
مآلات الهجمات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل بعد اتفاق غزة
أبقى زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، موقف جماعته من استمرار عمليات إسناد غزة قابلاً لكل الاحتمالات، بعدما أكد، مساء الخميس في كلمة متلفزة، أن جماعته ستنتظر في ما يتعلق باتفاق غزة، فإن تم تطبيقه كان به "وإلا سنواصل مسارنا في الدعم والإسناد".
وأكد الحوثي، أنّ جماعته سترصد وترقب الأحداث وسيكون لها تعليق ومواقف تجاه أي مستجد فيها يتطلب ذلك،
لافتاً إلى وجود "تنسيق تام مع الإخوة الفلسطينيين وعلى مستوى المحور وأحرار العالم".
وأضاف الحوثي: "سنبقى في حالة انتباه وجهوزية تامة ورصد كامل بدقة وعناية، تجاه مرحلة تنفيذ الاتفاق لإنهاء العدوان على قطاع غزة وإدخال المساعدات، وما نتمناه هو إيقاف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني والتزام العدو بوقف إطلاق النار، وهذا كان هدفنا أصلاً من الإسناد".
وقدم الحوثي جردة حساب لمشاركة جماعته في "معركة الفتح الموعود والكفاح المقدس" والتي دشنتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بعملية قصف الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ الباليستية والطيران المسير،
لتتبعها بعملية عسكرية قبالة سواحل محافظة الحديدة غربي البلاد في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وسيطرت خلالها على سفينة غالاكسي ليدر، التي تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي،
ولتتوالى بعد ذلك سلسلة الهجمات التي استهدفت السفن في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، بالإضافة إلى أهداف عسكرية وحيوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح الحوثي أن إحصائية العمليات الإسنادية بلغت 1835 ما بين صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية وطائرات مسيرة، وزوارق حربية.
وبحسب تقرير نشره الموقع الرسمي للحوثيين فقد كشفت إحصائية للعمليات البحرية اليمنية، أن نحو 228 سفينة مرتبطة بإسرائيل جرى استهدافها في البحرين الأحمر والعربي.
ونفذ الحوثيون أكثر من 78 عملية اشتباك مع البوارج والقطع العسكرية الأميركية، كما تمكنت بحرية الحوثيين من استهداف 30 سفينة: عشر في البحر الأحمر، 13 في خليج عدن، سفينتان في المحيط الهندي، وأربع سفن في البحر العربي، وذلك بالصواريخ الباليستية والبحرية والطائرات المسيرة.
كما تحدث الحوثيون عن إسقاط 22 مسيرة من نوع "أم كيو 9"، وهي طائرات أميركية مسيَّرة حديثة ومتطورة، توصف بأنها استطلاعية هجومية ذات محرك توربيني.
في المقابل، تعرّض اليمن لأكثر من 2843 غارة أميركية وإسرائيلية وبريطانية، استهدفت المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وعلى رأسها صنعاء والحديدة وصعدة،
سقط خلالها المئات بمن فيهم قيادات من الصف الأول بينهم رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وعدد كبير من الوزراء، فضلاً عن قيادات عسكرية وأمنية بارزة.
واستهدفت الغارات مواقع عسكرية ومدنية على حد سواء، وتجاوزت الخسائر الناجمة عنها أربعة مليارات دولار في الموانئ والمطارات ومصانع الإسمنت ومحطات الطاقة.
ووفق الإحصائيات المعلنة، فإن خسائر مطار صنعاء وحده بلغت 500 مليون دولار جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر، الذي أدى إلى تعطّل حركة الملاحة الجوية.
وقدّرت "مؤسسة موانئ البحر الأحمر" الخسائر المباشرة في موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، بأكثر من 1.3 مليار دولار، فضلاً عن أضرار لحقت بمصانع الإسمنت في عمران وباجل ومحطات الكهرباء في صنعاء والحديدة.
وأمام الهدف المعلن للعمليات العسكرية للحوثيين الداعمة لغزة والمطالبة برفع الحصار عنها، يبرز السؤال عن مستقبل العمليات العسكرية المتبادلة بين الجانبين في ظل المتغيرات الإقليمية الناتجة من التوصل لاتفاق وقف الحرب.
في السياق، رأى المحلل العسكري العقيد عبد العليم أبو طالب، أنه من "المؤكد أنه بعد اتفاق وقف النار في غزة حدوث انحسار بوتيرة الهجمات المتبادلة بين الحوثيين والإسرائيليين، خصوصاً أن الهدف المعلن لهجمات الحوثيين لم يعد قائماً".
ويتوقع أن "يعمل الجانب الإسرائيلي على الإعداد لضربات قاصمة ضد الحوثيين من شأنها التأثير على القدرات العسكرية للجماعة وإضعاف قدراتها على تهديد المصالح الإسرائيلية مستقبلاً، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي بات يرى في جماعة الحوثيين خطراً يهدد بشكل أو بآخر المصالح الإسرائيلية.
ويزداد هذا التوجه مع المكانة التي بات الحوثيون يحظون بها في ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة العربية". وأشأر أبو طالب إلى أنه "يجب التأكيد أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم برعاية الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) لا يشمل جماعة الحوثيين،
وبالتالي سيبقى الباب مفتوحاً أمام كل الخيارات، وفي هذا الصدد يجب الإشارة إلى أن الحوثيين نجحوا في استغلال الموقف المعلن من حرب غزة لتصدير خطابهم داخلياً وخارجياً.
