
قوات حماية حضرموت... تشكيل عسكري إضافي خارج وزارة الدفاع اليمنية
في الوقت الذي يعد توحيد التشكيلات العسكرية الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تحت مظلة وزارة الدفاع، واحداً من أبرز التحديات التي تواجهها منذ سنوات، تبرز تشكيلات عسكرية إضافية مبنية على أساس مناطقي، مع تشكيل اللواء الأول من "قوات حماية حضرموت".
يزيد ذلك من تعقيدات المشهد، ويضاعف من حجم التحديات، لا سيما أن تعدد التشكيلات العسكرية المسلحة يضعف قدرة الحكومة على بسط نفوذها على الأرض، ويعقّد من صعوبة الدخول في معركة عسكرية ضد الانقلابيين الحوثيين، في ما لو توفرت نيات حقيقية لذلك.
تشكيل "قوات حماية حضرموت"
وأعلن رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، رسمياً تشكيل أول لواء عسكري تابع للحلف، إذ أصدر في 29 يونيو/ حزيران الماضي، قراراً - بصفته القائد الأعلى لقوات حماية حضرموت - قضى بتشكيل اللواء الأول من قوات حماية حضرموت.
وعُيّن العميد ركن الجويد سالمين علي بارشيد، قائداً للواء، والعميد أمان خميس أمان الحبشي، أركان حرب اللواء، والعميد صالح حيمد عمرو العليي، عمليات اللواء.
وكان بن حبريش قد أصدر، نهاية العام الماضي، قراراً بتشكيل "قوات حماية حضرموت"، وتعيين اللواء مبارك أحمد العوبثاني قائداً. ويشغل الأخير أيضاً عضوية اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة العليا المساندة لمجلس القيادة الرئاسي،
وكان مدير عام أمن حضرموت الوادي والصحراء عام 2018.
يأتي تشكيل اللواء الأول من "قوات حماية حضرموت"، في سياق توجه الحلف إلى تشكيل قوات عسكرية قوامها ستة ألوية تضم المقاتلين المنضوين في إطار التشكيل المسلح للحلف، والذي يضم 35 ألف مقاتل، وفقاً لتصريحات سابقة للواء العوبثاني.
ويتبنى حلف قبائل حضرموت الذي تشكل عام 2013 خيار الحكم الذاتي للمحافظة الغنية بالنفط (تصدر حضرموت 80% من صادرات النفط اليمني)، والواقعة جنوب شرقي البلاد، والتي تمثل مساحتها أكثر من ثلث مساحة اليمن.
ويُطالب الحلف بحصة من إيرادات النفط والغاز لصالح المحافظة، إذ ينشر مجاميع مسلحة تابعة له في مناطق الهضبة (هضبة حضرموت)، والتي تضم منشآت النفط والغاز.
وتمثل حضرموت ساحة استقطاب للتشكيلات العسكرية المختلفة التي تتصارع على النفوذ والاستحواذ في المحافظة النفطية الأبرز.
فبالإضافة إلى القوات التابعة لحلف قبائل حضرموت، هناك "درع الوطن"، وهي قوات سلفية بدعم سعودي تابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد محمد العليمي.
وهناك أيضاً "النخبة الحضرمية" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعومة من الإمارات، والتي تفرض سيطرتها على مناطق حضرموت الساحل، وتتمركز في مدينة المكلا.
تُضاف التشكيلات العسكرية المستحدثة إلى قائمة طويلة من التشكيلات العسكرية المحسوبة على الحكومة المعترف بها دولياً، والمستقلة عن وزارة الدفاع، مثل "حراس الجمهورية" و"ألوية العمالقة" و"ألوية المقاومة التهامية" و"ألوية الحزام الأمني".
وتمثل عبئاً إضافياً على قيادة الشرعية التي تبذل جهوداً لتوحيد هذه التشكيلات تحت قيادة وزارة الدفاع، وهي جهود تتعرقل بتوجهات الدول الإقليمية التي تدعم هذه التشكيلات وتمارس عبرها السيطرة والنفوذ على الأرض اليمنية.
تعزيز الأمن
يقول الناطق الرسمي باسم حلف قبائل حضرموت، العكش السعيدي، إن "تشكيل اللواء الأول من قوات حماية حضرموت هو امتداد لتعزيز الأمن والاستقرار في حضرموت واليمن،
بالإضافة إلى قوات النخبة الحضرمية وكل القوى العسكرية الحضرمية منها والأمنية". يعود ذلك برأيه إلى أن "حضرموت وشعبها ينشدون الدولة ويسعون إلى النظام والقانون، وحماية مكتسباتهم وثرواتهم وأرضهم،
وهذا لن يأتي إلا بتلك القوى العسكرية الحضرمية في كافة ربوع حضرموت لتقوية دعائم الأمن والاستقرار".
ويضيف السعيدي أن "حضرموت أصبحت مهمشة، وحقوق شعبها مغيبة عن سياسة الدولة"، معتبراً أن "بعد المماطلة والتسويف في عدم تنفيذ المطالب المشروعة للحضارم،
أصبح محتماً على أبناء حضرموت أن يسلكوا طريق الحفاظ على خيراتهم وثرواتهم وأمنهم واستقرارهم، من خلال انخراط أبنائها في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار بتلك القوى العسكرية الحضرمية".
