
في زمن الحرب.. كيف يعيش أهل غزة عيد الأضحى؟
الرأي الثالث - وكالات
في غزة لا تأتي الأعياد كما يعرفها الناس في باقي دول العالم، فالعيد فيها لا تزينه الزينة ولا تستقبله المآذن بالتكبيرات، ولا تملأه ضحكات الأطفال وملابسهم الجديدة، بل يولد من رحم المعاناة.
وهذا العيد هو الرابع الذي يحل على غزة خلال الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت حتى الآن عن أكثر من 180 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لمصادر فلسطينية،
إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين وسط أزمة إنسانية خانقة.
مدينة بلا عيد
غابت خلال هذا العيد بهجة الأطفال، وحرمت العائلات من جلسات الفرح، وتحولت مناسبات المعايدة إلى عزاء ومواساة في الشوارع والأزقة.
في الشوارع المحطمة، لم يسمع أصوات الأضاحي ولم تشاهد مواكب الضاحكين يحملون لحومها، وبدلاً من أن تملأ الحارات أصوات التكبيرات، علا فيها دوي القذائف، وتساقط الشهداء والجرحى،
فيما تواصل طائرات الاحتلال تدمير المنازل والبنى التحتية، وتُصدر أوامر جديدة بإخلاء عشرات الآلاف من المواطنين، في نزوح لا ينتهي.
أمام هذا الدمار الهائل وتضييق الخناق على دخول المساعدات الإنسانية، تحول العيد من مناسبة للفرح إلى حلم مستحيل، بالنسبة لأكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
كما بات العيد في غزة يقاس بعدد الشهداء لا بعدد الأضاحي، فخلال أول يومين استشهد نحو 70 فلسطينياً، وسط تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية.
خيام بلا حياة
داخل خيمة نزوح أقيمت في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، حيث تتكدس آلاف العائلات الهاربة من الموت، يجلس عمر عبيد مع أسرته، تغلفهم الحسرة والحزن مع حلول عيد الأضحى.
يقول عبيد : "في مثل هذا الوقت من كل عام كنا نستعد لذبح الأضحية، وتوزيع لحمها على الأقارب والأصدقاء، وكنا ندخل الفرحة إلى قلوب أطفالنا، أما اليوم فنحن لا نجد ما نأكله أصلاً".
ويضيف: "هذا ثاني عيد يمر علينا ونحن في هذه الخيام نقتل يومياً، نعيش على فتات المساعدات، ونحرم من أقل حقوقنا كبشر، لا ماء، لا خبز، لا أمان، والاحتلال يواصل قصفه ليل نهار، وما الذنب الذي ارتكبناه لنحرم من العيد؟".
إلى جانب خيمة عبيد، يعيش محمد أبو غزيل، نازح آخر وصاحب مزرعة للأبقار والأغنام قبل الحرب، يستذكر بحسرة طقوس العيد الجميلة، حيث كان الناس يتوافدون على مزرعته لشراء الأضاحي، في أجواء مليئة بالبهجة والبهاء.
يقول أبو غزيل : "كنا نبيع مئات الأضاحي في الأيام التي تسبق العيد، وكان الناس يفرحون بتطبيق سنة خليل الله إبراهيم عليه السلام، لكن اليوم لا شيء، لا مزرعة، لا خراف، لا مواشٍ، فقط خيام وركام".
كما يوضح أن جيش الاحتلال دمر مزارع المواشي في القطاع من خلال قصفها عبر الجو وتجريفها بدباباته، ولم يسمح بإدخال أي كميات من الأبقار والأغنام للسكان منذ بداية العدوان.
ويتابع بأسى: "كنا نجهز مزارعنا لاستقبال الناس، وكنا نذبح الأضاحي أمام أطفالنا الذين كانوا يرددون التكبيرات. أما اليوم، فالأطفال يُذبحون، والبيوت تُهدم، والمزارع تحترق، ومن كان يصدق أن تمر علينا سنتان متتاليتان دون أضاحي؟ بل دون حتى رغيف خبز".
يوضح غزيل أن "غالبية سكان قطاع غزة سيقضون العيد بدون طعام أو حتى شراب نظيف، أو مكان آدمي، وسينظر الناس لبعضهم البعض غير مصدقين ما يحدث لهم في هذه المناسبة الإيمانية:.