
هل تخلط الأندية الغائبة عن مونديال الأندية أوراق البطولات الأوروبية؟
يبدو أن تأثير النسخة الجديدة من مونديال الأندية لم يقتصر فقط على المتعة التي قدّمتها أول نسخة بمشاركة 32 فريقاً، والتي تُوّج بها نادي تشلسي الإنكليزي، بل امتد ليشمل القيمة المالية الكبيرة، التي حصدتها الفرق المشاركة من الجوائز السخية، التي وزّعها الاتحاد الدولي لكرة القدم،
هذا الزخم جعل العديد من الأندية الغائبة عن البطولة تندب حظّها، بعدما فاتها قطار المشاركة، والامتيازات المادية والترويجية، التي رافقت الحدث العالمي الجديد.
ومع إسدال الستار على مونديال الأندية 2025، وانطلاق التحضيرات الصيفية للموسم الجديد، بدا واضحاً حجم الإرهاق، الذي نال من لاعبي العديد من الفرق، خصوصاً تلك التي شاركت في كأس العالم للأندية وبلغت الأدوار المتقدمة.
هذا الوضع دفع إدارات الأندية إلى تأخير موعد العودة إلى التدريبات، ومنح اللاعبين فترة راحة تصل إلى 21 يوماً، لاستعادة الجاهزية البدنية والذهنية.
ومن المنتظر أن تستأنف معظم الفرق تدريباتها مع بداية شهر أغسطس/ آب المقبل، قبل أسابيع قليلة فقط من عودة الدوريات الأوروبية الكبرى، وانطلاق موسم كروي جديد في القارة العجوز.
وستكون الأندية الغائبة عن كأس العالم للأندية، خصوصاً تلك التي تنافس على الألقاب محلياً وقارياً، الأكثر استفادة من هذا التأخير،
إذ ستتمكن من بدء الموسم الجديد بأفضلية واضحة على مستوى الجهوزية البدنية، بعد أن أتيحت لأجهزتها الفنية فترة إعداد أطول وأكثر استقراراً.
ويُعد ليفربول، بطل الدوري الإنكليزي الممتاز في الموسم الماضي، أحد أبرز الفرق التي غابت عن البطولة العالمية، رغم حسرة جماهيره على عدم المشاركة، بالنظر إلى المستويات القوية التي قدمها الفريق.
ومع ذلك، قد يصب هذا الغياب في صالح “الريدز”، إذ سيكون الفريق قد قطع أشواطاً متقدمة في التحضيرات، مقارنة بأندية مثل تشلسي، الساعي للتويج المحلي، ومانشستر سيتي، الذي يسعى لتعويض موسمه الماضي، وكلاهما لم يستأنف التدريبات بعد.
كما يستفيد أيضاً أرسنال من غيابه عن البطولة، في ظل اكتمال تحضيراته مبكراً، إلى جانب الصفقات القوية التي أجراها، وكذلك ليفربول، لتعزيز الصفوف.
وتمنح هذه المعطيات الفريقين أفضلية نسبية قد تنعكس على انطلاقتهما في”البريمييرليغ”، وتضعهما في موقع مثالي للمنافسة المبكرة على اللقب.
وعلى مستوى الدوري الإسباني، يُعدّ نادي برشلونة الإسباني أبرز المستفيدين من غيابه عن بطولة مونديال الأندية 2025، ولا سيّما في ظل تأخر عودة منافسيه المباشرين على اللقب، ريال مدريد وأتلتيكو مدريد، إلى التدريبات حتى الآن.
وفي المقابل، أنهى الفريق الكتالوني مرحلته التحضيرية في إسبانيا، وبدأ جولته الآسيوية، استعداداً للموسم الجديد، وهو ما يمنحه أفضلية من حيث الجهوزية البدنية والفنية، إلى جانب استفادته المادية من العائدات التسويقية لهذه الجولة،
في وقت يعيش فيه النادي نوعاً من الاستقرار الفني، تحت قيادة الألماني هانسي فليك (60 عاماً).
وفي الجهة المقابلة، تسعى إدارة أتلتيكو مدريد إلى تجديد دماء الفريق، من خلال سوق انتقالات نشطة، في محاولة للعودة إلى الواجهة المحلية والقارية.
أما ريال مدريد فيخوض مرحلة انتقالية جديدة مع مدربه الإسباني الشاب، تشابي ألونسو (43 عاماً)، الذي ستكون مهمته صعبة في التحضير للموسم الجديد، بعد التأخر في العودة إلى التدريبات.
