الشرعية اليمنية أمام اختبار الإصلاح ضغوط دولية لكبح الفساد وضبط الإيرادات
الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تعيش اليوم تحت وطأة ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة وبريطانيا ومعهما أطراف دولية أخرى. .
وهذه الضغوط لم تعد مجرد بيانات سياسية أو نصائح شكلية وإنما تحولت إلى مسار واضح يرسم حدود الدعم والاعتراف بشرط أن تقوم الشرعية بإصلاحات حقيقية وجذرية.
المؤكد أن الملف الأهم هو ملف الإيرادات المالية فالمانحون الدوليون يراقبون بدقة عائدات النفط والغاز والجمارك والضرائب ويعرفون أن جزءاً كبيراً منها يتسرب إلى شبكات مصالح نافذة.
وهو ما دفع واشنطن ولندن إلى التشديد على أن أي استمرار للدعم المالي يجب أن يرتبط بآليات صارمة تضمن دخول الإيرادات إلى خزينة الدولة.
إلى جانب الإيرادات فإن الضغوط الأمريكية والبريطانية تشمل أيضاً البنية المؤسسية والإدارية للدولة وقد تم توجيه ملاحظات واضحة حول حجم الفساد في وزارات سيادية مثل وزارة الخارجية التي تحولت إلى مثال صارخ على سوء الإدارة والهدر المالي.
وهذا ما دفع الأطراف الدولية للمطالبة بإصلاحات داخلها كجزء من مسار شامل لمحاربة الفساد
المعلومات المؤكدة تشير إلى أن واشنطن ولندن تدركان أن استمرار حالة الفوضى في مؤسسات الشرعية يقوض فرص السلام ويضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية بل ويمنح الحوثيين مساحة لتقديم أنفسهم كبديل منظم.
وهو ما تعتبره القوى الغربية خطراً على استقرار الإقليم والممرات البحرية.
هذه الضغوط ليست مجرد إملاءات خارجية بل هي انعكاس لحاجة ملحة داخلية فالمجتمع اليمني يعاني من نتائج الفساد أكثر من أي طرف آخر .
والإصلاح الحقيقي في المالية العامة والجهاز الإداري للدولة سيعني بالضرورة استعادة ثقة المواطن وتقليص الفجوة بين الشرعية والناس وتهيئة المناخ لأي عملية سلام مستقبلية.
يبقى التحدي الأكبر أمام الشرعية في قدرتها على امتلاك الإرادة السياسية لتنفيذ هذه الإصلاحات في ظل نفوذ مراكز القوى التي اعتادت على الاستفادة من الوضع القائم .
فإما أن تستثمر القيادة اليمنية هذه الضغوط الدولية والأمريكية البريطانية لصالح بناء مؤسسات الدولة وإما أن تكرر تجربة التردد والفشل وتخسر ما تبقى من ثقة الداخل والخارج.. .
* سفير بوزارة الخارجية