ويوضح أن هذا الانخراط يشمل "قوات حماية حضرموت، أو النخبة الحضرمية، أو درع الوطن من أبناء حضرموت، فهم دعاة الأمن والاستقرار لحضرموت وشعبها وحمايتها من أي مخاطر تحدق بحضرموت خاصة، واليمن عامة".
ويشدد السعيدي على أن "هذه القوات الحضرمية ستكون صمام أمان لحضرموت واليمن، وهي تابعة للدولة، ومنضوية في وزارة الدفاع والداخلية اليمنية متى ما قامت الدولة بواجباتها تجاه حضرموت وشعبها، وحقه في العيش بكرامة وأمن وأمان واستقرار".
ويضيف أن "حضرموت ستكون قاطرة الدولة المدنية المنشودة، ومتى ما أصبح القائمون على الدولة متجاهلين لها ولمطالبها المشروعة، فالحضارم سيسلكون طريق الحفاظ على حضرموت وشعبها من الانزلاق إلى الفوضى الحاصلة حالياً في المناطق المحررة".
ويقول إن "تشكيل هذه القوات جاء للحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظة بعيداً عن صراع قوى النفوذ والهيمنة".
محاولة للضغط
يأتي تشكيل اللواء الأول من "قوات حماية حضرموت"، وفق المحلل السياسي هشام الحارثي، في ظل "ظروف دقيقة يشهدها اليمن، حيث تتواصل جهود التسوية السياسية المتوقفة، وتتزايد المطالبات بتمثيل أوسع لمختلف المكونات، خصوصاً في المحافظات الجنوبية".
ويضيف ، أن "توقيت تشكيل قوات حماية حضرموت قد يشير إلى محاولة للضغط على الأطراف الفاعلة في المشهد اليمني، أو لترسيخ نفوذ قبلي ومناطقي في فترة تشهد حراكاً سياسياً وعسكرياً مكثفاً".
ويشدد الحارثي على أن "حضرموت تعد محافظة استراتيجية وغنية بالموارد، ولها خصوصية تاريخية واجتماعية، إذ لطالما كانت محط أنظار الأطراف المحلية والإقليمية والدولية"،
وبالتالي "فتشكيل لواء عسكري فيها يمكن أن يفسر على أنه محاولة لتأمين مصالح معينة، سواء كانت قبلية، سياسية، أو اقتصادية، أو للمشاركة في صياغة مستقبل حضرموت بشكل مستقل عن السلطة المركزية في عدن أو صنعاء".
كما يمكن أن يعكس، وفق الحارثي، "رغبة في ملء فراغ أمني أو سياسي موجود في محافظة حضرموت أو محاولة لترسيخ الحكم الذاتي فيها".
وبرأيه فإنه قد يكون الهدف الأساسي من وراء تشكيل هذا اللواء هو "حماية مصالح قبيلة أو منطقة معينة داخل حضرموت، وتأمينها من أي تهديدات محتملة، أو المطالبة بحقوق وتمثيل أوسع".
ويوضح أن ذلك "في سياق يرى فيه البعض أن حضرموت لم تحصل على نصيبها العادل في السلطة أو التنمية، وكذا مواجهة التحديات الأمنية،
بالإضافة إلى التنافس على النفوذ، سواء كان هذا التنافس قبلياً أو سياسياً، أو مدفوعاً بمصالح خارجية".
ويلفت الحارثي إلى أنه "لا يمكن فصل تشكيل هذه التشكيلات العسكرية عن الدور الخارجي والإقليمي في اليمن، فغالباً ما تدعم أطراف إقليمية معينة فصائل محلية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية".
وتشمل هذه المصالح "تأمين الحدود والمصالح الاقتصادية، وبناء نفوذ سياسي لها في اليمن، ومكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة"،
مضيفاً أن "الداعمين الخارجيين يسعون أيضاً لتعزيز نفوذهم، وإضعاف خصومهم، وإبقاء الوضع في حالة من عدم الاستقرار بما يخدم مصالحهم".
وباعتقاده فإن التشكيلات العسكرية الجديدة "ستعقّد إلى حد كبير جهود الشرعية لتوحيد التشكيلات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، إذ ستؤدي إلى تفتيت الولاءات العسكرية، وجعل توحيد القوات مهمة أكثر صعوبة، إن لم تكن مستحيلة على المدى القصير".
بالإضافة على "تقويض سلطة وزارة الدفاع، مما يؤدي إلى فوضى وتضارب في المهام، كما ستؤدي إلى حدوث صراعات داخلية على النفوذ والموارد، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويجعل جهود توحيد الصف شبه مستحيلة".
ويشدد الحارثي على أن "الاعتماد على الدعم الخارجي يجعل هذه التشكيلات أقل خضوعاً لسلطة الشرعية وأكثر ولاءً لجهات خارجية".
فخر العزب
صحافي يمني