظائفهم وأعمالهم وانقطعت رواتب الموظفين العموميين.
وكانت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية نشرت تقريراً حديثاً لها حول الانتحار، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، أظهرت فيه وقوع 34 حالة انتحار من بين 200 حالة قامت بتوثيقها والكشف عن ملابساتها في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.