
ما هي سيناريوهات المواجهة بين جماعة الحوثي وإسرائيل بعد «الاغتيال»؟
توعد الاحتلال الإسرائيلي، بالرد على أي محاولات من قبل جماعة الحوثي لاستخدام الأسلحة الكيميائية، وذلك تعقيباً على تقارير اخبارية أفادت بأن جماعة الحوثي بدأت بإنتاج أسلحة كيميائية.
وقال مستشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، دميتري جندلمان، القول "إسرائيل سترد على أي تهديدات من أولئك الذين يسعون للإضرار بأمن مواطنينا." في إشارة إلى الحوثيين، في اليمن. وفقا لما نقلته وكالة "تاس" الروسية.
وكان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قد حذر من تصعيد وصفه بالخطير بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن، بعد سلسلة من الضربات المتبادلة التي وضعت البحر الأحمر وصادرات الطاقة الإقليمية في قلب التوترات.
وقال المعهد في تحليل للباحثة أبريل لونجلي آلي إن كلا الطرفين، رغم تهديداتهما العلنية، يواجهان قيودًا عملية وعسكرية قد تعيق تحقيق أهدافهما.
وأكد التحليل أن النتيجة المباشرة لهذا التصعيد تتمثل بزيادة المخاطر على المدنيين والأمن البحري والاستقرار الإقليمي.
واعتبر التحليل الغارات الأخيرة على صنعاء التي استهدفت رئيس وأعضاء حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا) رسالة إسرائيلية حادة ومباشرة.
وحسب التحليل فإن المسار المباشر هو تصعيد عسكري متبادل: الحوثيون يهددون بالانتقام ويواصلون هجماتهم، فيما يعتبر مسؤولون إسرائيليون أن العملية ليست سوى بداية حملة أوسع قد تستمر حتى بعد أي وقف محتمل لإطلاق النار في غزة.
وطبقا للتحليل فإن الأخطرهو استهداف سفينة قرب الساحل الشمالي السعودي، وهو ما قد يفتح الباب أمام حملة حوثية في مناطق من البحر الأحمر كانت تُعتبر آمنة، ما يشكل تحديًا للوفاق الهش بين الجماعة والسعودية.
في 28 أغسطس/آب، أسفرت غارة جوية إسرائيلية في صنعاء عن مقتل ما لا يقل عن اثني عشر عضوًا من الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون، بمن فيهم رئيس الوزراء، وإصابة آخرين بجروح خطيرة.
ورغم أن مدى انتماء هؤلاء الوزراء إلى الجماعة يبقى معقدًا، إلا أن الغارة جاءت كرسالة مباشرة.
ما هي سيناريوهات المواجهة بين «جماعة الحوثي » وإسرائيل بعد «الاغتيال»؟
شكّلت جريمة الاغتيال الإسرائيلية لرئيس وأعضاء في حكومة الحوثي في 28 آب/أغسطس منعطفًا مهمًا في مسار المواجهة بين الطرفين؛ ما يدفع للسؤال: هل يمكن أن تعود المواجهة بين «جماعة الحوثي » وإسرائيل إلى ما كانت عليه قبل تشرين الأول/أكتوبر 2023،
أي إلى نقطة الصفر في حال تم التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ويتوقف بموجبها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما حصل في الهدنة التي تم إعلانها في كانون الأول/ديسمبر الماضي، واستمرت حتى آذار/مارس؟
وما هي السيناريوهات المحتملة للمواجهة بين «جماعة الحوثي» وإسرائيل لاسيما بعد غارات 28 آب/اغسطس على صنعاء؟
يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في مركز الدراسات والبحوث بصنعاء، عبد الكريم غانم ، أن المواجهة بين «أجماعة الحوثي» وإسرائيل قد تتراجع في حال تم التوصل إلى تسوية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، لكنها لن ترجع إلى نقطة الصفر.
وقال:»ارتبطت المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل بإسناد المقاومة الفلسطينية في غزة وفك الحصار عنها، وفي حال تم التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وتوقفت بموجبها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة،
من المتوقع أن تنخفض وتيرة المواجهات بين الحوثيين وإسرائيل»، مستبعدًا «عودتها إلى نقطة الصفر، لاعتبارات كثيرة؛ فالمواجهة مع إسرائيل لم تعد مقيدة بقواعد الاشتباك التي كانت معتادة قبل 28 آب/أغسطس،
حيث تحولت الغارات الإسرائيلية من استهداف المنشآت المدنية إلى استهداف القيادات السياسية الحوثية، بما يعنيه ذلك من تغلغل استخباراتي إسرائيلي في صفوف الحوثيين، وما يتطلبه من تغيير نوعي وكمي في الهجمات الحوثية على إسرائيل، فتعاظم الهجوم يتطلب تعاظم الهجوم المضاد».
لكنه يقول إن هذا «لا يعني أن صنعاء في طريقها للتحول من جبهة إسناد إلى جبهة أصلية في المواجهة مع إسرائيل، فهذه الجبهة مرتبطة بعودة السلام والاستقرار لغزة وفك الحصار عنها، إلى جانب رهان محور المقاومة على الحوثيين في إظهار احتفاظه بقدرته على الردع».
