
استراتيجية نتنياهو في غزة.. إبادة مستمرة وتحدٍّ للمجتمع الدولي
الرأي الثالث - وكالات
يواصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تبني استراتيجية متصلبة في التعامل مع قطاع غزة، تقوم على رفض أي حلول تفضي إلى إنهاء الحرب،
متجاهلاً الضغوط الدولية والعربية، وحتى الدعوات الداخلية في (إسرائيل) للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لا سيما بعد إعلان حركة حماس موافقتها على المقترح القطري-المصري الأخير.
ورغم تقديم الوسطاء مقترحات متعددة لإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى، يصر نتنياهو على المماطلة وعدم الرد؛ في محاولة لفرض وقائع سياسية وعسكرية على الأرض.
ويرى مراقبون أن نتنياهو يرفض أي اتفاق لا يحقق شروطه الكاملة، وأبرزها نزع سلاح المقاومة، ومنع حماس من الحكم في غزة، وضمان وجود ترتيبات أمنية تضمن هيمنة الاحتلال على القطاع.
وتجاهل نتنياهو للمبادرات السياسية والدبلوماسية، بما في ذلك المقترحات الأمريكية، دفع الوسطاء للتعبير عن غضبهم، خاصة أن موقفه يعيق الوصول إلى تسوية ويفاقم الوضع الإنساني المتدهور في غزة.
ويظهر رئيس حكومة الاحتلال وكأنه في حالة تحدٍ للمجتمع الدولي، حيث يركز على خطاب موجه للداخل الإسرائيلي ولليمين المتطرف، متجاهلاً الأصوات المنادية بالحل.
وبحسب محللين، فإن نتنياهو يعمل على تحويل الحرب في غزة إلى مسار طويل الأمد دون أهداف واضحة أو نهاية قريبة، بهدف استخدام الوقت لتفكيك البنية التحتية للمقاومة، واستنزاف غزة سياسياً وميدانياً.
ويأتي ذلك ضمن رؤية أوسع لفرض واقع جديد يُبقي على الهيمنة الإسرائيلية ويبعد أي احتمال لقيام كيان فلسطيني مستقل في القطاع.
استراتيجية نتنياهو في غزة تركز على استمرار الحرب، ورفض الحلول الوسط، وفرض السيطرة بالقوة، ما ينذر بإطالة أمد الصراع، ويهدد بتفجير المنطقة بأكملها، في ظل الغليان الشعبي والدولي ضد الانتهاكات المتواصلة في القطاع.
مماطلة نتنياهو
الخبير في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أكد أن مرور أكثر من أسبوعين على رد حركة حماس على المقترح القطري المصري دون أن يقدّم نتنياهو رداً رسمياً، "يعكس مماطلة مقصودة واستراتيجية مدروسة لتهميش غزة سياسياً".
وقال منصور : إن "عقد اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) دون التطرق إلى غزة ولو بكلمة، يؤكد أن نتنياهو يحاول التعامل مع الحرب على القطاع كأمر روتيني؛ في محاولة لفرض واقع جديد يعتبر فيه استمرار العمليات في غزة غير طارئ أو ضاغط سياسياً، وهو ما يثير غضب الوسطاء الدوليين".
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تسعى إلى تقليل قيمة غزة في المعادلة السياسية، والتركيز على مكاسب يمينية داخلية، حيث يهاجم نتنياهو المجتمع الدولي لإرضاء التيار اليميني المتشدد.
وأضاف منصور أن نتنياهو لا يريد نهاية سريعة للحرب ما لم تفرض شروطه، وأهمها: تحديد الجهة التي ستحكم غزة مستقبلاً، ونزع سلاح المقاومة، وإجراء ترتيبات أمنية تضمن السيطرة الإسرائيلية، إلى جانب ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، الذي يعتبر أولوية في مفاوضاته.
كارثة غير مسبوقة
وفي أكثر من تقرير أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الحرب على غزة "يخلق كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ عقود"، مشددة على أن رفض "إسرائيل" للمبادرات يعرقل جهود إيصال المساعدات ووقف نزيف الدم.
وفي بيان صدر عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف يوليو الماضي، حذرت المقررة الخاصة من أن سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه غزة قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية"، وطالبت بفرض ضغوط دولية لوقف العمليات العسكرية.
الاتحاد الأوروبي من جانبه عبّر في بيان سابق عن أن "رفض تل أبيب التعامل مع المبادرات الوسطية يقوّض فرص الاستقرار ويهدد بتوسيع دائرة الصراع".
وفي هذا السياق، رأت مراكز أبحاث دولية، مثل "مجموعة الأزمات الدولية"، أن إطالة الحرب في غزة وربطها بشروط تعجيزية من قبل حكومة نتنياهو قد يفتح الباب أمام "تصعيد إقليمي واسع".
وأشارت إلى أن تجاهل نتنياهو للضغوط الدولية يعكس رهانه على عامل الوقت، لكنه في المقابل "يرفع تكلفة الحرب على إسرائيل سياسياً واقتصادياً".