وبالتالي إن الحوثيين حريصون على أن يستمر توظيف الموقف من القضية الفلسطينية، ومن الممكن أن تستمر عمليات الجماعة وإن بوتيرة أقل عما كانت في السابق".
ولفت إلى أن قرار "مشاركة الحوثيين في معركة إسناد غزة، لم يكن قراراً يمنياً، بقدر ما كان قرار الطرف الداعم والموجّه، وهو إيران".
وأضاف: "بالتالي مثّلت الجبهة اليمنية ما يمكن أن نصفه بحقل تجارب للأسلحة الإيرانية، التي تم تطوير نسخ متنوعة منها سواء في الصواريخ الباليستية والمجنحة أو الطيران المسير.
وفيما يتعلق بالداخل اليمني، فقد نجح الحوثيون من التهرب من الالتزامات الداخلية لصالح خطاب تعبوي وتحشيدي، ساهم في بسط الجماعة لقبضتها الأمنية من خلال قمع كل الأصوات المعارضة بتهمة العمالة للعدوان الصهيوأميركي".
من جهته، رأى الكاتب الصحافي مراد العريفي، أن "إسرائيل تتعامل مع جماعة الحوثيين باعتبار أن ملفها منفصل عن الحرب في قطاع غزة.
وهو ما ظهر سابقاً من خلال الهجمات التي شُنت على حزب الله وإيران، ولأنّ إسرائيل هي من تملك زمام المبادرة فإن ثأرها مع الحوثيين لا يزال قائماً، لذا فإنها لن تترك هذه الفرصة السانحة لتدمير جماعة الحوثيين، خصوصاً في ظل أنها ستركز كل جهودها ومواردها العسكرية باتجاه الحوثيين بعد إيقاف الحرب في قطاع غزة".
ووفقاً للعريفي فإن هذا الأمر "يبدو واضحاً من خلال السلوك العسكري الجديد في شن الهجمات الاستباقية على أكثر من محور"
لافتاً إلى أنّ "الضربات الجوية لم تكن ذات فاعلية في تحجيم خطر الحوثيين المتصاعد،
كما أنها ذات كلفة عالية من الناحية العسكرية على إسرائيل، التي خرجت من عدة ساحات قتال، وحتماً فإنها تظهر منهكة رغم الدعم الغربي، لذا ستبحث خلال الأيام المقبلة عن سيناريوهات جديدة في التعامل مع الجماعة".
10 مليارات دولار خسائر اليمن جراء الضربات الإسرائيلية
قدر خبراء اقتصاديون خسائر اليمن، جراء الضربات الإسرائيلية والأمريكية خلال ما سموه فترة الاسناد لغزة بعشرة مليارات دولار أمريكي.
وطوال العامين الماضيين، نفذت إسرائيل نحو 18 هجمة جوية تسببت في تدمير أربع طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية وتعطيل مطار صنعاء الدولي،
إضافة إلى استهداف محطات توليد الطاقة الكهربائية بنحو تسع هجمات، نالت محطة حزيز في العاصمة صنعاء النصيب الأكبر بنحو ست هجمات، ومحطة رأس كتنيب في الحديدة، شمال غربي اليمن، ثلاث هجمات،
بالإضافة إلى هجمات أخرى استهدفت محطتي ذهبان وعصر.
وحسب الخبراء فإن الضربات استهدفت مصنعين للإسمنت: مصنع باجل في محافظة الحديدة، ومصنع إسمنت عمران على بعد 30 كيلومتراً شمالي صنعاء.
ويشير الخبير الاقتصادي رشيد الحداد إلى أن عدوان الاحتلال تركز على موانئ الحديدة الثلاثة التي تعرضت للاستهداف المباشر، إضافة لخزانات النفط والغاز، وكذلك تم تدمير بنى تحتية مدنية في الحديدة.
وبلغت الخسائر الأولية للموانئ أكثر من 1.3 مليار دولار، إضافة إلى الدمار الكبير الذي تعرضت له مبانٍ حكومية ومدنية ومؤسسات خلال العامين الماضيين من قبل الطيران الأميركي والإسرائيلي.
وتركزت سبع هجمات إسرائيلية على موانئ البحر الأحمر الثلاثة في محافظة الحديدة، شمال غربي اليمن، إذ تسببت بتدمير ما يقرب من 70% من أرصفة ميناء الحديدة،
إضافة إلى استهداف وضرب الألسنة البحرية في ميناء رأس عيسى النفطي، وهي عائمات مائية تُستخدم لدفع وتحريك السفن، الأمر الذي تسبب بأضرار وخسائر جسيمة، مع انخفاض قدرات الموانئ على استقبال السفن وتحريكها على الأرصفة.
كما استهدف العدوان الإسرائيلي مناطق تجارية حيوية في وسط صنعاء، متسبباً بأضرار مدنية وتجارية فادحة، وطاول أرزاق ومصالح المواطنين،
إذ تعرضت كثير من المحالّ التجارية لأضرار بالغة تنوّعت بين تدميرها وإتلاف بضائعها وسلعها وخلع أبوابها، بصورة أثارت الرعب في أوساط التجار في أهم منطقة تسوق تجارية في العاصمة صنعاء التي يعمل فيها كثير من الباعة الجائلين وسائقي الباصات ومركبات النقل التي تعرضت للتدمير الكامل، وفق الحداد.
فخر العزب
صحافي يمني