عملية القدس ودلالات عمق الأزمة الصهيونية
أحد عشر قتيلًا بَيْنَ مستوطن وعسكري في جيش الاحتلال الصهيوني، إضافة إلى العديد من المصابِينَ جرَّاء عمليَّتي القدس وغزَّة في يوم واحد،
إلَّا أنَّ ما يجسِّده الموقف العام هو أبعد بكثير من هذا الرقم الذي يتكرر يوميًّا على أرض فلسطين المقاومة الباحثة عن الكرامة والتحرير وتقرير المصير؟!
العدوُّ المُجرِم في حكومة الكابينت الصهيوني اليميني المتطرف لا يريد الاعتراف بهذه الحقيقة التي تجسِّد عُمق الأزمة الصهيونيَّة بكُلِّ تجلِّياتها!!
وهل يعتقد غلاة اليمين المتطرف أنَّ الواقع في فلسطين سيُحقق للمُجتمع الصهيوني الأمان مع تقادم الزمن؟!
لا طبعًا، بل إنَّ هذه العمليَّة التي حدثت في القدس سيتكرر غيرها في كُلِّ مكان على أرض فلسطين طالما بقي الاحتلال على هذه الأرض أرض الرباط إلى يوم القيامة، وهذا يعني أنَّ متطرفي حكومة الاحتلال في أزمة خانقة يحاولون تجاهلها،
وبالتالي إن لم يتدارك المُجتمع «الإسرائيلي» حجم الأزمة فإنَّ المستقبل على أرض فلسطين ينذر بالمهالك والمخاطر وغياب الأمن في ظلِّ استمرار العدوان والاحتلال على أرض فلسطين.
وقد وصف سيِّد البشر محمد (صلى الله عليه وسلم) أنَّها في رباط إلى يوم القيامة. كما قال سبحانه وتعالى: «أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ» وعلى بني صهيون انتظار ما هم مقبلون عليه في الأيَّام القادمة .
عمليَّة القدس تجسِّد حقيقة واحدة يتجاهلها عمدًا اليمين المتطرف في «تل أبيب» أمثال مُجرِمي الحرب نتنياهو وسموتريتش وبن جفير،
وهذه الحقيقة تقول: «لا أمان لكم أيُّها الصهاينة طالما استمرَّ العدوان، وطالما انتُزعت حقوق الشَّعب الفلسطيني، وطالما استمرَّ الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين» فلا يوجد لهذا الشَّعب المكلوم ما يخسره،
فهم جميعًا مشاريع شهادة، ويعلمون أنَّ تحرير أرضهم وديارهم لا بُدَّ أن يعمَّد بالأرواح والدماء؛ وقد جرَّبوا خداع أوسلو وما بعدها فلم يجنوا منها إلَّا المجازر وتوسُّع المستوطنات والاغتيالات والاجتياحات المتكررة، والإصرار الصهيوني العنصري على يهوديَّة الدولة وعدم الاعتراف بأيِّ حقٍّ من حقوق الشَّعب الفلسطيني،
وبالتالي لم يبقَ أمام الفلسطيني إلَّا حقيقة واحدة هي النضال والكفاح المسلَّح والتضحية على طريق الشهادة والتحرير، وعلى المُجتمع «الإسرائيلي» تحمُّل تبعات سياسة حكومته والبقاء بَيْنَ الموت بفعل هذه العمليَّات الفدائيَّة الفلسطينيَّة المتكررة أو الهجرة إلى خارج فلسطين.
فلا يوجد مستقبل على هذه الأرض؛ أرض فلسطين، فهي ليست أرض الميعاد، ولا أمان فيها طالما هناك شَعب يُناضل من أجْل حقوقه المسلوبة في سبيل تحقيق مشروع التحرير، وإن غدًا لناظره قريب.
* إعلامي وكاتب عُماني
khamisalqutaiti@gmail.com