
"هيومن رايتس ووتش" تدين انتهاكات جسيمة بحق الصحافيين اليمنيين
الرأي الثالث
يعاني الصحافيون اليمنيون والمؤسسات الإعلامية من انتهاكات جسيمة من قبل الأطراف المتصارعة في البلاد، خصوصاً جماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي إضافةً إلى الحكومة اليمنية، بحسب ما قالته "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صادر الخميس.
ووثّقت المنظمة الحقوقية في تقريرها الذي جاء بعنوان "نتقرب إلى الله بتعذيب الصحافيين: انتهاكات الأطراف المتحاربة المنهجية ضد الصحافيين وحرية الصحافة في اليمن"، مجموعة واسعة من الانتهاكات بحق الصحافيين، أبرزها الاحتجاز والإخفاء القسريان والتعذيب، والاعتقال التعسفي،
إضافةً إلى مضايقة الصحافيين وترهيبهم وعرقلة عملهم، وحتّى الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية.
وقالت باحثة اليمن والبحرين في "هيومن رايتس ووتش"، نيكو جعفرنيا: "تهدد الهجمات المتكررة للأطراف المتحاربة على الصحافيين والمؤسسات الإعلامية حياة عشرات الصحافيين وتقوّض بشكل خطير حرية التعبير في اليمن.
ينبغي للسلطات بذل كل ما في وسعها لضمان تلبية الاحتياجات والحقوق الأساسية للناس، بدل الاعتداء على أولئك الذين لا يفعلون سوى نقل الأحداث وإسكاتهم".
أجرت "هيومن رايتس ووتش" بين أكتوبر/تشرين الأول 2024 ومايو/أيار 2025 مقابلات مع 27 شخصاً، من بينهم صحافيون محتجزون سابقاً وأقارب صحفيين ومحامون.
كذلك راجعت صوراً ووثائق رسمية ولوائح اتهام صادرة عن المحاكم. نتيجةً لذلك، وثّقت المنظمة 14 حالة انتهاك بحق الصحافيين على يد الحوثيين، الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، من بينهم خمسة ما زالوا محتجزين تعسفياً منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ثلاثة منهم لدى الحوثيين، واثنان لدى المجلس الانتقالي الجنوبي، مع العلم أن أربعة منهم أخفوا قسراً.
وقال أربعة صحافيين كانوا محتجزين سابقاً، لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنهم تعرضوا لتعذيب شديد في السجن، بالإضافة إلى أشكال أخرى من سوء المعاملة، قالوا إنهم يعتقدون أن السلطات عاملتهم بوحشية أكثر من المحتجزين الآخرين لتخويفهم وتخويف الآخرين، حتى لا يبلغوا عن انتهاكات السلطات وسوء إدارتها وفسادها.
بدوره قال الصحافي المفرج عنه، عبد الخالق عمران، إن مسؤولاً حوثياً في السجن قال له: "نتقرب إلى الله بتعذيب الصحافيين".
أدت الانتهاكات المتكررة بحق الصحافيين اليمنيين إلى هرب الكثيرين منهم خارج البلاد، فيما حاول آخرون إخفاء طبيعة عملهم الصحافية، أو حتى توقفوا عن العمل.
وقالت إحدى الصحافيات المستقلات من عدن إنها اضطرت إلى إخفاء هويتها الصحافية عند نقاط التفتيش، مشيرةً إلى أن زملاءها نصحوها باختيار صفة طالبة بدل صحافية في جواز السفر.
من جهته، أشار عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، إلى أن "مساحة الحرية الصحافية تتقلص يوماً بعد يوم"، مؤكداً أن السلطات تراقب الصحافيين وتعتقلهم لأسباب تافهة، مثل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى مقتل العديد من الصحافيين خلال السنوات الـ11 الماضية على يد أطراف متحاربة، من دون إجراء تحقيقات جدية لتحديد المسؤولين عن ذلك.
ولفتت إلى أن جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي سيطرا على مؤسسات إعلامية كبرى، من بينها: وكالة سبأ اليمنية للأنباء، قناة صوت اليمن، يمن ديجيتال ميديا، ويمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي، إضافة إلى مقر نقابة الصحافيين اليمنيين.
ودعت المنظمة الأطراف المتنازعة في اليمن إلى التزام القوانين الدولية والمحلية الخاصة بحرية التعبير والصحافة، والامتناع عن ممارسة الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والقتل.
كذلك دعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التنديد بهذه الانتهاكات والمطالبة بالإفراج الفوري عن الصحافيين المعتقلين تعسفياً.
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بحرية التعبير، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري بطلب زيارة اليمن للتحقيق في هذه الانتهاكات وتوثيقها.
وقالت جعفرنيا: "ينبغي لجميع الأطراف المتحاربة الإفراج فوراً عن الصحافيين الذين لا يزالون محتجزين ظلماً، ووقف انتهاكاتها ضد الصحافيين والمؤسسات العالمية.
كذلك ينبغي للمجتمع الدولي إنهاء تقاعسه عن التصدي للانتهاكات المستمرة في اليمن، وأن يضمن مساءلة الأطراف المتحاربة".