
جولة مفاوضات مرتقبة... هل تفكك جمود مسار «هدنة غزة»؟
الرأي الثالث - وكالات
يزداد الحديث عن جولة مفاوضات مرتقبة، بشأن التوصل لهدنة جديدة في قطاع غزة، بينما يستمر التصعيد العسكري الإسرائيلي بالقطاع، دون رد رسمي على المقترح الجديد لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً والذي وافقت عليه «حماس».
الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن أن الجولة المقبلة قد تكون خلال أيام بالقاهرة، دون تأكيد مصري، وهو ما يراه خبراء مجرد مناورات إسرائيلية يقابلها تصعيد على الأرض وحال حدوثها ستكون مفاوضات من أجل المفاوضات دون نتائج حقيقية،
وأكدوا أنه لا مؤشرات على تفكيك جمود مسار التوصل لهدنة في ظل ذلك الوضع إلا إذا ضغطت واشنطن على إسرائيل، وهذا غير واضح حتى الآن.
وعبر المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، عن أمله في أن «يشهد مسار المفاوضات انفراجة تؤدي إلى التوصل لاتفاق»،
مضيفاً في تصريحات، الأحد، أن «الكرة الآن في ملعب إسرائيل بعد تقديم مقترح مصري - قطري، ولا ينقص الاتفاق سوى توافر الإرادة السياسية اللازمة لدى إسرائيل».
ووفقاً لما نقلته «إسرائيل هيوم»، مساء السبت، «تتزايد احتمالات مغادرة وفد إسرائيلي، مطلع هذا الأسبوع، على الأرجح إلى القاهرة، لاستئناف المفاوضات حول وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب»
وذلك بعد نحو أسبوع من تسليم الوسطاء إسرائيل مقترح هدنة لمدة 60 يوماً وافقت عليه «حماس» دون رد رسمي إسرائيلي بعد، وتمسك بشروط إتمام صفقة شاملة تشمل نزع سلاح الحركة.
وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول، الأحد، «الأهمية البالغة لاستجابة إسرائيل للمقترح الذي وافقت عليه (حماس) وتنفيذ عناصره»،
محذراً من أن «استمرار إسرائيل في توسيع عملياتها العسكرية داخل القطاع لن يسفر عنه سوى تأجيج الوضع المتأزم».
وشدد على أن «رفض إسرائيل المقترحات المطروحة تقوض الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى السلام والاستقرار في المنطقة».
بينما قالت «حماس»، في بيان، الأحد، إن تصديق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على خطة احتلال غزة بعد موافقتنا على مقترح الوسطاء «يؤكد إصراره على عرقلة الاتفاق»،
مضيفة: «وافقنا على صفقة جزئية، وأبدينا استعداداً لصفقة شاملة، لكن نتنياهو يرفض كل الحلول، ويتحمل المسؤولية عن أسراه».
وأعلن نتنياهو، خلال تفقُّده وحدات عسكرية تُقاتل في غزة، الجمعة، أنه صادَقَ على خطط الجيش للسيطرة على مدينة غزة، و«هزيمة» حركة «حماس»،
ووجّه ببدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع المحتجَزين، وإنهاء الحرب «بشروط مقبولة من إسرائيل»، في إشارة للشروط الخمسة وأبرزها نزع سلاح «حماس» وهو ما ترفضه الحركة عادة.
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، يعتقد أن تلك التسريبات الإسرائيلية متعمدة، وتأتي للتغطية على استمرار العملية العسكرية المرفوضة عربياً أو دولياً وتخفيف الضغوط،
مشيراً إلى أن نتنياهو مستمر في حيله ومناوراته، وقد يرسل وفداً بلا صلاحيات، ومن ثم محادثات بلا نتائج ولا تفكيك لجمود مسار الهدنة.
ويتوقع أن يستمر هذا السيناريو الإسرائيلي الذي يميل للتصعيد أكثر من التفاوض حتى 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ليعلن نتنياهو في ذكرى الحرب أنه المنتصر،
لافتاً إلى أن «حماس» لن تقبل بشروط نزع السلاح وما شابه، ومن ثم فلا مؤشرات قوية تعزز الذهاب لاتفاق حالياً.
ولا يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن تستطيع جولة المفاوضات المرتقبة تفكيك جمود مسار الهدنة إلا ضغطت واشنطن على إسرائيل، أو إذا شعر نتنياهو بأنه سيحقق شروطه الخمسة وفي مقدمتهم نزع سلاح «حماس»، وهذا ما لا سيتم.
