
الصين تسعى لـ"تفاهم حقيقي" لإيجاد أرضية مشتركة مع واشنطن
الرأي الثالث - وكالات
أبدت الصين انفتاحاً على الحوار مع الولايات المتحدة في ظل تأزم العلاقات بين البلدين، وسط فرض تعرفات جمركية متبادلة وصلت إلى حدودها القصوى، وفق ما ذكرته صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية،
مشيرة إلى أنه "في العلاقات الدولية، لا يمكن الاعتماد دائماً على القوة الوهمية لحل المشكلات، بل تحتاج الدول إلى تفاهم حقيقي وحوار متكافئ لإيجاد أرضية مشتركة".
ولفتت الصحيفة في افتتاحيتها، اليوم الاثنين، إلى أن "مفتاح حل أزمة العلاقات الصينية الأميركية يكمن في عملية العولمة نفسها، فالقوتان العظميان متشابكتان بعمق بالفعل، ولن يؤدي الانفصال القسري إلا إلى استنزاف الطرفين بلا نهاية".
وأضافت أن "السبيل الوحيد للمضي قدماً هو الحوار المتكافئ"، وقالت إن "الاحترام المتبادل ليس شعاراً دبلوماسياً، بل قاعدة أساسية للبقاء يجب على كلا البلدين الالتزام بها"،
وشددت على أن "الصين الحقيقية ليست غامضة ولا مُهددة، وبالتأكيد ليست مُلتزمة بنص كتبه آخرون. المطلوب هو إزالة الفلاتر الأيديولوجية لبعض السياسيين الأميركيين، ورؤية الصين على حقيقتها".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "لعقود طويلة، تعاملت الولايات المتحدة مع الدول الأخرى من موقع قوة، سواء في التعامل مع حلفائها أو المنافسين، ولطالما فضلت قياس الآخرين وفقاً لقواعدها الخاصة، وإخفاء قوتها خلف ستار القيم، واستخدام العقوبات كغطاء لغياب المساواة الحقيقية في المفاوضات"،
مشيرة إلى أن "هذا الجمود في الهيمنة، جعل من الصعب على واشنطن تدريجياً رؤية العالم بوضوح ودقة".
وأضافت: "في خضم كل الأخبار الواردة من واشنطن حول العلاقات الصينية الأميركية، يزداد الانطباع بأن بعض السياسيين في الولايات المتحدة ما زالوا يعيشون في عالم وهمي من الهيمنة. يتحدثون باستمرار عن القوة والنفوذ، لكنهم يتجاهلون بشكل انتقائي التحولات الحقيقية في التوازن العالمي".
ولفتت الصحيفة الصينية إلى أن "محاولة فهم العلاقات الصينية الأميركية في القرن الحادي والعشرين من منظور تنافس القوى الغربية في القرن التاسع عشر، أشبه بمحاولة تشغيل قطار فائق السرعة بمحرك عربة يجرها حصان، فمن المحتم أن ينحرف عن مساره".
وتابعت: "في الواقع، تُجسّد استراتيجية واشنطن تجاه الصين التناقض النفسي المحيط بالقوة. فمن جهة، تُمسك الولايات المتحدة بعصا القوة باستمرار، بينما تُصرّ، من جهة أخرى، على أن قوتها لم تعد كما كانت في السابق، وأنها بحاجة إلى أن تكون (عظيمة من جديد)". ونتيجة لذلك،
ووفق المصدر ذاته، "تُسيطر على واشنطن الآن مخاوف عميقة من تراجع هيمنتها، لذلك يبدو الأمر أشبه بلاعب كرة سلة يُصرّ على لعب دور الحكم والمنافس في آن واحد.
ولكن مع ميل اللعبة بشكل متزايد عكس مصالحها، توقفت واشنطن عن محاولة الدفاع عن القواعد، وتسارع بدلاً من ذلك إلى الاستيلاء على الكرة"، وفق الصحيفة.
وأضافت أن "مستقبل العلاقات الصينية الأميركية لا يتوقف على قدرة واشنطن على الحفاظ على موقف (الأخ الأكبر)، بل على قدرتها على التعلم من هذه الحضارة العريقة التي أعادت تشكيل العولمة على مدى الأربعين عاماً الماضية على قدم المساواة"،
مشيرة إلى أن "موقف الصين تجاه الولايات المتحدة أصبح واضحاً تماماً الآن، ويتجلى في رسم الخطوط الحمراء ووضع القواعد.
أما إذا فشلت الولايات المتحدة في تعديل عقليتها واستمرت في التعامل مع الصين من موقع قوة، سعياً لفرض إرادتها بالقوة، فإن التوترات في العلاقات الصينية الأميركية سوف تتعمق أكثر".
وأخيراً، شددت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية على أنه "في نهاية المطاف، العلاقات بين الدول كالعلاقات بين الشعوب، لا يمكن الاعتماد دائماً على القوة الوهمية لحل المشكلات، بل نحتاج إلى تفاهم حقيقي وحوار متكافئ لإيجاد أرضية مشتركة".