العبث الحوثي يغلق أكبر المتاحف اليمنية بعد 54 عاماً من افتتاحه
أغلق المتحف الوطني في العاصمة صنعاء أبوابه أمام الزوار للمرة الأولى منذ افتتاحه قبل 54 عاماً بسبب الإفلاس بعد أن أوقف الحوثيون موازنته.
وبينما عجزت إدارته، وهو أكبر المتاحف، عن دفع مرتبات العاملين ومخصصات الكهرباء والمياه، يستمر العبث بالمواقع الأثرية على مرأى ومسمع من سلطة الجماعة وتهريب الآثار إلى الخارج.
وأعلنت الهيئة العامة للآثار والمتاحف الخاضعة لسلطة الحوثيين إغلاق كلٍّ من المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي في صنعاء، بسبب عجزها عن سداد النفقات التشغيلية اللازمة، بما في ذلك أجور الموظفين وفواتير الكهرباء.
وأعربت في بيان لها عن اعتذارها لزوار المتاحف عن هذه الخطوة، وأكدت أن الإغلاق كان خارجاً عن إرادتها، وأنها تبذل جهوداً لمعالجة الإشكاليات المالية واستئناف فتح المتاحف أمام الجمهور في أقرب وقت ممكن.
ومع أن الهيئة لم تقدم أي توضيحات عن مصير عائدات هذين المتحفين، وما إذا كان الحوثيون يصادرون عائدات هذه المتاحف، فإنها تجنبت أيضاً الحديث عن الموازنة السنوية التي يُفترض أنها اعتُمدت لهذا القطاع من الحكومة الحوثية التي لا يعترف بها أحد، وهل صُرفت أم أنها موقوفة كما حصل مؤخراً مع هيئة الحفاظ على المدن التاريخية.
وكانت الأخيرة قد شكت علناً من عجزها عن أداء أي دور لحماية وتأهيل عشرات من المباني التاريخية في مدينة صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي، والمهدَّدة بالانهيار بسبب الأمطار الغزيرة والمتواصلة التي هطلت على المدينة.
قرار مفاجئ
جاء قرار إغلاق المتحف بشكل مفاجئ بعد أقل من شهرين على إعلان الهيئة العامة للآثار أن المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي شهدا إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار والفئات، للاستمتاع بالعروض الثقافية والتاريخية التي تسلط الضوء على تراث الدولة الغني وتاريخها العريق.
ونقلت الهيئة عن إدارة المتحفين القول إن عدد الزوار تجاوز التوقعات، وأعادت هذا الإقبال إلى ما سمّته تنامي الوعي المجتمعي بأهمية زيارة المتاحف بوصفها وجهات تعليمية وترفيهية، لا سيما في المناسبات الوطنية والدينية، ورأت في ذلك تأكيداً على نجاح الجهود المبذولة لتعزيز الثقافة وحفظ التراث.
كان المتحف الوطني اليمني قد تأسس في صنعاء عام 1971م في أحد القصور التي كانت مملوكة لنظام حكم الأئمة الذي أُطيح به في مطلع ستينات القرن الماضي، وكان يسمى «دار الشكر» ويقع بجوار ميدان التحرير في قلب العاصمة.
وكان المتحف آنذاك يحوي قسمين رئيسيين؛ أحدهما للآثار القديمة والآخر للتراث الشعبي، ثم تلا ذلك إعداد قسم للآثار الإسلامية.
المتحف انتقل مؤخراً إلى مبنى آخر يسمى «دار السعادة» الواقع بجوار الموقع السابق بحكم اتساعه وقدرته على استيعاب المقتنيات الأثرية المتزايدة ولأهمية موقعه، حيث تم ترميمه ليتسع لآثار الممالك اليمنية القديمة والدول الإسلامية ومراحلها في البلاد.
وكانت الحكومة اليمنية تخطط لتوسيعه بشكل حديث إلا أن انقلاب الحوثيين أوقف كل تلك الخطط.
أما المبنى السابق فقد أصبح متحفاً للموروث الشعبي منذ عام 1991، إلا أنه أُغلق لعدة سنوات بحجة عدم وجود دعم وتجهيزات كافية، قبل أن يُعاد افتتاحه مطلع عام 2000، ثم مرة أخرى في 28 مايو (أيار) عام 2006 بعد استكمال عمليات الترميم وإضافة الكثير من الآثار النادرة، وإعادة هيكلة أقسامه.
أقسام متنوعة
يحتوي المتحف الوطني اليمني على آثار قديمة جُمعت من مواقع مختلفة. ويتكون من أربعة طوابق خُصصت غرف منه لعرض التحف والآثار النادرة، وتشمل معروضاته آثاراً يمنية خاصة جاءت من مواقع غيمان والنخلة الحمراء والحقة، وآثار مأرب.
كما يضم ثلاثة أقسام رئيسية؛ هي: قسم ما قبل الإسلام، ويتكون من 7 قاعات هي «قاعة ذمار علي يهبر، وقاعة الخط المسند، وقاعة مملكة معين، وقاعة مملكة حضرموت، وقاعة مملكة سبأ، وقاعة مملكة حمير، وقاعة هدايا رئيس الجمهورية».
أما القسم الثاني الخاص بالعصر الإسلامي فيحتوي على 7 قاعات هي: قاعة المخطوطات، وقاعة الأدوات النحاسية، وقاعة الجوامع (المساجد)، وقاعتا المسكوكات، وقاعة الإنارة، وقاعة الأسلحة، وأخرى لكسوة الكعبة.
أما قسم الموروث الشعبي فتوجد فيه 10 قاعات أخرى؛ هي: قاعة الزراعة، وقاعة فن العمارة اليمنية، وقاعة عشة من تهامة، وقاعة الأزياء، وقاعة اللون الأزرق (النيلي)، وقاعة العرس الصنعاني، وقاعة النسيج التهامي، وقاعة الحليّ الفضية، وقاعة عمل السلال، وقاعة الأعمال الخشبية.