وهذا التفاوت في الجهوزية قد يُلقي بظلاله على بداية الموسم في “الليغا”، ويمنح برشلونة انطلاقة أكثر ثباتاً في صراعه للمحافظة على اللقب.
وفي إيطاليا، قطع ناديا نابولي، حامل لقب "الكالتشيو"، وميلان خطوات متقدمة في التحضيرات للموسم المقبل، إذ يسعى فريق الجنوب إلى تأكيد هيمنته على الدوري الإيطالي، واستعادة بريقه المحلي.
وفي المقابل، يطمح ميلان إلى النهوض من موسمه المخيّب، مستفيداً من التعاقد مع المدرب ماسيميليانو أليغري (57 عاماً)، الذي بدأ إعادة بناء الفريق وفق رؤية فنية جديدة تأمل الجماهير أن تعيد "الروسونيري" إلى منصات التتويج.
ويأتي هذا في وقت، يُسجَّل تأخّر واضح في انطلاقة كل من يوفنتوس وإنتر ميلان، ما قد يُساهم في خلط أوراق المنافسة على لقب الـ”سكوديتو”، ويفتح المجال أمام انطلاقة قوية لأندية كانت تُعد أقل حظاً في السابق.
وفي الدوري الفرنسي، سيحاول نادي أولمبيك مرسيليا استغلال الإرهاق الكبير، الذي أصاب باريس سان جيرمان، بعد موسم طويل ومرهق، خاض خلاله الفريق الباريسي المنافسة على جميع الجبهات، وبلغ ثلاثة نهائيات، بدءاً من كأس فرنسا، ومروراً بدوري أبطال أوروبا، ووصولًا إلى كأس العالم للأندية.
إضافة الى الدوري الفرنسي، وهذا الضغط البدني المكثّف استنزف طاقات اللاعبين، الذين سيعودون إلى التدريبات في وقت متأخر، مقارنة ببقية أندية "الليغ1"، ما قد يُؤثر على انطلاقتهم في الجولات الأولى،
بينما باشر مرسيليا استعداداته للموسم الجديد مبكراً، وخاض عدداً من المباريات الودية، التي منحت مدربه الفرصة لتجربة التشكيلة وتثبيت النهج التكتيكي، في وقت يسعى فيه فريق الجنوب إلى استعادة لقب الدوري الفرنسي، الغائب عن خزائنه منذ سنوات.
وفي السياق ذاته، يبدو أن نادي موناكو بدوره يترصّد الفرصة، مُعززاً بصفقاته الجديدة، على أمل استثمار تراجع جهوزية سان جيرمان، للدخول في سباق المنافسة مبكراً.
وفي الدوري الألماني، سيخوض الثنائي: بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند الموسم الجديد على وقع الظروف نفسها، بعد مشاركتهما معاً في مونديال الأندية لكرة القدم، وهو ما أدى إلى تأخّر انطلاق تحضيراتهما الصيفية، ما قد يُلقي بظلاله على بدايتهما في "البوندسليغا".
أما باير ليفركوزن، الذي كان منافساً شرساً على اللقب في المواسم الأخيرة، فيدخل الموسم الجديد بوجه مختلف، بعد رحيل مدربه الإسباني، تشابي ألونسو، نحو ريال مدريد، ومغادرة عدد من نجوم الفريق إلى أندية أوروبية أخرى.
هذا التحوّل الفني والبشري قد يُضعف من قدرة ليفركوزن على تكرار الأداء المميز، الذي قدّمه في الموسم الماضي، ويسهّل مهمة عملاقي ألمانيا في النجاة من تأثيرات "الموندياليتو".
وسيكون أمام الطاقم البدني والجهاز الطبي للأندية، التي شاركت في مونديال الأندية 2025، مهمة كبيرة تتطلّب الكثير من الدقة والجاهزية، من أجل استعادة اللياقة البدنية للاعبين وتحضيرهم بأفضل شكل ممكن، بعد موسم طويل ومرهق.
كما سيكون عليهم وضع برنامج تدريبي محكم يُراعي خصوصية التأخر في التحضيرات، بهدف الوصول إلى أعلى درجات الجاهزية، في أقرب وقت ممكن، وتفادي فقدان النقاط في الجولات الأولى، التي قد تكون حاسمة في سباق التتويج بالبطولات مع نهاية الموسم.