ويرى مطاوع أن «هناك فتوراً واضحاً وعدم اهتمام إسرائيلي بإرسال وفد سريعاً، مقابل خطوات سريعة لقطع شوط سريع في العملية العسكرية»،
مرجحاً أن يطلب نتنياهو حال عاد للتفاوض بإطلاق سراح كل الرهائن الأحياء، ولن يقبل بزيادة عددهم لما هو فوق المقترح حالياً 10 رهائن، وهذا يزيد صعوبة المفاوضات.
وتلك التطورات تأتي بينما أفادت وسائل إعلام فلسطينية، الأحد، بأن الجيش الإسرائيلي واصل هجومه على مدينة غزة شمال القطاع، منفذاً عمليات قصف ونسف لمنازل بحي الزيتون وجباليا البلد،
تزامناً مع تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، عبر منصة «إكس»، بالمضي قدماً في احتلال كامل قطاع غزة والذي أثار قلقاً عالمياً واعتراضات في الداخل.
ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مصدر عسكري قوله إن «الانطباع السائد هو أن نتنياهو مُصرّ على العملية حتى النهاية، لأنه يُدرك أنه من دونها لن يكون قادراً على الحفاظ على تماسك الحكومة، وستنهار».
ويرى حسن أن التصعيد العسكري الإسرائيلي على الأرض سيستمر كنوع من الضغط، ولن يقبل بأي حلول وسط، أو لن يقدم ضمانات، ولو تم حل نزع السلاح بصيغة تجمعيه فهناك شروط أخرى تهدد المسار التفاوضي،
مؤكداً أنه في ضوء ذلك قد يكون الاتفاق تحت ضغوط الوسطاء لا سيما واشنطن وارداً، ولكن احتمال التوصل له ضعيف. ويعتقد مطاوع أن إسرائيل أمامها الآن هدف استراتيجي هو إتمام تصعيدها العسكري بشكل له الأولوية عن إعادة الرهائن أو المفاوضات.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تضييق الخناق على مدينة غزة ضمن هدفه الرامي لاحتلال المدينة بعد مصادقة المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" على الخطة التي قدمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي وصفها بخطة "حسم الحرب" ضد حركة حماس.
ويعمل جيش الاحتلال الإسرائيلي ميدانياً على زيادة حجم الضغط على سكان مدينة غزة وأطرافها الشمالية على وجه الخصوص من أجل إجبارهم على النزوح نحو مناطق وسط القطاع وجنوبه تمهيداً للعملية العسكرية الكبرى.
وصعّد الاحتلال من وتيرة القصف والاستهدافات خلال الأسبوعين الماضيين على مدينة غزة بشكل أكبر مما كان عليه في السابق، سواء عبر القصف المدفعي الذي يتركز في المناطق الشرقية والمناطق الجنوبية الشرقية من المدينة أو عبر الغارات الجوية التي تستهدف المناطق الغربية والشمالية الغربية منها.
ويومياً، تشهد منطقة حي الصبرة جنوبي المدينة عمليات قصف واستهدافات مركزة، بالإضافة لعمليات النسف التي تشهدها منطقة حي الزيتون شرقي المدينة، والتي تجرى بشكل مكثف مع حلول ساعات الليل المتأخرة.
كما تشهد المنطقتان استهدافات مركزة لا تقتصر فقط على تدمير المنازل بل تصل إلى استهداف المراكز التي كان يوجد فيها سكان مثل المدارس والمنشآت والبنية التحتية، ما خلف عشرات الشهداء والجرحى.
أما حيا الشجاعية والتفاح شرقي المدينة، فإن جيش الاحتلال واصل عمليات القصف المدفعي المركز فيهما تزامناً مع عمليات إطلاق نار من الطائرات المسيرة "كواد كابتر" تستهدف الفلسطينيين في المنطقة أو الذين يحاولون الوصول إلى مناطق سكنهم لتفقد ما تبقى من ممتلكاتهم.
بدورها، منطقة حي الرمال وسط مدينة غزة تشهد هي الأخرى عمليات استهداف متكررة لبعض الشقق السكنية أو خيام النازحين، وهو ما تكرر عدة مرات خلال الأيام الماضية، ما تسبب في تسجيل عدد من الشهداء والجرحى في صفوف السكان.
وتعرض حي الشيخ الرضوان شمال غربي مدينة غزة، حيث مئات الآلاف من السكان والنازحين، لعدة غارات طاولت خيام نازحين وشققاً سكنية خلال الأيام القليلة الماضية فضلاً عن استهدافات داخل المدارس التي تضم نازحين عبر المسيرات "كواد كابتر".