
اليمن وصوته الخافت في الأمم المتحدة
لم تجد دعوات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى تشكيل "تحالف دولي فاعل" لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران أي صدى في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وسعى وفد الحكومة الشرعية عبر سلسلة من اللقاءات الثنائية إلى نقل مأساة عقد من الزمن وما خلفته الحرب من أزمة إنسانية وفقر وجوع، لكنه صوت وفق مراقبين ظل خافتاً في نيويورك.
وكانت أزمة غزة العنوان الرئيس للمجتمع الدولي الذي بات يتخذ خطوات جادة لعزل إسرائيل وإدانتها.
ما نتائج التحشيد؟
وحرص الوفد اليمني على التحذير من الجماعة الحوثية و"المشروع الإيراني" في المنطقة، خصوصاً أنهما يتخذان من الممرات المائية الدولية "بؤرة ابتزاز". ويأمل الوفد في حشد مواقف دولية وأممية لدعم الحكومة المعترف بها دولياً، إضافة إلى تلقي مزيد من الدعم الإنساني- الاقتصادي.
وتسيطر ميليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني على العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المحافظات وتسعى إلى تغيير المعادلة من الداخل وبسط سلطات الدولة على كل البلاد.
وسعى العليمي ومرافقيه إلى تجييش تحالف دولي للقضاء على الجماعة المارقة وهو مسعى عبر عنه العليمي خلال المناقشة العامة على هيئة تحذير وعتاب أن اليمن ترك "رهينة لمشروع النظام الإيراني التوسعي وميليشياته التي تستخدم الجوع كسلاح والدين كأداة والممرات البحرية كوسيلة ابتزاز"،
وقال إنها حولت البلاد إلى إحدى أخطر "بؤر الإرهاب العابر للحدود في العالم".
المناشدات التي أكدت عليها بعض أصوات الوفود التي التقت الوفد اليمني ظلت رهينة المناقشات العامة، ولم تؤخذ كمبادرة واقعية، وعلى حد وصف العليمي هي "مجرد أزمة داخلية"، كما يظن المجتمع الدولي،
مشيراً إلى أن أزمة اليمن "أصبحت اختباراً لمصداقية النظام الدولي".
أين السردية السياسية؟
يقول الباحث السياسي اليمني حسام ردمان إن القضية اليمنية لم تتصدر أعمال اجتماعات الجمعية العامة كما كان متوقعاً بسب تمحورها حول مسألة رئيسة وهي موضوع غزة.
وبالنظر الى حضور مجلس القيادة الرئاسي لإبراز القضية اليمنية، يرى أنه "كان مهماً بحضور ثلاثة"، هم الرئيس العليمي وعضوا المجلس عيدروس الزبيدي وعبدالله العليمي "للتأكيد على طي صفحة الأزمة البينية التي حدثت في المجلس خلال الأسابيع الماضية نتيجة القرارات التي أصدرها الزبيدي".
الانفراد... والتحالف الدولي
ولكن الأداء السياسي للشرعية في هذا المحفل الدولي الرفيع كان وفقاً لردمان "محبطاً لأنه لم يلتزم سردية سياسية مشتركة من قبل قاداتها، وعلى رغم وجود نقاط التقاء بين العليمي والزبيدي فإن هناك تغريداً منفرداً، تحديداً إشارات الزبيدي حول استقلال الجنوب مثلاً،
إضافة إلى بعض التفاصيل المتعلقة بموضوع الانضمام إلى ’اتفاقات أبراهام‘ مع إسرائيل".
وبصورة عامة، حاولت قيادات الشرعية "أن تبني لنفسها الزخم السياسي المطلوب وكان هناك طرح طموح ويبدو أن العليمي بالغ فيه حينما دعا إلى تحالف دولي لمواجهة الحوثيين".
ويرى ردمان أن هذه الدعوة "قد تكون سمة في الخطاب السياسي المستقبلي للشرعية ولكننا نتساءل عن مدى الاستجابة الدولية لها وهو سؤال مطروح ستجيب عنه الأيام المقبلة".
"الاحتواء" بالقوة
ومع تكرار دعوات الحكومة إلى دعمها دولياً سواء عسكرياً أو اقتصادياً، يتضح من خلال أحاديث رئيسها سعيها إلى استحداث مقاربة دولية "جذرية" تغير نهج التعاطي مع الجماعة الحوثية بمقترح واضح من ضمنه انتهاج خيار "حق القوة" لفرض السلام واستعادة المناطق من قبضة الجماعة الحوثية وفي مقدمتها العاصمة صنعاء،
مما دعا إليه العليمي الذي طالب خلال جلسة حوارية لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي "بتغيير سياسة الاحتواء" التي اتسمت بها المرحلة الماضية في التعاطي مع "خطر ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني"،
وقال إن "المرحلة الراهنة تتطلب تغييراً جذرياً في النهج بالانتقال من إدارة الصراع إلى مرحلة القوة من أجل السلام".
تحييد الأمم المتحدة
ولعل أبرز مكاسب الدبلوماسية اليمنية التي خرجت بها في نيويورك ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إثر لقائه العليمي "عن نقل مكاتب منظمات الأمم المتحدة إلى عدن وتقييد التعامل مع المناطق الخاضعة لجماعة الحوثي إلى الحد الأدنى باستثناء المساعدات المنقذة للحياة".
ويأتي هذا بعدما اتهمت الحكومة الشرعية الأمم المتحدة بالتعامل مع الحوثيين كسلطة أمر واقع وحذرت من منحها قيمة دبلوماسية دولية على حساب اليمنيين وحكومتهم الشرعية.
توفيق الشنواح
صحافي يمني