أما ما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة لهذه المواجهة؛ فيتعقد غانم أن هناك سيناريوهين:
«الأول: استمرار الهجمات والهجمات المضادة بين إسرائيل والحوثيين، ولا يرتبط هذا السيناريو كثيرًا بالاستهداف الإسرائيلي لعدد من الوزراء والقيادات السياسية الحوثية، بقدر ارتباطه باستمرار الحرب على غزة،
فمن المرجح أن تستمر الهجمات الحوثية على إسرائيل، مع تطور محدود في نوعية الصواريخ والمسيّرات، يقابله توسع بنك الأهداف الإسرائيلية في الاغتيالات، وفيما عدا ذلك سيحافظ الجانبان على قواعد الاشتباك التي انتهجاها طوال الفترة الماضية،
حيث يحرص الحوثيون على تقديم أنفسهم كجبهة إسناد لغزة، وهم بذلك يحافظون على موقعهم في محور المقاومة».
وأشار إلى أن «استمرار الهجمات الحوثية على إسرائيل يرتبط بدرجة أساسية باستمرار الحرب على غزة، وفي هذا السياق يمكن القول إن طموحات نتنياهو في الفوز بالانتخابات القادمة كفيلة بتبديد أي أمل في التوصل لهدنة في غزة على المدى القريب،
الأمر الذي يعني استمرار الهجمات والهجمات المضادة بين إسرائيل والحوثيين، ودخول الطرفين حرب استنزاف، لاسيما على المستوى الاقتصادي، لكلا الجانبين».
أما السيناريو الثاني فيضيف غانم: «عقد اتفاق هدنة في غزة، تضع معها الحرب أوزارها،
وهذا السيناريو مدفوع بضغوط الدول الأوروبية ورغبة الرئيس ترامب في تحقيق سلام يعيد ما تبقى من أسرى لدى حماس، وفي هذه الحالة من المتوقع أن تتوقف الهجمات الحوثية على إسرائيل».
لكن عبد الكريم غانم يرى «أن احتمالات تحقق هذا السيناريو تعد ضئيلة في ظل ما تعتقد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة أنها فرصة لاحتلال قطاع غزة ومواصلة سياسة الاستيطان».
ما خلف كواليس العملية الإسرائيلية في صنعاء؟
سلط موقع المونيتور الأمريكي الضوء على الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات في جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء أواخر أغسطس الماضي.
وقال الموقع في تقرير إن "الدروس المستفادة من ضربات إسرائيل على قيادات الحوثيين في صنعاء أنها تحمل أوجه تشابه عملياتية مع هجمات إسرائيل على إيران في يونيو الماضي.
وأضاف "لسنوات، اعتبرت أجهزة الأمن الإسرائيلية التهديد الحوثي هامشيًا إلى حد كبير. لكن الهجمات المستمرة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على إسرائيل عقب هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أجبرت على تغيير موقفها".
وأفاد "لم توقف الغارة الإسرائيلية على اجتماع لمسؤولي قيادات الحوثيين في صنعاء في 28 أغسطس/آب نشاط الجماعة الصاروخي تجاه إسرائيل، رغم أنها قضت على قياداتها.
منذ الهجوم، أطلق الحوثيون ثلاثة صواريخ باليستية، منها صاروخ مزود برأس حربي عنقودي، بالإضافة إلى طائرة مسيّرة. قبل بضعة أشهر فقط، كثّفت إسرائيل جمعها للمعلومات الاستخباراتية عن الجماعة المدعومة من إيران.
وتابع "منذ يوليو، وتحت قيادة رئيس الأركان العامة الجنرال إيال زامير، وسّعت إسرائيل بشكل كبير عملياتها الاستخباراتية في اليمن، مُخصصةً المزيد من الموارد لرسم خرائط نشاط الحوثيين وتكوين صورة دقيقة لتحركات الجماعة وقيادتها".
الوضع الراهن وفق التقرير لم يكن اليمن، الذي يبعد حوالي 2000 كيلومتر (1242 ميلاً) عن إسرائيل، أولوية قصوى للمخابرات الإسرائيلية، لكن الهجمات المستمرة بالصواريخ والطائرات المسيرة أجبرت على تغيير موقفها.
وحسب التقرير فقد اكتشفت إسرائيل الأسبوع الماضي أن مجلس وزراء الحوثيين كان يجتمع سرًا في فيلا بصنعاء.
ومن هناك، تحركت الأحداث بسرعة: نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي ضربة مُخطط لها بعناية، مما أسفر عن مقتل 11 مسؤولًا حوثيًا على الأقل.
وأردف "الدروس المستفادة من ضربات إيران: يُشير خبراء الأمن الإسرائيليون إلى أن ضربة صنعاء تحمل أوجه تشابه عملياتية مع هجمات إسرائيل على إيران في يونيو.
وقال إن كلتي العمليتين تطلبتا رحلات جوية طويلة المدى تقارب ألفي كيلومتر، واعتمدتا على معلومات استخباراتية جُمعت بدقة.
وبينما تطلبت مهمة اليمن تزويدًا مستمرًا بالوقود جوًا، كان مسار الطيران فوق البحر الأحمر أقل خطورة من الطريق إلى إيران، الذي يعبر أراضي معادية.
ويرى محللون إسرائيليون أن عملية اليمن قد تكون بمثابة بروفة لضربات مستقبلية محتملة على إيران.