هل يصبح الطبيب والعمدة أمير غالب أول سفير أميركي من أصل يمني في الكويت
أود أن أوضح في البداية أنني شخصيا لا أعرف العمدة أمير غالب معرفة شخصية وإنما تعرفت إليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام واستمعت إلى بعض مقابلاته ومقاطع من جلسة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس أثناء مناقشة ترشيحه سفيرا للولايات المتحدة في الكويت
وقد لاحظت أن الرجل دبلوماسي بالفطرة متحدث جيد ويمتلك حضورا متزنا يعكس صورة مشرفة للعرب والمسلمين بل ويجسد النموذج الأميركي الذي يفتح أبوابه أمام الكفاءات القادمة من خلفيات مختلفة..
جاء ترشيح العمدة الطبيب أمير غالب في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية إلى إبراز التنوع في مؤسساتها الرسمية وإلى إظهار أن الهوية الأميركية الحديثة قادرة على استيعاب كل الثقافات..
فاختيار طبيب يمني مهاجر خدم مدينته كعمدة وأثبت نجاحه في الإدارة المحلية ليكون ممثلا في إحدى أهم سفارات واشنطن في الخليج يوجه رسالة مزدوجة إلى الداخل الأميركي والعالم العربي معا مفادها أن الكفاءة لا تقاس بالأصول بل بالقدرة والالتزام..
غير أن جلسة الاستماع في الكونغرس لم تمر بهدوء إذ واجه العمدة الطبيب أسئلة حادة حول بعض تصريحاته السابقة المتعلقة بإسرائيل وبقضايا الشرق الأوسط..
ومع أن تلك الأسئلة أظهرت حجم الحساسية التي تحيط بالمنصب فإن ردوده الهادئة وحرصه على التوضيح عكسا قدرا كبيرا من النضج السياسي والاتزان الشخصي ..
وهو ما جعل كثيرين من المراقبين يرونه مؤهلا لتمثيل بلاده بوجه جديد أكثر توازنا وانفتاحا على المنطقة العربية..
من المعروف أن ترشيحات السفراء في الولايات المتحدة تمر أحيانا بتعقيدات سياسية وحزبية لا علاقة لها بالمرشح نفسه إذ يلجأ بعض أعضاء الكونغرس إلى تعطيل الترشيحات لأسباب تتصل بالمواقف أو بالتحالفات الداخلية..
وقد شهدت السنوات الماضية حالات مماثلة لمرشحين واجهوا اعتراضات مبدئية ثم جرى تمريرهم بتسويات سياسية أو تفاهمات بين الحزبين..
لذلك فإن مسار ترشيح أمير غالب قد يتأثر بهذه العوامل أكثر مما يتأثر بمؤهلاته الشخصية خصوصا إذا تحولت قضيته إلى ملف رمزي في السجال الانتخابي أو في الصراع حول السياسة الخارجية..
احتمال تعيينه سفيرا لا يزال قائما رغم هذه التحديات فالمسألة تتعلق بمدى قدرة مجلس الشيوخ على تجاوز الانقسامات الحزبية والنظر إلى المؤهلات لا إلى الخلفيات وإن حدثت المصادقة فسيكون ذلك خطوة رمزية مهمة في مسار العلاقة الأميركية الخليجية..
إذ يحمل غالب فهما عميقا لثقافة المنطقة وخبرة عملية في إدارة الأزمات والتواصل الإنساني وهي عناصر تفتقر إليها كثير من الوجوه الدبلوماسية التقليدية ..
إن تجربة العمدة الطبيب أمير غالب تعد نموذجا لما يمكن أن يقدمه المهاجر العربي حين تتاح له الفرصة في بيئة تؤمن بالمواطنة والمساواة فالرجل لم يأت من دوائر النفوذ ولا من خلفية حزبية بل من تجربة مهنية وإنسانية تجمع بين الطب والخدمة العامة..
وإذا ما أصبح سفيرا فسيكون ذلك مكسبا حقيقيا للولايات المتحدة قبل أن يكون إنجازا شخصيا له لأنه سيجسد قيمها في الانفتاح والجدارة والتمثيل الصادق لتعددها الإنساني والثقافي..
* سفير بوزارة الخارجية